بعد أن تشابهت السلطة والمعارضة في الكثير من محطات الانتفاضة، وبعد أن ارتفع صوت التخوين ممن يناضلون للحرية ضد آخرون أيضا يناضلون للحرية، أصبح لزاما البحث عن طرف ليس بالضرورة ثالثا بل هو حالة من حالات كثيرة يجب أن تسود في سوريا المستقبل، حالة تمثل "الرفض المباشر أو غير المباشر من الطرفين المعارض أوالموالي"، بهدف أن " نجتمع عكلمة وحدة بس نحافظ عالاختلاف اللي بيناتنا ... ما نصير صور ونسخ مستنسحة واحدنا للتاني " لأن لدينا "ميت سبب وسبب لقول لأ".
ولأجل تحفيز الناس على رفع هذه الـ "لا" بصوت عالي، تكونت مجموعة "لأ NO" التي لم تكتفي بقول الـ "لا" هذه، بل تسعى لأن تحوّل القول نفسه إلى فعل مقاومة، داعية الجميع للتفاعل عبر دعوة "كل واحد منا" لأن يصوّر نفسه بوضعية تأخذ فيها اليد شكل كلمة "لأ" مع " فكرة معينة حابب يعبّر عنّا, بيكفي يبعت الصورة بمسج مع (لأ) حابب يعبّر عنا بكلمة أو حتى بجملة ونحنا مندّخلا عالصّفحة بشكل دوري يومي"، لأنه "إذا اليوم عندك سبب لتقول لأ ... قول وشاركنا بأفكارك... حميل الكاميرا وقول لأ ... قول لأ وخلي صوتنا يعلا بصوتك ... قول لأ وخليّا تعبّر عنّي وعنّك"، الأمر الذي دفعنا في سيريا أنتولد syriauntold للبحث عن حكاية "لأ" التي تذكر بقول شهير للشاعر أمل دنقل (من قال "لا" في وجه من قالوا " نعم ")، محرّضة الناس بأن "ناجي العلي قالها برسم.... قلها بجسدك"، جاعلة من الفن والشعر طريقا للمقاومة والتغيير والانفتاح والتعبير عن الرأي، ضد أولئك الذين باسم الحرية أو الاستبداد باتوا يضيّقون على الحريات.
يدعو التجمع الناس والمتابعين والنشطاء والفنانين للتعبير عن رفضهم بقول "لا" عبر أجسادهم لأن " للحياة قيمة إذا فقدت. غابت عن الجميع. لا.. لأن الحياة حق. لا.. لأننا قلنا نعم لسنوات. لا... لأنه ما من انسان يؤيد شيئا إلا ويعارض أشياء"، ودفاعا عن حق الإنسان بالموالاة والمعارضة لأيّة فكرة ولد تجمّع "لا NO" عبر مبادرة فردية على صفحات التواصل الاجتماعي لتتحوّل مع الوقت إلى عمل جماعي أقرب للتجمع، إذ " اليوم لا يمكن أن نقول بأننا صفحة فقط، نحن مجموعة عمل منتشرة في العديد من البلدان ونشارك ونمارس نشاطنا في الكثير من المجالات والمناطق، وإن كان الفيسبوك لا يزال المنفذ الاساسي لنا" كما يقول أحد أعضاء التجمع لموقعنا سيريا أنتولد syriauntold، لأنه لو لم يكن هناك "تجاوب وتعاون من أشخاص شدتهم الفكرة وتعاونوا معنا لما تمكنا من الاستمرار، وتطوير الفكرة والانتقال بها الى هذا المستوى"، خاصة أن المجموعة أول ما بدأت كانت تحظى بإعجاب مئتي شخص فقط، إلى أن " ظهر البوستر الشهير لصفحتنا (لا لمشروع الدستور السوري الجديد) ولاقى الكثير من النجاح .. ومع ذالك البوستر انتشر بشكل سريع جدا" ليشكل الأمر إحدى أجمل اللحظات السعيدة لفريق العمل، مما دفع المبدعين والناشطين للتواصل والتفاعل مع المجموعة "رغم المحاذير الأمنية وأنّ البروفايلات بأسماء مستعارة"، ليغدو الفن في خدمة التغيير والرفض، لأنه "وكما كانت الثورة تعبيرا عن الرفض من خلال المظاهرات والاحتجاجات كان لزاما علينا أن ننقل صدى هذا الرفض وهذه الثورة بطرق فنية سمعبصرية و إعادة صياغة المطالب وهذا الرفض بطرق فنية ابداعية".
وهنا وجدت المجموعة ما تبحث عنه في " ناجي العلي وكاريكاتوره (لا)" فكانت " "الشرارة الاولى للفكرة"، للتعبير عن ثورة تبدأ "برفض النظام القائم في سوريا"، ولأن "الثورة فعل شعب والرفض فعل شعب، وليس أقدر عن التعبير عن مدى رفض الانسان لفكرة أو وضع أو ممارسة.. سوى بأن يكون هذا التعبير مستخدما الجسد الإنساني نفسه".
وتهدف الصفحة إلى تأمين منبر للمواطنين لكشف الأخطاء والممارسات المسيئة, والتأكيد على رفض القيم السلبية، وترسيخ حق الرفض كخطوة أولى نحو التغيير، والتعبير عن آراء فئات مختلفة من السوريين والمتابعين للتجمع بطريقة فنية.
الآن يعمل مع المجموعة شبكة واسعة من الأعضاء الذين يشتركون "بالرغبة لنقل التعبير عن حق الرفض ودعمه من خلال الأفكار والتصاميم"، بدءا بالتصوير الفوتوغرافي الفردي، وإقامة حملات تصوير جماعي في التجمعات التي يتثنى للمجموعة دخولها، إضافة إلى إنتاج أفلام قصيرة دعائية كان آخرها "المشي هالقد لقدام لا ما بيتراجع"، حيث يسلط كل منها الضوء على حدث أو فكرة ما، إضافة إلى كتابة ونشر نصوص وخواطر لشباب سوري، وإقامة نقاشات وحوارات حول حق الرفض لظاهرة أو حالة أو تصرف وصولا إلى رفع مستوى الوعي بهذا الحق وتحسين طرق ممارسته في مجتمعنا"، و المساهمة في فعاليات أو القيام بفعاليات خاصة مثل حملة " لا لاعتقالهم" التي " تتناول قصص وحكايا عن معتقلين مترافقة برسالة شخصية أو بمقاطع شعرية"، بهدف "تناول المعتقل كإنسان لا كرقم, والتذكير بالمعتقلين، وبأنّ الاعتقال لازال مستمرا وأن الحرية كلّ لا يتجزء"، مع العمل على "نشر وإعادة نشر أكبر عدد من أسماء المعتقلين مع معلومات عن ظروف اعتقالهم وبعض المعلومات الشخصية المتاحة".
"لا.. تعبير سمعي بصري لحق الرفض" بالفن واللوحة والقصيدة، عبر سعي حثيث لجعل الكلمة مرادفة وسندا لعملية التغيير الجارية في الشارع من جهة، ونحو ممارسة "حق الرفض الذي يجب أن يمتلكه كل إنسان ومواطن"، سعيا لتأطير الأمر في كونه حقا يجب أن يحمى، وواجبا "من خلال الإشارة للخطأ والاعتراض عليه"، لتكون صرخة ناجي العلي وأمل دنقل تتوالد جيلا بعد جيل، منتصرة لمن قالوا (لا) في وجه من قالوا (نعم).