وردة حمراء لغياث مطر تسحق تحت حذاء جندي، لكن تبقى الوردة أكثر إشراقا ممهورة بلونها الفواح، وجه ضبابي للفنانة كفاح ديب تضامنا مع اعتقالها، وأخرى للفنان يوسف عبدلكي. صرخة عالية تحكي قصة شعب يطالب بالحرية، كرسي صامد وسط الخراب والدمار يقول: صامدون هنا.. تلك بعض أجواء وعوالم لوحات الفنان السوري وعضو المنبر الوطني الديمقراطي "وسام الجزائري" المولود في دمشق 1990.
لوحة وسام المغموسة بالهم اليومي للسوريين وبأرق السياسة تعكس قصة فنان اندمج بآلام شعبه، فاسحا لوحته لتعبّر عن آمال وأحلام كبرى لشعب يخوض دربه الطويل نحو الحرية، ساعيا لنقل صوت المقموعين والمهمشين والمعتقلين إلى العالم حيث شارك في "عدة معارض في أمريكا و مصر و بريطانيا و الأردن و لبنان و تركيا و الكويت و ألمانيا و إيطاليا و الدنمارك و سويسرا لدعم الحراك السلمي الديموقراطي في سوريا"، كما يقول في حوار له مع سيريا أنتولد Syria untold.
يدمج وسام الذي درس في جامعة بلغاريا الجديدة عام 2008 و تخرج عام 2011 في لوحاته بين "الرسم الرقمي باستخدام الكمبيوتر (وهو نوع من أنواع الفن الرقمي الحديث) و الرسم التقليدي"، ساعيا لخلق لوحة تشبهه وحده، لوحة هي "تجسيد الأمل و الألم الذي أفرزته هذه الثورة العظيمة بطريقة بصرية فنية لإيصال رسالتها العظيمة إلى كل العالم" كما يقول.
تحّولت العديد من أعماله إلى غرافيتي رسمها السوريون على جدران بعض المدن السورية مثل مدينة سراقب. و تتنوع تصاميم الفنان بين الابتكار وإعادة تصميم لوحات وصور شهيرة، وهي تعكس متابعة سياسية يومية لتطورات الأحداث ورؤيتها بطريقة مختلفة تجمع بين الألم والتفاؤل أو السخرية والتحدي كما في تصميماته التي انتشرت بعد الحديث عن مخاوف استخدام نظام الأسد للأسلحة الكيميائية.
كان للانتفاضة السورية دور كبير في تحريض الفنان على الرسم، إذ بدأ الرسم السياسي "بعد اندلاع الثورة السورية مطلع العام 2011، بدأت المشاركة بالتحديد بعد اقتحام الجامع العمري في الشهر الرابع من عام 2011"، لأن "الثورة هي الأمل الوحيد للشعب السوري للانتقال بسوريا من الظلام إلى النور، و من الحقد إلى الحب. و هي قد جعلت مني إنسان يستطيع أن يحلم بغد أفضل بعد أن كنّا نعيش في زمن صمت القبور".
يشبه الفنان في حديثه لسريا أنتولد Syria untold علاقة فنه بالانتفاضة بـعلاقة " المدرسة بالطالب و الأم بالابن"، معتبرا أن العلاقة بين لوحته والانتفاضة شيء "يحدده التاريخ و حكمه على فني. ولكن باطبع أتمنى هذا بلا شك".
في غمرة انشغاله بالتعبير عن الانتفاضة فنيا لم ينسى وسام الحب، ففي لوحة تحكي عن الحب والمدينة، ثمة قلوب حمراء تتصاعد من البيوت كأنها أرواح عشاق تواجه قذائف الطائرات في تحدي مجنون، ساعيا من خلال الفن للحلم "بسوريا يعم فيها السلام، و أن تكون حرة مستقلة موحدة ديموقراطية تكون المواطنة و العدل أساس الحكم فيها"، بعيدا عن كل " قطرة دم تسفك" التي تشكل أسوأ لحظاته، محاولا أن ينجو بالفن واللوحة علّه يأخذ سوريا معه بعيدا عن فضاءات الموت.
لوحات "وسام" تعكس مقاومة شعب يبدع طلبا للحرية، فالرقص في مواجهة الدبابة، والزهرة بمواجهة الرصاص، في إصرار على التحدي والأمل رغم كل اليأس، ففي لوحة له يرد على غلاف "مجلة الإيكونوميست" التي صورت اسم سوريا بالإنكليزية وملوناً بالأسود وهي تتحل وتتهدم تدريجياً بفعل الدمار الذاتي، قام الفنان الشاب وسام الجزائري باستكمال الصورة وتصوير عملية إعادة بناء سوريا الجديدة مستخدماً الألوان، في دلالة على حلم السوريين الساعين لبناء سوريا حديثة رغم كل الآلام والمخاض الصعب.