لأن المعتقلين ليسوا مجرد "أرقام زنازين"، ولأن الناس "انشغلت بكل شيء بالثورة ونسيت المعتقلين"، قام مجموعة من النشطاء بالتفكير بإطلاق حملة لإعادة التذكير بالمعتقلين وإعادة قضيتهم إلى صدارة الأحداث و العمل دوما على إبقائها في المقدمة، فكانت حملة "لست مجرد رقم" التي تبناها الحراك السلمي ودعمها.
ركزت الحملة نشاطها على "التذكير بالمعتقلين وعرض صور مختلفة عن حالات الإعتقال، وقصص وخبرات المعتقلين/ات الذين أفرج عنهن/م أو ما زالوا بالمعتقل، وإظهار بعض أسماء المعتقلين/ات الغير مشهورين الذين ركزنا عليهم بالحملة" كما تقول إحدى الناشطات المساهمات بالحملة لموقعنا سيريا أنتولد Syria untold.
خطط للحملة ونفذها كل من تجمعي " الحراك السلمي السوري" و "شباب الأمل السوري" (توقف عن العمل الآن بسبب عدم تأمين الدعم)، إذ قاموا بالحملة " بكل تفاصيلا" بالتعاون مع "مجموعات مختلفة وأفراد نفذوا الحملة ميدانيا".
انقسمت نشاطات الحملة إلى شقين، الكتروني وميداني، إذ تجلّى الأول بـ " إيفنت على الفيسبوك ونشر على صفحة الحراك وشباب الأمل السوري، ونشاط خفيف ع تويتر، وبعد الإقبال والصدى الجيد الذي لقيته الحملة، طلب الكثيرون تمديد الحملة ففتحنا صفحة عالفيسبوك خاصة بالحملة" بتاريخ ٣١ آب (أغسطس) ٢٠١٢. أما الشق الميداني وهو الأهم فتجلى بـ "حركات متعددة بعدة بلدان خارج وداخل سوريا خلال مدة شهرين، أول شهر كان خاص بالبلدان يلي برا سوريا تقريبا، عدا نشاط واحد كان من نساء داريا يلي هو مسيرة للمعتقلين ورفع لافتات، مع تخصيص حائط تم بخه وكتب عليه أسماء معتقلين، إضافة إلى صناعة شجرة معتقلين"، حيث كان أهالي داريا أنشط المشاركين في الحملة كما تقول الناشطة.
المشاركات الخارجية جرت في بلدان مثل مصر والأردن والسعودية وفرنسا وكندا والتشيك، حيث كانت النشاطات عبارة عن "مسيرات ورفع لافتات بالشوارع، ومعارض بوسترات بالشوارع و تمثيل أوضاع المعتقلين بمشاهد صامتة، وقيام ليل بأحد الجوامع ودعاء للمعتقلين (كانت أول الحملة برمضان لهيك تأثرت النشاطات بهالشي )، وتصوير فيديوهات حكت قصص معتقلين، وحملات إفطار صائم عند الإشارات وتوزيع مناشير للمعتقلين". وقد استمرت هذه النشاطات طيلة الشهر الأول من الحملة الذي كان مخصصا للنشاطات الخارجية، في حين كان الشهر الثاني للنشاطات داخل سوريا، إذ تركز النشاط في العاصمة دمشق وريفها، وكانت عبارة عن "مظاهرات طيارة وبخ على الحيطان".
إضافة إلى ما سبق قامت الحملة بعدد آخر من النشاطات منها: إضاءة شمعة لأجل المعتقلين\ات في أيام الأحد، والدعوة لهم أيام الجمعة، الاستفادة من أشكال التعبير الابداعية والحركية لتجسيد عمليات تعذيب المعتقلين\ات في سوريا لإقامة معارض صور عن المعتقلين\ات وبوسترات تشرح بلغة البلد عن ظروف اعتقالهم وتعذيبهم، و توفير إحصاءات عن أعدادهم وخاصة الأطفال والنساء، وتترافق هذه الأرقام مع عرض قصصهم.
وتضمنت أنشطة الحملة أيضاً: حملة جمع تواقيع عبر مكاتب متنقلة في المدن للضغط على الحكومات الغربية للافراج عن المعتقلين\ات، تنظيم وقفة احتجاجية أمام مراكز حقوق الأنسان بوجود شعارات لدعم المعتقلين\ات وطلب الافراج عنهم بلغة البلد المستضيف، وعمل سلسلة حلقات من القماش الملون مكتوب فيها أسماء المعتقلين\ات.
عملت حملة "لست مجرد رقم" منذ بداية تأسيسها على توفير إحدى أهم الأدوات في سبيل النضال والدفاع عن المعتقلين\ات، وهي نموذج استمارة تبليغ يمكن لعائلة وأصدقاء ومعارف المعتقل\ة استخدامها لتوثيق القضية.
ترى الناشطة التي تواصلنا معها أن تجاوب الناس مع الحملة كان كبيرا، إلى درجة أن هذا الأمر دفعهم لتمديد الحملة شهر آخر، مما دفعهم للتفكير بإعادة الحملة مرة أخرى.
ولكن هذا التجاوب من قبل النشطاء والناس لم يلغ الصعوبات التي واجهت الحملة، والتي تمثلت بـوجود "وعود من فرق أكتر من هيك للتنفيذ وأخلفوا. طبعا هذا الأمر بسبب أن التواصل يكون عن طريق الانترنت. وبسبب عدم التنفيذ تأخرنا عن موعد إطلاق الحملة أسبوعين لكن تلافينا الأمر، وكان في صعوبة بالنشاطات يلي داخل سوريا لأنه آنذاك كان في تضييق على النشاطات المدنية".
عانت الحملة أيضا من ضعف تسليط الضوء عليها إعلاميا، إذ "رفضت القنوات الإعلامية عمل تقرير عن الحملة رغم وعودهم بأنهم سيغطون الحملة من بدايتها لنهايتها، إذ لم يصدق معنا سوى قناة دير الزور، وهنا نوجه لها شكر كبير".
المعيقات هذه لم تمنع اللحظات السعيدة التي عاشها النشطاء وهم يرون الناس يهتمون بالمعتقلين أكثر بعد الحملة، مما جعل " صدى صوتنا علي كتير".
حملة "لست مجرد رقم" تأمل أن لا يختفي صوت المعتقلين حتى يخرجون من السجون، لأن "الشهيد منفرحلو لأنو طلع ع الجنة بس المعتقل مالو غيرنا نشتغل مشانو".