ما توقعات السوريين حول الهدنة؟


28 شباط 2016

تختلف الهدنة في سوريا هذه المرة عن سابقاتها، فهي تمت بتوافق دولي وتصويت من مجلس الأمن، في حين اعتاد السوريون على هدَن محلية بين قوات المعارضة والنظام، لكنهم على الرغم من الضجة الكبيرة حول الهدنة الأخيرة، فإن معظمهم قابلها بلامبالاة، لأن السوريين الذين خسروا كل شيء لم يعودوا ينتظرون شيئاً، مع ذلك؛ يتساءل بعضهم عن جدوى هذه الهدنة وما بعدها، ماذا إذا فشلت؟، وماذا إن نجحت؟.

كل يغني على هدنته

حال السوريين بعد خمس سنوات من الثورة والحرب، بلغ درجة من الانشقاق درجة أصبح معها السوري يبحث عن هدنته الشخصية، في محيطه، عائلته، وعمله، خسارته، أو انتمائه الضيق، تقول رولا روكبي "حاولت اليوم أن أسأل السؤال الغبي: شو رأيكم؟، حتمشي الهدنة؟، سمان الحارة: ما راح يتغير شي، إذا مشيت راح يقدروا الناس يشتروا حاجياتهم الأساسية؟، طفل على الإشارة: والله أنا بيتي راح وعايش بالمدرسة، ما عاد عندنا شي نخسره!، موظف الأمن: سوف يلتزم النظام بالهدنة لكن الإرهابيين سوف يخرقوها!، مثقف ثوري: الهدنة إذا لم توصل إلى وقف إطلاق نار شامل وهيئة حكم انتقالي هي ضحك عالدقون!، امرأة حرة: كل فرصة لكي يلتقط السوري أنفاسه هي مكسب!، امرأة من الغوطة: يعني ستصل معونات أكثر، ويرفعون الحصار عنا؟"، في حين أن بعض السوريين ردَّ على من يعارضون وقف الهدنة، ووصفهم بأنهم يعيشون في الخارج، "يعيشون حياتهم العادية، فنجان القهوة في الصباح، ثم السعي نحو العمل و بعدها قيلولة الظهيرة و بعد ذلك عمل المساء الخفيف ومن ثم السهرة مع نَفَس أركيلة، يتخلل كل ذلك وجبات فيها ما لذَّ وطاب من المأكولات، ممكن تريح حالك و تترك الحكي للناس يلي عم تعد البراميل النازلة عليها، و بلا ما تعمل فهمان و محلل و وطني و لمّاح؟، أو  اقنعهم بنفسك يا أبو المراجل"، كما يقول عروة ريَّان.

من جانب آخر، رأى عدد من السوريين أن هذه الهدنة ستزيد من جحيم الموت السوري، "بدهاء نبتة اللبلاب ستوزع الهدنة الموت في المدن بعيدا عن عدسة الإعلام"كما يقول  حيدر محمد هوري.

وقف الحرب بأي شكل

وقف النزاع المسلح شيء أوَّلي، بغض النظر عن طريقة إيقافه، هذا ما قاله عمر كوجري، فـ"النظام بجيشه تعب وانهزم، والمعارضة بمختلف مسمياتها لم تعد قادرة على مواجهة "حرب عالمية" عليها، لا رابح في هذه الحرب، كلنا دفعنا ثمن "موت سوريا"، كلنا نريد لهذه الحرب أن تنتهي، بأي ثمن، وبأية هدنة". في حين أن ثمة من تفاءل بهذه الهدنة، مهما ستكون نتائجها، فـعلى الرغم من نقاط ضعفها التي بدأت منذ الساعات الأولى لإعلانها بإنزال عدة براميل متفجرة وإطلاق قذائف هاون من قبل قوات النظام في أرياف حماه وحلب وحمص، فإن الهدنة "خبر مفرح بحق"، حسبما كتب الشاعر حمزة رستناوي لأنها ستوقف شلال الدم و المجزرة المستمرة و لو مؤقتاً، و كل من يقف ضدها (من المقاتلين و أصحاب القرار )- في ظل انسداد الأفق السياسي- شريك في سفك دم السوريين". وتؤكد رولا روكبي التي تقيم في دمشق هذا هذا الخبر المفرح بقولها "في عرس بالحارة، باليوم الأول للهدنة: طبل، مزمار ودبكة، وأغاني بترد الروح: طلعت من بيت أبوها ،طلعت يا محلا نورها شمس الشموسة، اتمختري يا حلوة يا زينة، يعني غصب عني حسيت بالأمل!".

من جهتها، نشرت الباحثة ريم تركماني تقريراً عن نتائج الهدَن التي أبرِمت في السنوات السابقة، مع رسم بياني صادر عن مؤسسة مدني " منذ حوالي أربع سنوات انتظر معظم السوريين بكثير من الحذر والتمني تنفيذ وقف إطلاق النار الذي أعلنه السيد عنان في ١٢ نيسان ٢٠١٢. وفعلاً خلال الأيام الأولى انخفض عدد القتلى بنحو 85 في المئة - لم يحدث أن حصل مثل هذا الإنخفاض السريع خلال السنوات الخمس السابقة. بعد ذلك بحوالي عشر أيام تم نشر بعثة المراقبين الدوليين, ورغم قلة عدد المراقبين إلا أن عدد القتلى انخفض بنسبة ٢٤٪ خلال الأسابيع الثلاثة الأولى لنشرها".

إحصاء يوضح انخفاض عدد الضحايا خلال الهدَن السابقة، المصدر: مؤسسة مدني، فيسبوك.
إحصاء يوضح انخفاض عدد الضحايا خلال الهدَن السابقة، المصدر: مؤسسة مدني، فيسبوك.

هدنة معلَّقة

نقلت هديل مرعي عن إحدى صديقاتها في دمشق سخريتها من الهدنة "بلحظة وقف إطلاق النار قطشوا الكهربا، حدا يسأل لنا ديمستورا والأمم المتحدة إذا كان القرار يشمل وقف الكهربا؟، ولا إطلاق النار بيشتغل على الكهربا ووقفوا سوا؟ طيب كيف بدنا نتفرج على وقف إطلاق النار؟!"، وفي هذا السياق كتب بشار فرحات "لا هدنة لإخوتي الذين تركتُهم في سجون الطاغية، لا استراحة من حربهم مع الموت المحيط بكل تفاصيل المكان، ولا وقت لأخذ "نَفَس"، قد يصلهم خبر الهدنة، فلا يلقون له بالاً، أو ربما  لفرط إدمانهم على الأمل، سيهمسون لبعضهم سرّاً (هانت يا شباب)، الحرية للمنسيين هناك".

حالة ترقب تسيطر على السوريين بمختلف شرائحهم أمام هذه الهدنة، ومهما كانت ردود أفعالهم، فهم مجمعون على ضرورة وقف النزيف السوري، فبه يتعلق مصير سوريا.

هذا المصنف مرخص بموجب رخصة المشاع الإبداعي. نسب المصنف : غير تجاري - الترخيص بالمثل 4.0 دولي

تصميم اللوغو : ديما نشاوي
التصميم الرقمي للوغو: هشام أسعد