فسيفساء الثورة يعود من كفرنبل


29 تشرين الأول 2015

منذ أن بدأت المظاهرات في سوريا وحتى اليوم، بقي الحراك الثوري في مدينة كفرنبل الأكثر تنوعاً، فهو لم يتوقف عن إدهاشنا باللافتات والشعارات التي تحتفي بجميع الفعاليات وتتضامن مع كافة المدن السورية، ولم يحدث في التاريخ الثوري للمدينة أن رُفع شعار طائفي أو مناطقي، فهي فسيفساء اجتماعي وحد كافة أطياف الشعب السوري، ومن المفارقة أن يتجلى هذا الفسيفساء الاجتماعي في مهنة "الفسيفساء" التي تُعد أهم الصناعات اليدوية في كفرنبل منذ عشرات السنين، باحتوائها على عدة مشاغل وشركات، مثل شركة "إيبلا" التي تأسست عام 1995، علماً أن نسبة العاملين بهذه المهنة أكثر من 40 % من سكان المدينة.

صورة من جدارية الفسيفساء. المصدر: صفحة الناشط رائد الفارس على الفيسبوك
صورة من جدارية الفسيفساء. المصدر: صفحة الناشط رائد الفارس على الفيسبوك

آخر عمل فسيفسائي قدمته كفرنبل كان لوحة ضخمة بعنوان "بانوراما الثورة" حاكت تحولات ومراحل الثورة السورية منذ بدايتها، ويبلغ طولها 24 متراً وعرضها 130 سم، مع احتوائها على وجوه أثرت في الحراك، مثل "غياث مطر" و"أحمد صياصنة" و"باسل شحادة" و"حمزة الخطيب" و"هادي العبد الله "، وذلك برعاية مؤسسة "أورينت" الإنسانية، وبمشاركة 35 فناناً من أبناء المدينة.

لكن هذه اللوحة الضخمة التي احتاج صانعوها إلى أكثر من عام ومليون قطعة حجرية لاستكمالها، والتي رُشحت لدخول موسوعة "غينيس" كأكبر لوحة فسيفسائية في العالم، كانت فسيفسائية أيضاً على مستوى ردود الفعل تجاهها، فقد أثارت صورة رجل الأعمال ومدير شبكة أورينت "غسان عبود" بين الوجوه التي ضمتها اللوحة نقاشات كثيرة وآراءً متباينة، بسبب رفض البعض لوضع صورته متذكرين صور حافظ الأسد التي كانت تُنشر في كافة المدن السورية، معبرين عن خوفهم من "عودة زمن الديكتاتورية"، بينما قال آخرون إن "غسان عبود" من الشخصيات المؤثرة والفاعلة في الثورة، ويستحق أن تُنشر صورته مثله مثل سائر المناضلين.

صورة للعقيد المعتقل حسين الهرموش ضمن جدارية الفسيفساء. المصدر: صفحة الناشط رائد الفارس على الفيسبوك
صورة للعقيد المعتقل حسين الهرموش ضمن جدارية الفسيفساء. المصدر: صفحة الناشط رائد الفارس على الفيسبوك

بدأ النقاش عندما نشر "رائد الفارس" أحد النشطاء في المدينة لوحة الفسيفساء على صفحته الشخصية، متضمنة صورة غسان عبود، ما دفع الأخير إلى أن يشكر أهالي كفرنبل الأحرار على الشرف العظيم الذي منحوه إياه بأن اعتبروه ابنهم وأخوهم وواحداً منهم، حسبما نشر على صفحته الشخصية في فيس بوك، ولكن حين تكاثرت التعليقات المنتقدة للصورة، رد المعنيُّ بأن مؤسسة أورينت الإنسانية-والتي أنتِجت اللوحة باسمها- لا تملك أي مشفى أو عيادة أو مصنع أو مشغل في سوريا، بل تدعم نشاط الأهالي المدني الخدمي التنظيمي الإغاثي الطبي التعليمي. وتؤسس بالتعاون مع أهل أي منطقة سورية، مشافي وعيادات وغيرها"، وحين تتالت التعليقات الرافضة لصورته عاد وكتب "أطلب رفع صورتي من الجدارية البانورامية ووضع ما ترونه مناسباً مكانها"، لأن " إرضاء الناس غاية لا تدرك، فما بالكم بالحاسد الحاقد أو غير الواعي لأهمية دور المجتمع في رفع همة أفراده تجاه المبادرات المجتمعية؟." ولدى سؤال (حكاية ما انحكت) غسان عبود عن مدى تجاوب العاملين مع طلبه رفع الصورة أجاب بأن الأمر ليس سهلاً، فالصورة من الفسيفساء وتحتاج وقتاً طويلاً لاستبدالها، كما لا يعرف إن كانوا سيستجيبون لطلبه أم لا.

الناشط هادي العبد الله ضمن جدارية الفسيفساء. المصدر: صفحة الناشط رائد الفارس على الفيسبوك
الناشط هادي العبد الله ضمن جدارية الفسيفساء. المصدر: صفحة الناشط رائد الفارس على الفيسبوك

بالمقابل أكد عبد الرزاق الحمود رئيس مكتب الإعلام في المجلس المحلي لكفرنبل أن "هذه اللوحة لا تمثل الحراك الثوري في المدينة، فهي "منتج خاص من أحد مؤسسات غسان عبود للفسيفساء"، لكن "لا يمكننا تجاهل الخدمات التي يقدمها مشفى أورينت لكافة المواطنين من ريف إدلب الجنوبي وريف حماه الشمالي، إضافة إلى تشغيل مئة موظف كانوا عاطلين عن العمل"، كما أضاف حمود لـ(حكاية ما انحكت).

هنا نستعرض أهم التعليقات الرافضة والمؤيدة لوضع صورة غسان عبود في اللوحة، وجميع هذه التعليقات مأخوذة من صفحَتي "غسان عبود"، و"رائد الفارس"

لوحة كفرنبل

فسيفساء كفرنبل2فسيفساء كفرنبل3فسيفساء كفرنبل4

هذا المصنف مرخص بموجب رخصة المشاع الإبداعي. نسب المصنف : غير تجاري - الترخيص بالمثل 4.0 دولي

تصميم اللوغو : ديما نشاوي
التصميم الرقمي للوغو: هشام أسعد