بعد مقتل الطفل محمد قطاع الذي كان يبيع القهوة في "حي الشعار" بحلب بثلاث رصاصات في رأسه على أيدي مسلحين، تداعى مجموعة من الناشطين من مختلف تنسيقيات حلب لبحث أوضاع الانتفاضة السورية، بعد تكاثر الأخطاء التي لم يعد بالإمكان السكوت عنها بعد أن باتت تهدد " "ثورة الحرية والكرامة" وسوريا "حرة، تعددية، سوريا بألوانها"، كما يقول الناشط "غيفارا نبي" الذي دعا لهذه الاجتماعات وشارك بها.
مقتل الفتى محمد والنقاش الذي دار حوله، دفع مجموعة من شباب حلب الناشطين في إطار تنسيقيات المدينة، لإطلاق " حملة حادة احتجاجية على مستوى حلب حاليا، حيث جمعنا الناشطين وشرحنا لهم فكرة الحاجة لحملة تكون من الشارع الحلبي"، لتولد حملة " لهون وبس" التي ستكون موجهة ضد " ضد النظام وإفرازاته، وبوجه بعض الكتائب يلي حادت عن الثورة، الكتائب المتطرفة والمرتزقة، و بوجه بعض الهيئات يلي بلشت تسيئ للثورة".
و بدأت الحملة أوّل نشاطاتها بالمشاركة في تشييع الطفل "محمد قطاع"، حيث تحوّل التشييع إلى تظاهرة، أشعل خلالها الناشطون الدواليب، وأغلقوا الشوارع احتجاجا على مقتل محمد، ورفعوا لافتات مثل " ديننا دين العدل والسماحة والرحمة، وليس القتل والتخوين" وحديث للرسول محمد موجه ضد القاتلين الذين برروا قتل الطفل بأنه كفر، إذ يقول الحديث:" كلّ المسلم على المسلم حرام، دمه وماله وعرضه".
وشاركت الناس بكثافة في التظاهرة لأنهم "وصلوا لحد ما عاد يحتملو"، كما قال غيفارا الذي اعتبر و رفاقه أن جميع الكتائب الموجودة بحي الشعار، مسؤولين عن مقتل محمد، أي الهيئة الشرعية ومقراتها، لأنهم "فاتحين مقرّات ولهلأ ما عرفوا مين الكتيبة يلي مارست فعل القتل هاد"، حيث توجهت المظاهرة نحو مشفى طب العيون الذي تحوّل إلى مقر للهيئة الشرعية، وإلى مقرّي كلّ من جبهة النصرة ولواء التوحيد، مطالبة إياهم بالتوجه إلى الجبهات والالتزام بحماية المدنيين.
الحملة لن تكتفي بالاحتجاج على مقتل محمد، بل تسعى لتوسيع عملها باتجاه كل انحرفات الانتفاضة لتصحيحها، لذا نظمت بتاريخ الجمعة 14-6-2013 تظاهرة انطلقت من جامع "فجر الإسلام" بعد صلاة الجمعة، حيث توجه المتظاهرون الى دوّار الحلوانية، لرفع "علم الثورة الذي تم إنزاله الاسبوع الماضي"، حيث "سيتم رفع علم الثورة بجانب الراية الإسلامية" السوداء التي رفعها الإسلاميون، تأكيدا على أن سوريا ملوّنة، ولا يجوز فيها لأحد أن يقصي أحد.
وتهدف الحملة أيضا إلى مواجهة فوضى المقرات المسلّحة التي باتت تنتشر في المدينة بشكل مخيف، حيث بات يوجد في حلب حوالي ثلاثين أو أربعين مقر لجهات مسلحة متعددة، حيث "تعبت الناس من كثرة هذه المقرات"، لهذا تعمل الحملة إلى لم توقيع عدد كبير من الناشطين والتنسيقيات تتبعها عملية اعتصامات ضد هذه المقرّات، للطلب منهم التوجه "للجبهات ويتركوا المقرات. نحنا جبناهن ليحمونا مو ليقعدوا".
الناشط "غيفارا نمر" الذي التقاه موقعنا يضع الحملة في سياق النشاط السلمي المدني العالمي، إذ يرى أن نشاط الحملة يقترب من نشاطات حملات كثيرة في العالم منها "حركة كفاية" المصرية التي كانت بواكير عملية التغيير في مصر، عبر استلهام الحركات السلمية العالمية ومحاولة تطبيقها في سوريا، عبر استحضار أهم رموزها العالميين، و على رأسهم المهاتما غاندي الذي تقتبس الحملة الكثير من عباراته وتضعها على صفحتها الفيسبوكية مثل: "كن أنت التغيير الذي تريده للعالم"، و "إننا سوف نكسب معركتنا لا بمقدار ما نقتل من خصومنا، و لكن بمقدار ما نقتل في نفوسنا الرغبة في القتل".
وتطبيقا لما سبق يعمل النشطاء ويسعون لتنظيم الحملة على مستوى حلب أولا، على أمل أن تنقل التجربة إلى كل سوريا بعد نجاحها في حلب.
"لهون وبس" تحمل على عاتقها الوقوف بوجه النظام و تصحيح بوصلة الانتفاضة ومسارها ضد سارقيها و" ضد أي حدا ممكن يسيئ لثورتنا: ثورة الكرامة والحرية، سورية حرة تعددية، سوريا بألوانها، نحنا مش على عداء مع حدا من الهيئة الشرعية أو الكتائب المسلحة بس بدنا نوقف بوجه أي أحد يحاول سرقة ثورتنا".
"لهون وبس" تأتي لتؤكد أن النشاط السلمي السوري لازال قادرا على العمل والتغيير، و ماهذه النشاطات الموجهة ضد المعارضة المسلحة وانحرافاتها، إلا دليل على أن انتشار السلاح وذهاب قطاعات كبيرة نحو العسكرة لم يمنع التيارات المدنية من مواجهتها دون أن تخاف من سلاحها المشهر، الأمر الذي يعطي الأمل دوما بأن السوريين قادرين على منع أحد بعد اليوم من فعل ما يشاء دون إرادتهم الحرة.