حسام السعدي


12 تشرين الأول 2013

لم يكن الفنان "حسام جهاد السعدي" ابن مدينة السويداء يدرك أنه ينتظر حدثا بحجم الانتفاضة السورية ليعود إلى فن الكاريكاتير بعد عشرين عاما من هجرانه له، حين حصل "المركز الأول في رسم الكاريكاتير بسنة 1992 بمحافظة السويداء وكان عمري آنذاك خمس عشر عاما"، معتبرا أن  "الثورة السورية هي محركي الاساسي الذي أعادني إلى الرسم بعد انقطاع طويل. وهي من بثت الروح في أصابعي من جديد".

أول تماس له مع الانتفاضة كان حين طرد الفريق الإعلامي للقناة الفضائية السورية، ومنعها من إجراء مقابلات في مقهى "أراكادا" الذي يملكه، والذي تحوّل إلى "ملتقى للناشطين في السويداء" مع بدء الثورة، وذلك بعد أول "خطاب للطاغية بشار الاسد في 30/3/2011 بعد اندلاع الثورة بـ 12 يوم، وبناءا على ما قمت به، فقد أجبرتني الأجهزة الأمنية على تعليق صورة لبشار الاسد على واجهة المحل" كما يقول في حوار له مع موقعنا "سيريا أنتولد Syria untogd".

انخراطه المبكر في الانتفاضة فتّح عليه أعين أجهزة الأمن، حيث تعرض " أكثر من مرة إلى تهديدات وتحقيقات من قبل الفروع الامنية، بأمر من المحافظ وأمين فرع حزب البعث في السويداء".

حسام الذي يمثل محافظة السويداء اليوم في الائتلاف الوطني كعضو عن الحراك الثوري، يكتفي برسم الكاريكاتير الذي سبّب له المشاكل منذ بدأ يخط أوّل لوحاته، لأنه لم يدرك "أن الكاريكاتير ليس مزحة أو مجرد نكتة. و توقفت عن الرسم بناءً على طلب مدير المدرسة بعد أن تناولت في رسوماتي القضية الفلسطينية بطريقة لا تنسجم مع المسموح والمحظور! في معرض المدرسة"، إلى أن عاد إليه بعد الانتفاضة، إذ كانت أوّل لوحة له ردا على "المكرمة المقدمة من سيادتو بوقف إطلاق النار بعيد الاضحى في 2012، وكانت تصوّر شبيح مزعوج من منع ذبح المعارضين، ويجر خاروف للذبح، والخاروف يصرخ الله سوريا بشار وبس لتفادي الذبح"، لتتالى لوحاته التي تحدثت إحداها عن انفجار الأشرفية في لبنان، وموضوع النأي بالنفس للحكومة اللبنانية، حيث بدأ ينشر لوحاته على صفحة "تنسيقية محافظة السويداء" التي يوّجه لها شكرا خاصا عبر موقعنا "لأنها كانت المنبر الداعم لي، وكانت أول من نشر لوحاتي".

الفنان المولود في الكويت عام (1978) اضطر إلى مغادرة البلد و السفر" إلى لبنان والإقامة هناك بعد سيل التهديدات الذي تعرّضت له من قبل قوات الأمن, وفي لبنان بدأت حكايتي مع الكاريكاتير بعد انقطاع قرابة الـ 20 عام، إذ أقمت معرض في مكتبة بعقلين في لبنان، وشاركت بعدة لوحات بمعارض في فنلندا و سويسرا".

يعتبر الفنان أن فن الكاريكاتير يولد حيث "وجد الظلم والاستبداد"، لأن مهمة الفن "إظهار ما في الأعماق إلى السطح وتسليط الضوء على ما هو مغيّب عن الأذهان"، مؤكدا على ضرورة أن يحاكي الفنان "هموم وآلام وآمال شعبنا العظيم وتصدير الصورة الحقيقية عن رقي ثورتنا إلى العالم أجمع"، وعليه فمن الطبيعي جدا أن "يكون فن الكاريكاتير معبّر عن الثورة" التي وفرت للكاريكاتير مادته الخام، لأن الأخير "بحاجة إلى مادة ساخرة ومضحكة متمثلة في شخصية الديكتاتور بشار الاسد فهو المسؤول الأول والأخير عن كل ما يجري في سوريا".

وعن الدور الذي يمكن أن يلعبه الكاريكاتير في الانتفاضة وتحقيق هدفها، يقول الفنان أن "الفن شكل من أشكال الثورة وجزء لا يتجزء منها .. ولكنه غير كافي لإسقاط الطاغية".

أكثر ما يحز في قلب الفنان وريشته، أمران اثنان. الأول هو تصاعد الحديث الطائفي في ظل الانتفاضة، حيث حارب الأمر من خلال لوحاته، مؤكدا أن سوريا "لا يمكن أن تبنى إلا بجميع مكوناتها وألوانها". والثاني هو ضعف الديمقراطية في صفوف المعارضة السورية، معتبرا "أننا بحاجة إلى تعلّم ثقافة النقد، فهناك شخصيات بالمعارضة تشبه شخصية الديكتاتور، وهي نسخة عنه. ونشكر الله أنها إلى الآن لا تملك قوته العسكرية ولكنها تمتلك شبيحته".

والحل الوحيد لضعف الديمقراطية كما يرى الفنان هو " اسقاط الطغاة في داخلنا لنستطيع اسقاط الطاغية لأن كل منا يوجد في داخله طاغية صغير والتغيير يبدأ من الفساد المتسرطن فينا، وإن لم تكن الثورة ثورة على كل العادات العفنة بداخلنا لن تبنى سوريا المستقبل" التي يحلم الفنان برؤيتها تولد في الواقع كما ترسمها لوحاته التي تسلط عين نقدها على النظام والمعارضة معا.

لمتابعة الفنان على الفيسبوك اضغط هنا.

الوسوم:

هذا المصنف مرخص بموجب رخصة المشاع الإبداعي. نسب المصنف : غير تجاري - الترخيص بالمثل 4.0 دولي

تصميم اللوغو : ديما نشاوي
التصميم الرقمي للوغو: هشام أسعد