عند انطلاقِ الانتفاضة السوريَّة في آذار عام 2011، قام مجموعةٌ من الناشطين بتأسيس "تنسيقيَّة عامودا"، وذلك لسدُّ الفراغ الميداني الذي تركته الأحزاب التقليديَّة الكرديَّة الكلاسيكيَّة، وانتزاع زمام المبادة منها واللحاق بركب الانتفاضة السورية، وتعتبرُ "تنسيقيَّة عامودا" من التنسيقيات النادرة في المشهد الاحتجاجي السوري، التي تطرحُ رؤىً سياسيَّة إلى جانب العمل الميداني، وتربط بين النشاط الثوري والفعل السياسي، حيث نشرت عند تأسيسها بياناً سياسياً فيه مطالب سياسية واضحة، بالإضافة إلى التغطية الإعلامية للمظاهرات في مدينة عامودا.
وتقدّم التنسيقيَّة نفسها على صفحة الفايس بوك على الشكل الآتي:" تنسيقيَّة عامودا هي حالة شعبيَّة مستقلة، هدفها تنظيم حراك سلمي مدني لخدمة الثورة السورية بشكل عام وخدمة الشعب السوري والكردي بشكل خاص، وهدفها هو إسقاط النظام الأسدي بكامل رموزه ومرتكزاته وكموقف سياسي ملتزمة برأي غالبية الحراك الثوري، ورأي المستقلين الكرد والإجماع الكردي".
استطاع موقعنا سيريا أنتولد syria untold التواصل مع أحد مؤسسي التنسيقيَّة وهو "محمد ولي" حيث قال بإنَّ أول المظاهرات في عامودا التي نظّمها أعضاء التنسيقية كانت في 1-4-2011، كرغبة قوية من شباب عامودا للانضمام إلى الثورة السورية"، ويتابع محمد بأنَّ عامودا كانت المدينة الكردية المكافئة لكفرنبل من حيث الطرافة والذكاء في اللافتات المرفوعة حيث يقول "بأنَّ اللافتات هي أداة ضغط واحتجاج راقية ومدنية"، ومن إحدى اللافتات التي كانت تسخر من الموقف الروسي والصيني من تجاه ما يجري في سوريا "اشتري سلاح قديم واربح فيتو!"، أو اللافتة التي تسخر من الفساد في المعارضة السورية التي تقول "هذه ثورة وليست ثروة".
وبسبب انسحاب قوات النظام السوري وتعطيل كافَّة مؤسَّسات الدولة في مدينة عامودا، فقد قامت "تنسيقية عامودا" بتنظيم حملات لتنظيف شوارع عامودا وذلك لنشر ثقافة المجتمع المدني وترسيخ الشعور بالمسؤوليَّة، وأيضاً قام شباب التنسيقية بزراعة أشجار دائمة الخضرة في عدة أماكن من المدينة، و بالإضافة إلى ذلك فتحت عدد من الجمعيّات الخيرية، والمنظمات التي تُعنَى بالمرأة، وأيضاً مراكز لنشر ثقافة المجتمع المدني، وقامت "تنسيقية عامودا" بتنظيم ورشات شبابية لتطوير الخبرات واكتساب المهارات في مجالات العدالة الانتقاليَّة وفن التفاوض ورعاية البيئة وإدارة الإعلام.
يقول محمد أيضاً بأن "تنسيقية عامودا" انضمَّت إلى "ائتلاف آفاهي للثورة السورية" وهي عبارة عن مجموعة من التنسيقيات موجودة في كل المدن ذات الغالية السكانية الكردية، وتعتبر "تنسيقية عامودا" أيضاً جزءاً من الهيئة العامة للثورة السورية، وكانت "تنسيقيَّة عامودا" من المنظمين الأساسيين للاعتصام الذي استمر ثلاثة أيام في مدينة عامودا ضد هيمنة حزب الاتحاد الديمقراطي، الذي قام باعتقال مجموعة من الشباب بشكل تعسفي وجائر، ويكمل محمد ولي "حزب الاتحاد الديمقراطي هو العائق الواقعي الوحيد أمام جميع النشاطات المدنية بعد غياب أية سلطة للنظام السوري، حيث يقوم بالتدخل في كل شيء، ويعرقل بقوة السلاح أي نشاط مدني خارجة سلطته".
وأثبتت "تنسيقيَّة عامودا" نجاح العمل المدني السلمي، حيث قام النظام السوري أكثر من مرة بإطلاق سراح المعتقلين تحت ضغط الاحتجاجات، التي كانت تنظمها "تنسيقية عامودا" حيث يقول محمد" بأنَّ أكثر اللحظات التاريخية سعادة عندما كان النظام السوري يقوم بإطلاق سراح المدنيين تحت ضغط الاحتجاجات"، أما أكثر اللحظات صعوبة التي مرّت بها التنسيقية يقول محمد ولي" عندما قامت ميليشيَّات تابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي بإطلاق الرصاص الحي والمباشر على الاعتصام المدني السلمي وقتل حينها ستة من خيرة شباب عامودا وجرح العشرات".
"تنسيقية عامودا" هي من الهيئات الشبابية التي خرجت كنتيجة للحراك المندلع في سوريا، وهي تجمع بين الرؤية الوطنية والشعور القومي وتخلق التوازن بينهما، بحيث يضمن بناء مجتمع سليم يحتضن كل الثقافات، بعيدا عن أي استبداد، أو كم يقول محمد ولي "لن نقبلَ بأي استبدادٍ سواءٌ أكان عربياً أم كردياً".