مثقفو سوريا تجمعهم "الانتفاضة" وتقسمهم الضربة الأمريكية


06 أيلول 2013

 

في أوَّلِ خطابِ  تهديدٍ  جدي لـلرئيس الأميركي"باراك أوباما"، بتوجيه ضربة عسكريَّة إلى النظام السوري بعد التأكيد على استخدام السلاح الكيماوي في الغوطة الشرقيَّة في ريف دمشق، واتهام الولايات المتّحدة الأميركيَّة وحلفائها السياسيين بأنَّ النظام السوري هو المسؤول عن استخدام هذا السلاح، تباينت ردود الفعل في الوسط السياسي والثقافي السوري حول الموقف من "الضربة" الأميركيَّة، وكأي حدث سياسي تاريخي لا يمكن لجميع المثقفين أن يتفقوا حوله، ظهرت آراء مختلفة تظهر في العمق اختلاف الرؤى السياسيَّة تجاه الحدث السوري، وقد استطاع موقعنا سيرياأنتولد Syrianuntold أن يأخذ ردود فعل بعض المهتمين بالشأن العام حول "الضربة".

الأكاديميَّة "ريم تركماني" عضو "تيَّار بناء الدولة السورية" تقول بأنَّها ضد "الضربة" لأنَّ"نتائجها لن تكون من صالح السوريين، وخصوصاً من هم رهينة النظام في داخل سوريا وفي المعتقلات، كلما تم تدمير أداة قتل لهذا النظام قام باستخدام أداة أخرى أكثر فتكاً، الضربة لن تُدمر كل خيارات أدوات القتل والتدمير التي هي في متناول يد النظام، وعلى الأغلب سيجعل ذلك من احتمال لجوء النظام لاستخدام الأسلحة الكيميائية أكبر"

صورة للأكاديمية "ريم تركماني" عضو"تيار بناء الدولة السورية"   المصدر:صفحة الفايسبوك.
صورة للأكاديمية ريم تركماني عضو تيار بناء الدولة السورية المصدر:صفحة الفايسبوك.

تعتقد "ريم تركماني" بأنَّ تضرر النظام عسكريَّاً سيكون محدوداً من "الضربة" لأن النظام " سيستطيع حشد الكثير من الدعم حوله، فهو سيظهرُ كبطل وطني تصدى لأمريكا المعتدية. هذا الكسب المعنوي بدءنا نرصده الآن مع عودة المظاهرات المؤيدة بزخمٍ  في كل بلاد العالم".

وعما إذا كان هناك بديل عن الضربة لإسقاط النظام، تقول "ريم تركماني" بأنَّ البديل يكمن في جر النظام السوري إلى ميدان السياسية، والذي" يحتاج لكي يحصل، توافق دولي وليس زيادة الاستقطاب الدولي كما نشهدُ الآن. يستطيع النظام أن يصمد أمام ضربة عسكرية محدودة من أمريكا، لكنه لن يستطيع أن يصمد في وجه أكبر ضربة سياسية يمكن أن توجه له بتوافق الدول العظمى والإقليمية على حلٍ سياسي واحد".

المحامي "شورش درويش" عضو قيادي في "الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا" يقول بأنَّ النظام السوري يعمل يومياً على اكتشاف وسائل جديدة للبقاء نتيجةً للتردد الدولي، حيث يشرحُ لنا موقفه من الضربة قائلاً "بحكم عوامل الجغرافية السياسية والتعقيدات التي تستفيدُ منها دول الطوق (حول إسرائيل)، وفوق ذلك الخوف المستدام لدى الغرب من خزان إرهاب محتمل في سوريا يهدد أمن الجوار، وبالتالي نشر الخبرات الجهادية في سوريا إلى مسافات أبعد من الجوار، بمعنى إلى العالم "الكافر" وفقاً للفتاوى المحتملة للجهاديين. قد يكتشف النظام وقتها ميكانيزم جديد يحول

