زيتون: جسر لجوء بين انتفاضتي فلسطين وسوريا


07 تموز 2013

لم تكن الانتفاضة السورية انتفاضة السوريين فحسب، فسوريا التي استقبلت تاريخيا العديد من شعوب دول الجوار خلال مآسيهم، كانت شأنا داخليا لهؤلاء الذين قطنوها خلال عقود طويلة، بدءا من الفلسطينيين وليس انتهاء باللبنانيين والعراقيين، الذين كانت لهم دمشق أمّا رؤؤم خلال مآسيهم بغض النظر عن طبيعة نظامها المستبد، إلى أن جاءت الانتفاضة السورية وأعطت هؤلاء  فرصة لرد الجميل للسوريين.

وكون الوجود الفلسطيني في سوريا هو الأقدم زمنيا إلى درجة أنّ أجيال فلسطينية كثيرة ولدت في سوريا، كان هؤلاء من أوائل الذين فتحوا بيوتهم وأحياءهم الفقيرة للسوريين، من مخيم الرمل في اللاذقية على مخيم اليرموك في دمشق الذي ازدهرت فيه روح التضامن مع السوريين، إلى أن انتقم النظام منهم بقصف المخيم، وتشرّيد أهله، ليصبح الفلسطينيون مشردين مرتين: مرّة على يد إسرائيل، ومرة على يد النظام السوري الذي وحّد بين الفلسطيني الذي كان غالبا منسيّا في المخيمات، وبين السوري من حيث المأساة، الأمر الذي أطلق أسئلة الهوية والانتماء لدى الفلسطيني/ السوري، والتي وجدت تعبيرا وتكثيفا عنها في شخصية "زيتون": الاجئ سوري الفلسطيني صغير، وبطل لعبة قام بصنعها مجموعة من النشطاء السوريين والفلسطينيين والإسبانيين لتعبّر عن واقع الحال، إذ يقول موخا، وهو أحد مؤسسي اللعبة، أن الثورة السورية ساهمت في المصالحة عند كثير من الفلسطينيين مع هويتهم السورية: "لسنا فقط فلسطينيين، بل سوريين أيضاً ونعاني مما يعاني منه السوريون. تساءلت كثيراً لأعوام عديدة لماذا لم يثور السوريون ضد طغاتهم، والآن هم يثورون. أفخر بأهلي السوريين، بالضبط مثلما أفخر بأهلي الفلسطينيين."

اللعبة تركز على قصة زيتون، وهو ولد صغير أصبح لاجئاً مرتين بعدما دمّر النظام السوري بيته في مخيم اليرموك، وقتل عائلته وأصدقائه السوريين.

 وبينما هو في طريقة إلى خارج المخيم، سيشارك اللاعبون رحلته وأصدقائه الجدد وخبراته الحياتية الجديدة.

سيكون بإمكان زيتون، بمساعدة وثائق وخرائط حالة الطرق والمدن والشوارع والمستشفيات في سوريا، اتخاذ القرارات مثل تحديد الأماكن التي سيصل إليها، وكيفية التواصل مع من يقابلهم. ستعتمد القدرة على الوصول إلى أماكن معينة على قدرته على الإجابة عن أسئلة تخص تاريخ سوريا وفلسطين.

ومن المفترض أن يفهم اللاعبون خلال اللعبة، ومن خلال مجموعة من الحواجز التي يواجهها زيتون والاختيارات الذي يتخذها، والأشخاص الذين يقابلهم، خلفية ما يحدث في سوريا وفلسطين والموقف الحالي للأهالي هناك.

 كما يتضمن الموقع أرشيفاً يجمع المعلومات حول مخيمات اللاجئين المختلفة في سوريا ولبنان، وقصة الثورة السورية، بالإضافة إلى تقارير عن حالة حقوق الإنسان في المنطقة، حيث يطلب صانعو اللعبة مساهمة الجميع لإكمال هذا العمل. يمكن مشاهدة 5 دقائق مما تم عمله بالفعل.

تماثل قصة زيتون قصص الكثير من الفلسطينيين الذين تركوا أرضهم إلى سوريا بعدما طردهم الاحتلال الإسرائيلي، وتمركزوا في المخيمات مثل مخيم اليرموك وغيرها والتي أصبحت بيوت لهم، ليغادروها مرّة أخرى باتجاه شتات آخر، وليتوحد النضال السوري مع النضال الفلسطيني لبلوغ الحرية للشعبين معا، إذ يقول هاس، من المؤسسين: "من المهم أن نفهم أنّ الفلسطيني والسوري يناضلان يداً بيد وشرعيتهما متساوية. فالطرفان واجهوا القمع ويحاربون من أجل الحرية والعدل والكرامة. ويعتبر دعم حق الفلسطيني في تقرير المصير والحرية وفي نفس الوقت تبرير جرائم الأسد علامة إمّا على الجهل أو الدوغماتية."

غرافيتي زيتون - انتفاضة. المصدر: موقع الحملة
غرافيتي زيتون - انتفاضة. المصدر: موقع الحملة

"زيتون" يعيد للانتفاضة السورية ألقها العربي بتوحدها مع القضية الفلسطينية التي تعتبر القضية الأساس للكثير من السوريين والعرب بوصفها قضية إنسانية أولا لشعب مظلوم، وتأكيد على أن الظلم واحد وإن اختلف الجلاد، مما يعني أن المظلومين يتوحدون ضد ظالمهم بغض النظر عن انتماءاتهم، فالظلم يوّحد الجميع، ولذا فالانتفاضة ضده واجبة.

ربما. هذا ما يريد زيتون أن يقوله لنا.

 

هذا المصنف مرخص بموجب رخصة المشاع الإبداعي. نسب المصنف : غير تجاري - الترخيص بالمثل 4.0 دولي

تصميم اللوغو : ديما نشاوي
التصميم الرقمي للوغو: هشام أسعد