زهران علوش، مسرح الجدل السوري


29 كانون الأول 2015

منذ بداية الثورة، لم يُثر حدث في أوساط المعارضين للنظام ما أثاره مقتل زهران علوش، فهذه الشخصية الجدلية والغامضة، والتي ظهرت عام 2012 بتأسيس ما يُسمى جيش الإسلام، قاتلت على جبهات عدة في آن واحد، فإلى جانب حرب زهران مع تنظيم داعش، كان مناوئاً للنظام، كما أن جيشه قام بانتهاكات كثيرة في الغوطة الشرقية، عبر اعتقاله لعدد من النشطاء السلميين، إضافة إلى ذلك، أثيرت فضائح كثيرة حول احتكار جيشه للمواد الغذائية، وحكمه الديكتاتوري للمدنيين، لكن ومن جهة ثانية، يُعد زهران بطلاً لدى البعض، فهو في زمن الحرب اتبع خطاً واضحاً من الصرامة والتوجيه نحو الأولويات دون مراعاة لرافضي منهجه، فقد كان بحسبهم "ديكتاتوراً وطنياً"، وهو المصطلح الذي يذكرنا بعبارة الكاتب ياسين الحاج صالح، الذي قال في أحد حواراته إن أكثر ما تحتاجه سوريا اليوم هو "ديكتاتورية وطنية مؤقتة".

أخيراً قُتل زهران، وتفجرت كل تلك التناقضات حول شخصيته، بين مؤيد لمقتله ومعارض له، أو مؤيد ومعارض في نفس الوقت، فزهران قُتل بصاروخ أسقِط من طائرة روسية، كما أعلن النشطاء في الغوطة، في حين قالت وسائل إعلام النظام إن الصاروخ كان سورياً، هكذا تحسر كارهوه على مقتله بأيدي أعدائهم، لكن ما زاد الجدل اشتعالاً أن قتل قائد جيش الإسلام تم في فترة حساسة جداً، وذلك بعد مؤتمر الرياض للمعارضة السورية، والذي نتجت عنه لجان ستفاوض النظام، علماً أن زهران اعتذر عن الذهاب إلى هذا المؤتمر، كما أن قتل زهران تم خلال أحاديث عن تسوية أممية للأزمة السورية، ومفاوضات تتم بين دول الخليج والروس، وخروج 1500 مقاتلاً داعشياً من جنوب العاصمة إلى "الرقة"، بموجب اتفاق بين جيش النظام و"داعش"، وبعد أيام من مقتل سمير قنطار بصاروخ إسرائيلي، كل هذه العوامل تم ربطها بتصفية "علوش"، فتحدث البعض عن صفقة بين أطراف النزاع بعد انتهاء مهمة زهران الذي أفرِج عنه عام 2009 من سجون النظام، وسُمح له بتكوين جيشه ليكون عميلاً للأسد، في حين أكد البعض أن الصفقة جرت بين الروس وإسرائيل، أو بين السعودية وروسيا، وذلك لانتزاع المجاهد "زهران علوش" الذي يقف في وجه مخطط تقسيم سوريا.

لا تهمنا شخصية "زهران علوش" وكيف نشأت وتطورت وانتهت، بل ما فجره مقتلها من نزاعات كانت مختبئة في صفوف الثورة، والتي تعكس ما وصل إليه الوضع السوري من تضارب وتخبط، بالتأكيد، لن نلتفت إلى أقوال مؤيدي بشار الأسد، فهم بداهة سيفتخرون بـ"جيشهم العقائدي" الذي يحارب الإرهاب، لكن المشادات التي أثارها هذا الحدث في أوساط السوريين المناوئين للأسد تدل على حالة من التشتت لم يسبق لها مثيل خلال السنوات الخمس الأخيرة، إذ لا نكاد نجد سورياً يتفق مع آخر حول ما حدث، أو ما قد سيحدث، هي حالة ضياع أوصلت السوريين إلى قمة الفُرقة، الجميع يحلل ويناقش ويهاجم، في حين أن الجميع غير قادر على فعل شيء واقعي بعد تدويل القضية السورية.

يوماً ما، قد يُسجل التاريخ أن السوريين لم يتفرقوا أكثر من تفرقهم يوم 25/12/2015، ليس لأن زهران علوش قُتل في هذا اليوم، بل لأنه كان يوم اشتباك بالأسلاك الكهربائية التي كان زهران نتيجة مجموعة من الظروف يقف حائلاً دون تماسها، تماماً كما وقف جيشه في الغوطة الشرقية حائلاً بين النشطاء والنظام، أو النظام وداعش، وفي (حكاية ما انحكت)، لا نؤيد ولا نعارض هذا الحدث، لا لأننا رماديون، بل لأن الموقف منه لن يعني شيئاً بقدر ما يعنيه أن نستشف من خلاله حال سوريا اليوم، لذلك نضع بين أيدي القارئ مجموعة من ردود الأفعال التي توالت على صفحات "فيس بوك" خلال الساعات الأولى من مقتل زهران علوش.

