"وسام سارة" يوّحد السوريين: أما آن لهذا القتل أن يتوقف؟


04 شباط 2014

 

كان السوريون المعارضون على موعد يوّحدهم هذا الإسبوع بعد طول خصام في أروقة السياسة على خلفية الموقف من جنيف2 والتسلح والجماعات الإسلامية المسلّحة والتحولات المتسارعة التي تشهدها الانتفاضة السورية.

ولكن مع الأسف أنه توّحد على الموت!

فما عجزت عنه السياسة والوطنية تمكّن منه جثمان الشهيد "وسام سارة" الذي قتل في المعتقل تحت التعذيب، حيث نعاه والده المعارض المعروف "فايز سارة" على صفحته الفيسبوكية، إذ كتب تحت عنوان "وسام فايز سارة شهيداً": "بعد كل ما أصابنا وأصاب شعبنا من قتل واعتقال وتشريد وتدمير وتهجير. اليوم أخبرونا

أنهم قتلوا وسام تحت التعذيب في فرع الأمن العسكري بدمشق بعد شهرين من اعتقاله في دمشق. وبهذا انضم وسام الى قافلة شهداء سوريا شاباً في السابعة والعشرين من عمره أب لطفلين".

وفي التعريف بابنه الشهيد كتب الأب:"وسام في ثورة السوريين كان واحداً من شبابها الأوائل، خرج متظاهراً وناشطاً في الاغاثة وأخوته ضد الدكتاتورية مثل كل السوريين الراغبين بحياة أفضل حياة توفر الحرية والعدالة والمساواة لكل السوريين. كان بجد مناضلا سلمياً من أجل مستقبل سوريا والسوريين. اعتقل وشقيقه الأكبر بسام في ربيع العام 2012، قبل يعتقل في كانون الاول 2013، ويتم تعذيبه حتى الموت.الرحمة والمجد لوسام ولكل شهداء الحرية في سوريا".

لم يكد "فايز" ينهي تعليق نعوة ابنه على الفيسبوك، حتى أصبح الخبر الأكثر تفاعلا وتناقلا بين السوريين الغاضبين على وسائل التواصل الاجتماعي، خاصة أن الأمر جاء في الوقت الذي لم ينهي فيه السوريون بعد غضبهم وحزنهم من صور المعتقلين/ الشهداء الذين قتلوا تحت التعذيب في تقارير بثتها وسائل الإعلام مؤخرا.

رفاق الأب السياسيون والسجناء السابقون معه في زنازين النظام تفاعلوا مع الخبر المفجع، فكتب عضو هيئة التنسيق "رياض درار"باستشهاد وسام فقدنا نجمة غابت من أجل شمس الحرية في بلادنا. العزيز فايز: صمودك مهم لنا، وحياة الفقيد منارة للشباب الصامد"، وكتب رئيس هيئة التنسيق في المنفى "هيثم مناع": "فجعنا بنبأ فقدان ابن النضال الشبابي ضد الفساد والاستبداد من أجل غد ديمقراطي حر لسورية الحبيبة. ليس من ألم يفوق ما تشعران به بفقدان وسام فايز سارة.. في أقبية التسلط والجريمة. ثمن الحرية كبير. ولكن دمعة الوجع ستبقى في العين والقلب لأننا سنحتفظ بحقنا في مناهضة بداهة الموت وبداهة القمع وبداهة العنف. و لأن نضالنا من أجل الحياة والكرامة. لذا كل فقيد خسارة لعضو من أعضاء جسمنا. كل العائلة السورية فقدت شمعة من شمعات الطريق. الرحمة للشهيد والصبر والسلوان لكما ولعائلته الكبيرة".

 

وكتبت عضو الائتلاف الوطني المعارض، وعضو الوفد المعارض المفاوض في جنيف2، السيناريست "ريما فليحان":"أحاول الهرب من عيني الشهيد وسام في الصورة. عيناه تسألان العالم إلى متى سيستمر هذا الظلم. أما آن لهذا القتل أن يتوقف. أما آن لهذا الطاغيه أن يرحل. أما آن لكل تلك السجون أن تغلق".

البعض ربط بين مقتل "وسام" وحضور المعارضة مؤتمر جنيف مع النظام في الوقت الذي لازال يقتل المعتقلون تحت التعذيب، فكتب المعارض المعروف "وليد البني" داعيا لرفض التفاوض مع النظام، إذ قال: "براميل على الأحياء المدنية، قتل تحت التعذيب وآخرهم البطل وسام ابن العزيز فايز سارة، هل يمكن لمن يقتل وسام و آلاف الشباب مثله تحت التعذيب، ولمن يرمي البراميل المتفجرة على المدنيين، ويقتلهم تحت ركام منازلهم، أن يكون شريكا على طاولة مفاوضات جنيف، قبل أن يجبر على التوقف عن ذلك على الأقل، أيوجد ذل أكثر من الطلب من القاتل أن يتوقف عن قتل من تبقى من شبابنا، كشرط لقبوله شريكا في تقرير مستقبلهم ومستقبلنا، ومع ذلك يرفض الأخوة المتحمسين للمفاوضات وضع ذلك شرطا لاستمرارها. لا بد من صرخة في وجوههم ووجه من يجرَّهم إلى ذلك. لا تعودوا للتفاوض قبل وقف القتل تحت التعذيب، والإفراج عن من لم يمت بعد، ووقف الحصار عن الجائعين، والتوقف عن إلقاء براميل الموت على أهلنا".

