لا ينسى " عبد الوهاب ملا" يوم داس الضابط على وجهه. مذاك وهو يحيا ويناضل حالما "بوطن حر كريم يحفظ للإنسان كرامته وحريته، أحلم بحضارة بلدي وهي قدوة".
وهذا ما جعله متحفّزا وجاهزا للمشاركة حين اندلعت الانتفاضة السورية في الخامس عشر من آذار (2011)، إذ لا يزال يتذكر علاقته الأولى مع الانتفاضة، حين "اتصل فيّ الصديق عبد الرحمن الكيلاني، وأخبرني فرحاً بأن مظاهرات تطالب بالحرية في دمشق قد اندلعت. بعد يومين بدأت بالكتابة عن ذلك، وبدأتُ التحضير لعمل فني يمثل مدينتي حلب، ويسهم في الثورة" كما يقول في حوار أجراه معنا "سيريا أنتولد Syria untold".
كان جل تفكير " الملا" الذي ولد في حلب عام ١٩٨٩ لأبوين من عائلة محافظة وصوفية الهوى يتركز على البحث عن طريقة تساهم في تحفيز الشارع السوري على المشاركة والانخراط في فعاليات الانتفاضة ضد الاستبداد، إضافة إلى توثيق أحداثها ومجرياتها الكثيرة بطريقة فنية. إلا أن ثمة مشكلة برزت أمامه وهي كيفية التعبير عن الأمر دون أن يكشف نفسه، إذ قاده التفكير إلى أنه لا بد للمرء " أن يضحي ويكشف وجهه واسمه في الإعلام بطريقة ما. غير تلك التي يظهر بها الناشطون".
وهكذا غامر بصناعة سلسلة سكتشات تخاطب الشارع بطريقة كوميدية حملت عنوان "هاد كل شي صار"، ثم تقديم مسلسل من أربع حلقات اسمه "هيك صار معنا"، ثم "ألفت بعض الأغاني، وغنيتها في المظاهرات، وكان آخر شيء برنامج "ثورة ٣ نجوم" الذي كان لسيريا أنتولد Syria untold وقفة خاصة معه، إضافة إلى مجموعة من الأغاني الواقعية.
استفاد عبد الوهاب في أعماله التي قدّمها للانتفاضة من خبرته التي راكمها منذ طفولته حتى سنوات الصبا، إذ "صحبتُ والدي إلى الحضرات الصوفية، وتعلمتُ الشيء اليسير عن علم النغم والمقامات، ثم وجهوني نحو الخط العربي، مخافة أن تكون الموسيقى سبباً لانحرافي. لم أطق المدرسة البتة، كانت عبارة عن مجموعة كركوظات تلقي الدروس، ومجموعة دمى صماء تسمع، تركت المدرسة الشرعية الداخلية، في الصف الثامن الابتدائي، واتجهت نحو الخط العربي فصيرني إلى مصمم كرافيك".
عبد الوهاب الذي لا يعتبر ما يقدمه إبداعا، لأن "الإبداع خلق من عدم، إنما قد تكون موهبة ؟"، لا يزال يخدم الانتفاضة في "أن أظهرها فنياً بأفضل ما أستطيع، غيرةً عليها، محاولاً نشر الوعي وكسر قيد الخوف، لي ولعموم السوريين"، لأن الانتفاضة أصبحت بالنسبة له "نموذج حياة، بعد أن كنّا نظنّها فترة زمنية"، متوقعا أن يبقى للانتفاضة أثر في أعماله حتى بعد انتهائها.
يعتبر الملا الذي تعلّم الموسيقا سرّا لأن "مجتمعي يعتبرها حراماً"، أن الشارع السوري تقبّل أعماله لأنها "واقعية تلامس حديث الشارع إلى حد كبير، فنالت الأعمال ثقة الناس، وكان هذا سبباً لأن يتقبلوا الأفكار التي أطرحها".
الانتفاضة التي جعلت من الملا "إنساناً، ينتظر دوره" لا تزال تحفزه على تقديم المزيد في "سبيل حريتنا"، حيث يعمل يوميا على تحسين صورة الانتفاضة ومنع تشويهها في أعماله، دون أن تغفل أعماله عن نقد الأخطاء الحاصلة كما في الكثير من حلقات برنامجه "ثورة ثلاث نجوم"، ساعيا لتسليط الضوء عليها وتصويبها، لأن الانتفاضة قامت أساسا ضد الخطأ، فإما تكون ضد أي خطأ أو لا.
لمتابعة صفحة الفنان على الفيسبوك اضغط هنا.