بيان جيش الإسلام حول مقتل قائده، المصدر: موقع جيش الإسلام.
بيان جيش الإسلام حول مقتل قائده، المصدر: موقع جيش الإسلام.

لعبة روسية

"إن اغتيال زهران علوش من قبل القوات الروسية سيؤدي الى تعقيد الموقف وسيؤثر على مجرى المفاوضات المنتظرة. إن لم يكن الهدف الروسي اساسا هو نسف المفاوضات من أساسها، والغريب ان الروس اثبتوا قدرتهم على اغتيال الاقل تطرفا بينما البغدادي يسرح ويمرح تحت مرأى طائراتهم" ميشال شماس.

"اغتيال زهران علوش يعني أن بوتين يمسح طيزه بمقررات مؤتمر الرياض بعد أن حصل على ضوء أخضر إسرائيلي" مصطفى حديد.

"سمير القنطار مقابل زهران علوش: لعبة روسية قذرة" كريم العفنان.

"هذا ماوعدنا به "أبناء ناتاشا" من تهيئة الظروف لإنجاح العملية التفاوضية.. قادة جيش الإسلام وفيلق الرحمن شهداء على مذبح "الحل السياسي". لؤي المقداد.

لازم ما نفرح:

"اليوم خرج حوالي 1500 عنصر داعشي من جنوب دمشق باتجاه الرقة برعاية أممية، ومن يومين خرج حوالي 800 عنصر من جبهة النصرة من درعا باتجاه ادلب كمان برعاية أممية.. ومن يومين بيوزع النظام منشورات بالغوطة بيقول فيها لأهل الغوطة: انتم تحت الحصار، خلال يومين ستعود الغوطة إلى حضن الوطن، واليوم بيصير هجوم عالغوطة وبينقتلو قادة جيش الاسلام... أمام هالشي اللي عم يتخطط ألو، بتصير المسألة مو أنو ينقتل زهران علوش أو غيرو، بتصير المسألة أنو هادا القتل ألو أبعاد رح تأثر على كل سوريا.. لذلك بدل مانفرح لمقتل زهران أو غيرو من قيادات الجيش لازم نترقب، عالأقل نترقب، الشي اللي عم يتخطط لسوريا... لهالشي لازم ما نفرح باللي صار. لمايفرح أعداءنا نحنا لازم نفكر قبل مانصير متلن ويجمعنا الفرح الغامر" خضر الآغا.

"أعتقد أن الكائنات التي تدعي المعارضة وتبارك لروسيا قتل زهران علوش هي إما أنها عميلة للنظام وإما أنها مجرد كائنات بلهاء لا تعي ما يجري حولها ولا ما يخطط لسوريتهم التي يحبون" عبسي سميسم.

"اغتيال زهران علوش قائد جيش الإسلام سيكون ضمن سلسلة من اغتيالات قيادات الفصائل لإجبار المعارضة على القبول بحل سياسي يبقي الأسد، ولن يتوقف عندها بل سيكمل الأسد مشوار الاغتيالات حتى من قيادات المعارضة التي قد تقبل ببقائه. لذلك لا حل حتى يرحل المسخ بشار، إنهم لا يعرفون ان الثورة لا تسقط برحيل أي قيادي بل من يسقط هو النظام مع رحيل الأسد، بدأنا الثورة وكل العالم ضدنا وسنكمل المشوار مهما تكالب الصديق ومهما زادت دموية العدو" غسان إبراهيم.

"المجرمون الغزاة الروس يغتالون إبن سورية، إبن دمشق، المقاتل الذي قاتل نظام أسد بشجاعة كبيرة، زهران علوش" أحمد كامل.

"اغتيال زهران علوش الذي وقع على وثيقة مشاركة المعارضة في مفاوضات التسوية السياسية التي جرت بالتنسيق مع المجموعة الدولية وتكللت بإصدار قرار مجلس الأمن رقم ٢٢٥٤ هي أولاً رسالة موجهة للمعارضة السورية بأكملها، تعني أن الحديث عن حلٍّ سياسي هو مجرد خدعة كلامية؛ وأن قرار الروس وحليفهم الأسد هو التصفية المستمرة لرجالاتها وقادتها.في أي حالة أخرى؛ يعتبر مثل هذا الغدر الدنيء اغتيالاً لعملية المفاوضات ذاتها، وإهانة لمجموعة الدول العشرين التي رعتها وتقويضاً لصدقيتها.يخطئ الروس في اعتقادهم بأنهم قادرون على تصفية الثورة السورية؛ وإجبار الشعب السوري على الركوع أمام الصنم الصغير الذي يريدون إعادة تسويقه وتحويله لربّ، رحم الله قائد جيش الإسلام وشهداء الثورة السورية الأبرار جميعاً" برهان غليون.