الفنانون السوريون بدورهم كانوا حاضرين للتعبير عن شعورهم بالحدث المفجع، كل على طريقته، فكتب النحات عاصم الباشا: "لا أعرف فايز سارة، لكنني أعلم ما يعنيه مصابه. سنذكر وسام.. وكل من لم تُنشر صورهم وأخبارهم في هذه الوسائل. جميعهم قُتلوا من أجلنا".

واختارت الفنانة "كندة علوش" أن تسلط الضوء على نبل الأب الذي كتب بوستا آخر قال فيه: "إلى جميع أصدقائي. شكرا على مشاعركم. لكم الصحة والعمر الطويل السلام والحرية والعدالة والمساواة لكل السوريين"، فكتبت: "عندما يتغلب النبل على الحقد والألم.. الأستاذ فايز سارة يشكر من واساه وفي صدره براح للأمل والمحبة.. فهل لنا أن نتعلم".

نبل "فايز سارة" رغم ألمه استوقف الكثيرون، خاصة أن "سارة" لم يعلن حتى لأقرب أصدقائه أن ابنه معتقل إلا حين جاء الأمر عرضا، إذ قال "إياد شربجي": "كل فترة تعارفي مع هذا الرجل في الثورة لم يقل لي مرة واحدة بأن ابنه يشارك بالمظاهرات، وأن عائلته تدفع الثمن، أظنه كان يفترض أن ذلك أمر طبيعي ولا يستدعي التذكير، وقد فوجئت حقا اليوم بأن نجله معتقل منذ شهور. أقول كلّ ذلك لأرد على بعض المرضى النفسيين الذين سخروا من إصرار سارة على سلمية الثورة فكافأه النظام بقتل ابنه تحت التعذيب".

مقتل "وسام سارة" أحيا الجدل حول السلمية والعسكرة مرة أخرى، وإن بطريقة غير مباشرة حيث كتب الفنان سميح شقير:"فليفهم من لم يفهم إلى الآن. النشطاء السلميون هم من يراهم النظام أعدائه الحقيقيين، وهم من يصفيهم جسدياً وبالآلاف تحت التعذيب. أما الإرهابيون فهم من يعطي النظام المبرر في سياسته العنفية الرعناء وكل يوم تتكشف وثائق صلته بهم. هو من بشرنا بهم ثم اخترعهم. قبل قليل قضى واحد من السلميين الرائعين تحت التعذيب (وسام فايز سارة ). وربما ليس آخرهم لهذا اليوم فبالوقت الذي أكتب هذه الكلمات ربما هناك آخرين يلقون نفس المصير. للمؤيدين حتى الآن والذين سيدركون الحقيقة بعد حين أسفي العميق، لأن آلامهم حينئذ لن تعيد الحياة لمئات الآلاف من أروع شباب سوريا وصباياها".

https://www.youtube.com/watch?v=qUj3KcaGsqI

البعض ركز على أن مقتل "وسام سارة" المنتمي الأقلية المسيحية يسحب من النظام شرعية "حماية الأقليات" التي يتبجح بها ويسعى لتسويقها غربيا، في حين أن "فايز سارة" الآب أكد أكثر من مرة أنه ليس ابن أقلية بل ابن وطن، ولهذا كتب "كنان قوجة":"يمكن فايز سارة من السوريين القلائل جداً بعد 3 سنين من الثورة والناس لسه مختلفة بطائفته ومابتعرفها , لأنه سوري وبس, مافي عزاء بمصابك يافايز غير الحرية اللي أستشهد وسام كرمالها".

 

المثقفون السوريون قدموا عزاؤهم لزميلهم سارة أيضا، وركز بعضهم على جبن العالم وتخاذله أمام آلة القتل التي تحصد السوريين، حيث كتب الناقد "خضر الآغا": "عندما يُجبر أهل الشهيد على أن يوقعوا على ورقة تفيد أن ابنهم قتلته العصابات الإرهابية، والعالم كله يسكت عن ذلك، فذلك سبب كاف لأن تقطع كل صلة لك بالعالم. أيها العالم، بيني وبينك ثأر شخصي"، في حين كتب الكاتب الكردي "فاروق حجي مصطفى": "يبدو كل شريف سيدفع الفاتورة. نعم الفاتورة. أتذكر أيها الصديق عندما كنت تقنع ضيوفك بأنه يجب علينا لا نكلف الفواتير أكتر؟ أتذكر كنت تقول نحن دفعنا الفواتير تلو الفواتير، وإضافة إلى كل فواتيرك الآن دفعت الفاتورة الأكبر. نعم الأكبر.لا نعرف كيف نواسيك. ونعزّي من نعزي أنفسنا أم نعزيك، فنعزيك ونعزي أنفسنا لأننا خسرنا شاب بقامة وسام".

 

مقتل وسام تحت التعذيب، تحوّل إلى محاكمة للنظام القاتل، مجردا إياه من أكاذيبه في حماية الأقليات وأنه يحارب "مجرد إرهابيين"، وأحيا الجدل حول العسكرة والسلمية، مؤكدا مرة أخرى أن خصم النظام الأول هو الناشطين السلميين لأنهم وحدهم يقدمون البديل الذي يخافه النظام فيعمل بكل قوته على وأده.

هذا المصنف مرخص بموجب رخصة المشاع الإبداعي. نسب المصنف : غير تجاري - الترخيص بالمثل 4.0 دولي

تصميم اللوغو : ديما نشاوي
التصميم الرقمي للوغو: هشام أسعد