"قفزة مفاجئة" بالبسكليت لكسر تقاليد المجتمع وتفادي الحواجز الأمنية


07 تشرين الثاني 2013

حين تجد فتاة ترتدي الحجاب وهي" تشوفر" على الدراجة الهوائية في شوراع دمشق اليوم، أو شاب "يتبختر" ويسابق "البورش" الواقفة على الحاجز وهو "يضحك" على سائقها، فلا تعتقد أنك أمام أمر طبيعي، بل على العكس فأنت أمام حملة يقودها شباب سوريون لكسر رقابة الحواجز الأمنية وتفادي الأزمة المروية بعد أن "أصبحت عملية التنقل تستغرق ساعات"، فما هي الحكاية ومن هؤلاء المتمردون؟ وماذا يريدون في الوقت الذي تعيش سوريا واحدة من أكبر أزماتها الكبرى؟

الأمر جزء من حملة أُطلق عليها اسم "صار بدها بسكليت" و التي بدأت حين أدرك القائمون عليها "أننا نعتمد على المواصلات العامة و السيارات في تنقلنا، ولا نقوم باستخدام الطرق البديلة كالدراجة، وأن استخدامها بشكل واسع من قبل الذكور أو الإناث ليس من ثقافتنا, فقررنا بدء هذه الحملة لإدخال هذه الثقافة" كما يقول أحد مسؤولي الحملة لموقعنا "سيريا أنتولد Syria untold".

يهدف القائمون على الحملة إلى " تغيير عادات المجتمع و نظره إلى استخدام الطرق البديلة، و إيصال ثقافة استخدام الدراجة بدلا من الاعتماد على المواصلات كسبيل لرقي المجتمع من خلال الفوائد التي يمكن جنيها من استخدام الدراجات كتخفيف الضغط المروري أو التوفير في الوقود و تقليل التلوث، و الحفاظ على رونق بعض الأماكن بعدم استخدام السيارات فيها".

 ولهذا دعا الناشطون إلى جعل يوم الرابع من تشرين الأول 2013 موعدا لبدء أول حملة لهم من "أمام جميع كليات جامعة دمشق"، بهدف "أن يصبح منظر الدراجات مألوفة أمام جميع الجامعات فغالبا ما تترك الدراجات على سور الجامعة و لا يسمح بإدخالها إلى الحرم الجامعي" و لهذا كان اختيار البدء من أمام الجامعات، "للدلالة على أن التعامل مع ثقافة البيسكليت يجب أن يتغير بمجرد استخدامنا لها".

نغم، إحدى المشاركات في الحملة. المصدر: الصفحة الرسمية للحملة على الفيسبوك
نغم، إحدى المشاركات في الحملة. المصدر: الصفحة الرسمية للحملة على الفيسبوك

اعتمد القائمون على الحملة  مبدأ الـ shift paradigm "أي القفزة المفاجئة و هي طريقة لفتح المجال لتطور سريع خلال فترة زمنية، لذا كانت حملة يوم الاثنين " لكسر حاجز الخوف عند بعض الشباب و الصبايا اللواتي يخجلن من استخدام البيسكليت في مجتمعنا، و خصوصا أن مجتمعنا محافظ و أن ركوب الفتاة المحجبة للبيسكليت هو أمر غير مألوف و قد يقابل من البعض بالرفض و الاستهزاء, لذلك كان علينا القيام بهذه الحملة لكي نعوّد المجتمع على هذه الثقافة".

يقوم بهذه الحملة "مجموعة من الشباب السوري أغلبهم من طلبة الجامعات و بالأخص من كليات الهندسة" الذين يعتبرون أن الحملة ليست ردا على الحواجز والإذلال الأمني، بل هي " ردا على الازدحام المروري, صحيح أنها (الحواجز) تلعب دورا كبيرا في ذلك, لكن أي شيء آخر قد يعرقل السير, و ليس الهدف تفادي الحواجز فبعضها لا مهرب منه حتى مشيا على الأقدام".

التجاوب مع الحملة كان جيدا، "خاصة من فئة الشباب و بالأخص من الإناث، اللواتي يعانين من عمليات الدفش و "المطاحشة " خلال استخدام المواصلات العامة. و هذا ما جعلهن متحمسات للفكرة".

 وفعلا بدأ العديد من الشبان والشابات ينضمون للحملة، ويشاركون صورهم على صفحة الحملة دليل التضامن، وبعضهم سرد تجربته الأولى، إذ قالت إحدى المشاركات: " أول الشي أنا محجبة وبمانطو مشان مايقولوا ماتزبط .. رحلتي بلشت من الـ7 صبح من بيتي بمشروع دمر أنا وأخي مشان التشجيع. نزلت عالربوة وبعدين على مفرق المزة وعالمواساة وهون بنشر دولاب بسكليتة أخي وصار بدو يدور على مصلح وقلي خلص كملي بلا ماتتأخري عدوامك .... وكسري حاجز الخوف... وهون بلشت المغامرة ... كملت باتجاه الجمارك وبتعرفوا هون كلو حواجز والحمد لله كلهم حبابين ويرفعولي الحديدة تبع الحاجز خصوصي لامرق من تحتها مع ابتسامة وقولة الله يقويك . المهم كانت تجربة رااااائعة .. وبتمنى من كل الصبايا يتشجعوا وينزلوا مافيها شي بس اولها بتتلبكوا بعدين عادي".

صورة جماعية لمجموعة من الشباب المشاركين بحملة صار بدها بسكليت ... المصدر صفحة الحملة على الفيس بوك
صورة جماعية لمجموعة من الشباب المشاركين بحملة صار بدها بسكليت ... المصدر صفحة الحملة على الفيس بوك","title":"..... EN

العوائق التي تقف في طريق الحملة تتمثل بغلاء أسعار الدراجات، لأنه "للآن لم نقم بأية خطوة لتوفير دراجات بأسعار أخفض مثلا لكن نطمح لأن نكون قادرين على القيام بذلك لأن هذا سيعطي دفعا كبير للفكرة"، إضافة إلى "عوائق على المستوى الثقافي للمجتمع .. مثل عدم تقبل المجتمعات المتحفظة لفكرة ركوب الفتاة على الدراجة و نحاول من خلال الإقناع و مبدأ دفع الأفضل بالأسوأ بمقارنة حال الفتاة بالمواصلات أو مع استخدام الدراجة" داعين الأشخاص القادرين على المساعدة لـ "تقبل أفكارنا و محاولة تطويرها بدل من إلغائها كما نأمل من الجميع أن يتقبل ثقافة الدراجة ليس كمفهوم الدراجة بحد ذاتها، و إنما بثقافة البحث عن الحلول من خارج المألوف و استخدامها" لنكون أمام مجتمع بدأ يبحث عن بدائله الخاصة لمواجهة الأزمة العاصفة في سوريا، مما يمثل بواكير نهوض المجتمع المدني من خارج بيئتي السلطة والمعارضة، للمشاركة في رسم مستقبل سوريا عبر اقتراح حلول لتفادي المشاكل التي باتت الأزمة السورية تولدها، فالحملة في جوهرها رد غير مباشر من المجتمع على تصرفات السلطة الأمنية و معالجات المعارضة معا، ولو قال القائمون على الحملة غير ذلك.

هذا المصنف مرخص بموجب رخصة المشاع الإبداعي. نسب المصنف : غير تجاري - الترخيص بالمثل 4.0 دولي

تصميم اللوغو : ديما نشاوي
التصميم الرقمي للوغو: هشام أسعد