زهران الأسد:

"بيادق القتل تُقتل في اللعبة. إلى حيث لا رجعة يا علّوش. عامان من التوسل إليك لتأمر بإخراج السلميين الأربعة الذين اختطفتهم ولم ترمش لك عين" رائف العطَّار.

"ما هي إنجازات زهران علوش؟ أنا أعرف عن عمليات الخطف وأعرف أن مئات الآلاف من سكان "دولته" هربوا من إرهابه، بس يمكن فيه ناس يكفيها منه لحيته وشعاره الديني وممانعته\"عدائه" للأسد.. لا يبعد زهران علوش كثيراً عن الجولاني، الجولاني الذي لا يبعد كثيراً عن البغدادي، والبغدادي لم يكن يوماً بعيداً عن الأسد" فاضل الخطيب.

"يا محبيه .. الله يطعمكم الشهادة متله تماماً" طالب ابراهيم.

"إن العين لتدمع والقلب ليحزن على هالحياة الغير عادلة، وهي واحد تاني مات وما شفنا عم يتحاكم" ميليا عضموني.

"زهران علوش أكيد كائن حي سيء، بس الشي الأسوأ إنو يموت هو وآلاف غيره وبشار الأسد يضل قاعد بقصره" ديلر يوسف.

"صكوك الغفران موديل 2015 : اقتل واعتقل وعذب وحاصر وادبح وجوع العالم وخبي الاكل بمستودعاتك واخفي كل مين قال انا مدني وكل مين قال انا مو اسلامي، ولما شي "عدو" يجي يقتلك بتصير بطل وشهيد ومناضل وبتروح معك قصص ثورة وموت ناس وعالم مختفية" نينار عمران.

"يلحق الحبل ع الجرار، عقبى لكل أمير حرب، الحرية لكل مخطوف و معتقل" لويز كريم.

خاطف أم فارس؟

"الطيران الروسي يقتل زهران علوش، الطيران الإسرائيلي يقتل سمير قنطار، هل ننساق إلى الفرح لقتل واحدٍ من خاطفي الثورة، وآخرَ من قاتليها؟، أم نمتنع عن الفرح لأن القاتِلَين هما عدو سوريا القديم وعدوها المستجد؟؟؟؟، فوضى الواقع السوري تشرّش لتصل حتى مشاعرنا" حسان عباس.

"من أهم مظاهر تشوّه وعينا الوطني كسوريين نتيجة صدمة الموت والدمار، هو أننا نختلف على مقتل سمير القنطار وزهران علوش فالأول قاتل بالفطرة وعضو عصابة وليس سورياً ، والثاني سوري عدو للديموقراطية خطف وقتل وجوّع أهل الغوطة وقصف أحياء دمشق وسرق الثورة وشهدائها باسم الاسلام !؟" أشرف الصفدي.

"عندي مشكلة كبيرة جدا، شخصية وعامة، مع زهران علوش، بس ماني مبسوط أبدا بمقتلو على أيد الروس، الروس أعدائي أكتر حتى مما كان زهران عدوي" ياسين الحاج صالح.

"سأصدق ياسين الحاج صالح في بوسته عن زهران علوش، إذا كتب مقالاً في الحياة عن الشاعر الفلسطيني أشرف فياض المحكوم بالإعدام في المملكة الوهابية، لقد ثبت وبالدليل القاطع فجور هذا اليسار " مروان علي.

"الفسابكة السوريون، وكأنهم اتفقوا على كل شيء الآن واختلفوا على اغتيال "زهران علوش".... وبدأت المعلّقات المتناقضة والتحليلات الهيديغرية والاسنتاجات الفوكووية والاتهامات بين الأصدقاء والمحاسبات على اللايكات" سلام كواكبي.

"معشر الفسابكة أرجوكم ساعدونا على الفهم .. هل زهران علوش خاطف متطرف سيء السمعة وصنيعة النظام السوري ؟ أم أنّه فارس من فرسان الحق ووجه مشرق للثورة السورية؟" ميس قات.

هذا المصنف مرخص بموجب رخصة المشاع الإبداعي. نسب المصنف : غير تجاري - الترخيص بالمثل 4.0 دولي

تصميم اللوغو : ديما نشاوي
التصميم الرقمي للوغو: هشام أسعد