صورة للمحامي "شورش درويش" عضو "الحزب الديمقراطي التقدمي في سوريا"، المصدر: صفحة الفايسبوك.
صورة للمحامي شورش درويش عضو الحزب الديمقراطي التقدمي في سوريا ، المصدر: صفحة الفايسبوك.
دون هزيمته النهائية، وبالتالي تعزز موقعه في عملية التفاوض المرتقبة، أمَّا وأن التلويح قائم فالأفضل الشروع بعملية تفاوضية تنهي الحرب الدائرة وتقرِّب مراكز القوة الدولية إلى حل يشمل الكل في نظام سوري جديد أكثر توازناً، ومن ثم الشروع لدعم المشروع الديمقراطي. صفوة القول أن الضربة تغفو بين احتمالين إما إضعاف النظام وتكسير وسائله العسكرية، وبالتالي جثوه على ركبتيه أمام الإرادة الشعبية، أو تقوية مراكزه من خلال زج حلفائه في حرب مفتوحة تفتتح بموجبها حرب إقليمية شرسة ومديدة".

الناشطة الحقوقية "ديما نقولا" تقولُ بأنَّها ضد "الضربة" الأميركيَّة، لأنَّها لن تجلب لسوريا سوى المزيد من الموت والخراب والدمار، وتقول" أنا أدعو إلى توقف السلاح والقتل في داخل سوريا، فكيف سأقبل بجبهة حرب جديدة تسعى من خلالها القوى الغربية إلى فرض هيبتها الدولية وليس

صورة للناشطة "ديما نقولا"، المصدر: صفحة الفايسبوك.
صورة للناشطة ديما نقولا.... المصدر: صفحة الفايسبوك.

تحقيق مصلحة السوريين"، مؤكدة" بأنَّ الضرر الأكبر "للضربة" سيكون على السوريين، والحل الأمثل للأزمة السورية هو "حل سياسي إن أرادت القوى الغربية وقف استخدام الأسلحة الكيماويَّة في سوريا".

الكاتب "عبدالله الحلاق" يقولُ بأنَّه مع "الضربة" الأميركيَّة لأنَّ "الوضع السوري وصل إلى مرحلة من الانسداد والاستعصاء على حل عسكري تحسمه قوى الثورة, واستعصى على حل سياسي لا يريده النظام بطبيعة الحال، الأمريكان ساهموا بغض نظرهم مع المجتمع الدولي عن جرائم النظام, في وصول الأمور إلى ما وصلت عليه، وكان على الضربة أن تكون مبكرة للخلاص من بؤرة إرهاب في سوريا والمنطقة هي النظام السوري. التاريخ لا يسير وفق أهوائنا وغاياتنا بطبيعة الحال, وسقف أحلامنا من الثورة قد انخفض, ومن الضروري أن تنتهي مهزلة القتل التي يقوم

صورة للكاتب  عبدالله الحلاق ، المصدر :صفحة الفايسبوك
صورة للكاتب عبدالله الحلاق ، المصدر :صفحة الفايسبوك

بها النظام بأية طريقة، بما فيها العمل العسكري الغربي ضده, دون العودة إلى سرديات مملة وبديهية من قبيل أن الغرب يبحث عن مصلحته ولا يريد مصلحة الشعوب وغير ذلك. هذا شيء صحيح, لكن التقت مصلحة الشعوب وحراكها ذو المطالب الأخلاقية مع مصلحة الغرب اللاأخلاقي في التعامل مع الشعوب. لا مانع من هذا التلاقي وتتويجه بعمل عسكري ينهي النظام السوري"، ويرى الكاتب "عبدالله الحلاق"بأنَّ "الضربة" ستؤذي النظام السوري مهما كان حجمها، ويسخرُ من النظام السوري قائلاً " خطاب النظام السوري الإعلامي الفارغ إلا من الممانعة الكاذبة، هو الوحيد الذي سيبقى ولن يتضرر، وبل ربما يتحسن ويزيد ديماغوجية وتضليلا. عسكريا سيتأثر النظام حتما سلباً, وهذا يتوقف على حجم الضربة والمراكز التي ستقوم باستهدافها"

في ظل ردود الفعل المتباينة هذه، تبقى للقوى الغربية حساباتها الخاصة، وكما فشلت المعارضة التي تريد التدخل في جلبه، ستفشل المعارضة التي لا تريد التدخل في منعه، حيث لم يعد للسوريين رأي في أزمتهم الوطنيَّة.

هذا المصنف مرخص بموجب رخصة المشاع الإبداعي. نسب المصنف : غير تجاري - الترخيص بالمثل 4.0 دولي

تصميم اللوغو : ديما نشاوي
التصميم الرقمي للوغو: هشام أسعد