لا أحد من المعارضة أو النظام أو المجتمع الدولي اعترف بالفيدرالية الكردية، بعد أن تم الإعلان عنها بشكل فجائي في 16 / 3/ 2016 من قبل أحزاب كردية معروفة بميولها القومية 2016، اجتمعت بقيادة المجلس الكردي الوطني الديمقراطي، ضامة عين العرب "كوباني"، وريف حلب الشمالي، مع مدينة "عفرين" إلى فيدرالية واحدة، ما شكل صدمة في الأوساط الاجتماعية والثقافية والسياسية السورية، فكيف ستقوم هذه المنطقة بإدارة نفسها بعيداً عن القانون الدولي الذي أجمع على رفضها؟.
من الناحية القانونية:
حكاية ما انحكت توجه إلى المحامي "حيدر محمد هوري"، الذي قال إن الفيدرالية لا تعني التقسيم، بل هي نموذج حكم دولي، لكن لا بد قبل إعلانها أن يكون ثمة توافق وطني على ذلك، وما تم الإعلان عنها في الشمال السوري كان بإرادة منفردة وآليات غير واضحة، وبالتالي فهو قاصر قانونياً، وقد رأى حيدر ضمن المعطيات الحالية أن الحكم الفيدرالي وسيلة لحقن الدم السوري، شرط أن يكون ذلك بعد رحيل الأسد، "أما الإعلان بهذه الطريقة فإنه سبب لإراقة مزيد من الدماء".
توضح من خلال ردود أفعال السوريين أن هذه الخطوة الفجائية زادت من الشقاق السوري، سيما أنه لم يُستشر أحد من السوريين غير الأكراد قبل القيام بها، وفي كافة المظاهرات التي تلت الإعلان عن الهدنة، رفع الثوار لافتات رافضة للفيدرالية.
غموض وتهكم
واضح من البيان الذي أعلنت عنه الفصائل الكردية لإقامة حكم فيدرالي، أنه لم يتعدَّ الموضوع العاطفي، ردة فعل على فشل محادثات السلام، وعلى جذور الاضطهاد بحق الأكراد التي تعود إلى عام 2004، عندما أسقط مجموعة من الشبان الكرد تمثال حافظ الأسد في مدينة عامودا، وهو ما يعرف بأحداث الملعب البلدي في القامشلي، والتي بدأت باشتباكات بين المشجعين راح ضحيتها ثلاثة أطفال أكراد إثر تدافع الجماهير، ما أثار غضب الكرد لتغاضي قوات الأمن عن الحادثة.
https://www.youtube.com/watch?v=T1tkSD7wIwI
في هذا البيان الذي أعلنه المجلس الوطني الكردستاني، لم يتم الإعلان عن الفيدرالية، بل التمهيد لها، فهي "خطوة مهمة ومصيرية لبناء سوريا المستقبل، وحمايتها من تقسيم شبه مؤكد، قبل أن يكون نجاحاً لغربي كردستان". لكن هذا البيان حمل تناقضات عدة، فهو يؤكد على "عدم الانجرار إلى أية أجندات خارجية"، وفي ذات الوقت يؤكد على انفراده بإدارة العلاقات الإقليمية والدولية بعيداً عن باقي أطياف الشعب السوري، وفي الآن لا بد من "العمل على أن يدرج موضوع الفيدرالية ضمن الدستور السوري المزمع كتابته بعد مباحثات جنيف الجارية، فيما إذا نجحت المباحثات"، كما جاء في البيان.
من جانبه علق الكاتب خضر الآغا على هذا الإعلان بقوله "حارتي بسلمية اسمها ضهر المغر.. وباعتباري مواطناً وابن حارة كامل الأهلية: أعلن ضهر المغر إقليماً ذاتياً فيدرالياً، ما حدا أحسن من حدا".
إعلان مدروس
رأى الكاتب والباحث حمزة رستناوي أن هذا الإعلان عقلاني ومدروس من جهة المعلِنين عنه، فهو ليس مجرد حركة عابرة، بل "نتيجة لما حصل ضمن سياقات الثورة السورية منذ بدايتها، وللشعور الجمعي للشعب الكردي بشكل عام"
وأضاف رستناوي لـ (حكاية ما انحكت): لا أعتقد أن الفيدرالية على أساس عرقي أو طائفي خيار ناجح في هذه المنطقة من العالم، خصوصاً ضمن الإطار الثقافي السياسي الراهن، الفيدرالية عادة تتم عقب حوارات وتوافق عام من الشعب وممثليه حول شكل الدولة، أما هذه الفيدرالية فهي مع من؟، ما طبيعة السلطة السورية الحاكمة الآن و ما هي خياراتها المستقبلية؟، نحن في وضع دولة فاشلة و حروب داخلية ومشهد زئبقي. مع الاعتراف بضرورة وجود صيغة لامركزية للدولة السورية مستقبلاً، ربما تكون فيدرالية و لكن على أساس إداري فقط.
"هذا الإعلان يمكن عَدُّه بالون اختبار لمستقبل سورية موحدة أو مقسمة، وقد أطلِقَ ليحقق عدة أهداف مباشرة وغير مباشرة" كما قال الكاتب عماد غليون لـ (حكاية ما انحكت)، أما الهدف المباشر فهو توحيد الصف الكردي وجعله أكثر تشدداً في المطالبة باستقلاله، وعدم التنازل عنه شرطاً لدخول المفاوضات، وأما غير المباشر فإنه جعل باقي السوريين يقبلون بالأمر الواقع كون أكثرهم بات يعتقد أن الفيدرالية مقدمة للحل السياسي. لكن لماذا تم رفض هذه الفيدرالية فور الحديث عن إمكانية إعلانها من قبل الأحزاب الكردية؟، يجيب عماد غليون بأن السبب يعود إلى كونها فُرضت بشكل قسري وفي ظروف غير مناسبة وبدون إجراء تفاوض حولها مع باقي السوريين.
