بدنا نتعلم: حملة لإعادة الأطفال والشباب من الحرب إلى مقاعد الدراسة


15 نيسان 2015

أدت الحرب الدائرة اليوم في سوريا إلى تراجع ملحوظ في مستوى التعليم وصل حد خطيرا، إذ بات الشباب يتركون مقاعد الدراسة ليلتحقوا " بصفوف الثوار بحجة أن حمل السلاح هو أولى من كل شيء"، ما خلق "مشكلة عميقة" جعلت العمل على حلّها أولوية بالنسبة لمنظمات المجتمع المدني ما دفع مؤسسة "اليوم التالي" لإطلاق حملة "بدنا نتعلم" في مدينتي إدلب ودرعا وأريافهما، بهدف "إعادة أكبر عدد ممكن من الأطفال والمدرسين" كما تقول ناشطة من ريف إدلب، و"توعية المجتمع ولاسيما فئة الأطفال والشباب المراهقين" كما يقول أحد نشطاء الحملة في مدينة درعا  لحكاية ما انحكت، دون أن تقتصر الحملة على المدينتين بل وصلت إلى ريف دمشق ومدن وقرى أخرى.

بدأ النشطاء العمل بداية وفقا لخصوصية كل منطقة، ففي درعا بدؤوا العمل على كتابة بنود الحملة وخطة العمل على شكل مشكلة وحلول وأهداف وخطة عمل، ليتم نقاشها مع إدارة المنظمة وخبراء في مجال علم النفس والإرشاد النفسي، بهدف وضع أفضل خطة عمل تحقق انسجاما بين الحملة والمجتمع، ليتم مناقشة كل شيء بدءا من الفئات والبيئات التي تستهدفها الحملة إلى "اختيار العبارات المؤثرة وفنون الدعاية"، ليتم الانتقال بعدها إلى أرض الواقع لإقامة ورشات توعية واللقاء مع الأهالي ونشر المعلومات الخاصة بالحملة على أوسع نطاق شعبي ممكن.

في حين بدأ نشطاء إدلب العمل عبر استبيان من خلال مقابلة أمناء السر في المدارس، ليقوموا بعدها بنشر "فكرة عن الحملة وعن أهدافها عبر توزيع بروشورات لفضل العلم وقمنا بتوزيع المهام بيننا حسب طبيعة العمل، ولكن وجودي كأنثى كان له فائدة كبيرة بسبب وجود مدرسات من الصعب قيام "محمد" بالتحدث معهن" كما تقول إحدى ناشطات الحملة لحكاية ما انحكت.

فريق الحملة يقوم بتوزيع بروشورات الحملة للأطفال لحضهم على التعليم. المصدر: اليوم التالي
فريق الحملة يقوم بتوزيع بروشورات الحملة للأطفال لحضهم على التعليم. المصدر: اليوم التالي

الخطوة الأولى من الحملة كانت الأصعب بالنسبة لنشطاء درعا، لأنها تتعلق بكيفية "انسجام فكرة جديدة مع المجتمع"، حيث تعلّم الناس أن تكون الحملة موّجهة للشأن الإغاثي ما أطلق تساؤلات كثيرة اضطرت فريق العمل لأن يشرح ويكرر الكلام أكثر من مرة.

وبسبب من هذا الأمر اصطدمت الحملة بداية مع "الجيش الحر" مما سبب للفريق "مساءلات أمنية عن أهداف الحملة ومبادئها"، الأمر الذي دفع النشطاء للجلوس والتحدث معهم عن الحملة وأهميتها، فـ "استجابوا لنا ورحبوا بهذه الأفكار" كما يقول أحد نشطاء الحملة لحكاية ما انحكت.

في حين أن المصاعب في ريف إدلب تجلت بمشكلة المدرسين المفصولين من العمل، لأنهم يقومون "بالتدريس تبرعا وليس لدينا مقدرة على إجبارهم على التدريس، فقمنا بجلسات توعية كنت أقوم فيها بالتحدث مع الآنسات وكان هناك استجابة من عدد كبير منهن، وكان هناك أيضا قلة وعي لدى الأهالي بعدم إرسال أبنائهم إلى المدارس خوفا من القصف"، ناهيك عن كون البعض ظن أن النشطاء مسؤولين عن "رواتب ومنهم طالبنا بإصلاح نوافذ المدارس والألواح وأشياء أخرى".

شكل القصف الذي تتعرض له المنطقة (إدلب، درعا) من قوات النظام "عائقا كبيرا لسير الحملة حتى أجبرنا أن نعطي الندوات في أقبية وملاجئ"، ليأتي العامل الاقتصادي ويشكل العائق الثاني لأن "الدعم غير كافي لإعطاء نتائج فاعلة للحملة"، مما دفعهم للعودة مرة أخرى إلى خبراء علم النفس للاستفادة من خبرتهم، حيث استطاعوا تسيير "الحملة بمواد بديلة، و بالرغم من زهد ثمنها كانت مجدية وملفته للنظر".

نشطاء الحملة خلال أحد النشاطات ضمن الحملة. المصدر: اليوم التالي
نشطاء الحملة خلال أحد النشاطات ضمن الحملة. المصدر: اليوم التالي

رغم أن الحملة لم يكن لها علاقة مع وزارة التعليم التابعة للحكومة المؤقتة، لأن الحملة "فكرية وليست تربوية"، فإن فريق درعا سيقوم بعد الانتهاء من الحملة "بتدوين المشاكل التربوية التي لامسناها من الطلاب كنقص الكادر التدريسي، واستصلاح بعض المدارس التي تعرضت للقصف وسنقدمها باسم الحملة بشكل رسمي للوزارة" للقيام بمهماتها، مكتفين هم بهدف "توعية الطلاب على أهمية العلم وإرشادهم للطريق الصحيح"، في حين يرى فريق إدلب أن "المدارس في البلدة بحاجة ماسة لهم بعد تحرير إدلب وعدم تبعية المدارس في الوقت الحالي للنظام".

بتواضع جم يعترف فريق الحملة في درعا بأن "الاستجابة مع الحملة بطيء", دون أن يكون ذلك عامل يأس بالنسبة لهم، لإدراكهم وقبل أن يبدؤوا العمل أن هكذا حملات تحتاج وقتا طويلا حتى تثمر، فهم يعتبرون أنه إذا حققت الحملة ثلاثين بالمئة من أهدافها فهي ممتازة "في ظل هذه الأوضاع المأساوية التي يعيشها الشعب السوري، لأن الرمد أفضل من العمى"، وهو نفس انطباع نشطاء إدلب الذين يعتبرون أنفسهم راضين عن الحملة، رغم بعض التقصير العائد إلى "الأوضاع الحالية التي تشهدها إدلب بشكل كامل والبلدة  خصوصا بسبب قربها من مناطق الاشتباك"

"بدنا نتعلم": حملة تأتي استجابة لواقع التعليم السيئ في ظل ظروف سيئة، تحاول أن ترمم النزف الذي يعانيه التعليم في سوريا قدر الإمكان، ساعية لأن يأتي يوم ويكون فيه "معظم الطلاب في المدارس متمسكين بمفهوم العلم وأهمية التعلّم ولاسيما بعودة الصغار من عناصر الثوار المسلحين" كما يقولون لحكاية ما انحكت.

هذا المصنف مرخص بموجب رخصة المشاع الإبداعي. نسب المصنف : غير تجاري - الترخيص بالمثل 4.0 دولي

تصميم اللوغو : ديما نشاوي
التصميم الرقمي للوغو: هشام أسعد