مناشير ملحدة في انتفاضة تتهم بأنها إسلامية


09 تشرين الثاني 2013

رغم أن الإلحاد والكلام عن الدين بحرية هو ما أنقذه خلال المرتين اللتين تعرض فيهما للتحقيق "مرة في فرع المنطقة، و مرة على حاجز من حواجز النظام" إلا أنه بقي مثابرا على إشهار إلحاده في انتفاضة توصف في كل وسائل الإعلام بأنها ذات طابع إسلامي سلفي، ليبقى هو وأصدقائه محاصرين بين براثن النظام من جهة، ورؤية مجتمع يرفض الجهر بالإلحاد، فما بالك بمنشورات ملحدة على الجدران وفي الشوارع؟

بدأت القصة حين أراد " أيمن غوجل" وأصدقائه الرد على من يحاول أسلمة الانتفاضة السورية في بداية انطلاقها، وتصويرها إعلاميا على أنها "إسلامية التوجه، عبر السعي لصب كل "مكوناتها في نهر الإسلامية"، علما أن  هذا ليس صحيحاً على الاطلاق، لأن "الثورة السورية كانت تحوي في بدايتها على كل ألوان الطيف السوري الواسع. و ربما كانت الطبقة الملحدة هي من أوسع الطبقات التي انخرطت في الثورة من أول يوم على عكس بقية الفئات أو الطبقات أو حتى المذاهب الدينية صاحبة ( الأكثرية ). أنا شخصياً كل من أعرفهم و يحملون نفس النزعة اللادينية أو الالحادية كانوا من أوائل من انخرط و بشكل فعال جداً في الثورة عندما كانت ثورة 100% ".

 

صورة لأحد المناشير تخاطب عناصر الأمن التابعة للنظام السوري : المصدر صفحة الملحدين السوريين على الفيس بوك
صورة لأحد المناشير تخاطب عناصر الأمن التابعة للنظام السوري : المصدر صفحة الملحدين السوريين على الفيس بوك","title":"..... EN

و كرد فعل على ذلك، قرر هو وأصدقائه توزيع ونشر منشورات ضد النظام، موّقعة باسم "الملحدون السوريين"، ليفاجؤوا ( رغم توزيع المنشورات في مناطق معارضة للنظام) أن من أزال عباراتهم عن الجدران هم " أهل تلك الشوارع و ليس الأمن، و رأيت نفس النظرة الخائفة من الذين أزالوها و كأنه اختراق فكري لشعب تعود على أن يلوّن كل شيء بلون واحد"، علما أن  "المنشورات كانت تسخر من النظام و بعضها كان يسخر من بشار و العرعور كونه الممثل الفعلي لأسلمة الثورة السورية"، مثل "السيد بشار الأسد .. شكرا أنت دليلنا في إثبات نظرية داروين" و " اصحى يانايم انتهى حكم البهايم"،  لنكون أمام أول حالة رفض من داخل الانتفاضة "لتحويل الثورة لشكل صراعات دينية و ليس صراع على نزع الحريات و تحقيق الكرامة و المواطنة"، كما يقول في حوار مع موقعنا "سيريا أنتولد Syria untold".

ورغم أن الكثير من التظاهرات كانت تخرج في البداية من الجوامع مما قد يحيل إلى إسلاميتها فإن " أيمن" ورفاقه كانوا يرفضون الخروج من الجامع، فـ " كنت أنتظر خروج المظاهرة من المسجد الى الشارع في سيارتي، و أنا أشرب البيرة لأني لم أجد أنه من المناسب وجودي في المسجد لأنني أعده نوع من النفاق الفكري".

الملحدون السوريون يعتبرون أن الانتفاضة هي "ثورة حرية فكرية" فلم يعتبروا أنفسهم مضطرين "لمسايرة الفكر العام في ثورة خرجت لمحاربة نشر فكر عام على أنه من المسلمات" رافضين ترديد شعارات تحيل إلى الغيب من نوع "يا الله مالنا غيرك يا الله" و التكبير، رغم استهجان البعض من "سكوتي خلال ترديد مثل تلك الشعارات"، ليكون الملحدون السوريون بين فكي وجهتي نظر الأولى من داخل الانتفاضة تريد أن تقول أن الانتفاضة إسلامية التوجه والثانية من بيئة النظام ومؤيدوه إذ "هناك نظرة عامة عن أن من خرج يجب أن يكون اسلامياً و متطرفاً"!

التعتيم والإلغاء لم يحصل في الواقع فقط حين طمس " الثوريون" شعاراتهم على الجدران، بل وصل حد العالم الافتراضي حين انتشرت المناشير، إنما " طمس اسم الملحدين السوريين، و عوملت بنفس عقلية إلغاء الآخر التي اعتمدها النظام لسنوات" رغم أن "المناشير كانت تؤكد على أن الثورة سلمية و أن خيارها السلمي هو سر قوتها".

منشور للملحدين السوريين في أحد شوارع دمشق. المصدر: شبكة الملحدين واللادينيين السوريين لدعم الثورة السورية على الفيسبوك
منشور للملحدين السوريين في أحد شوارع دمشق. المصدر: شبكة الملحدين واللادينيين السوريين لدعم الثورة السورية على الفيسبوك

يعتبر أيمن  ورفاقه أن التجربة "ممتعة بكل تفاصيلها منذ توزيعها الى مراقبة إزالتها من قبل من يفترض أنهم في صفك"، إلا أنه يعترف بنفس الوقت أنها لم تكن أثر من محاولة "إثبات وجود" لأنه  "كان من المتوقع أن يقابل برفض البعض".

يبدو واضحا أن عقلية هدم كل المقدسات تسيطر على "أيمن" من مفرداته ولغته الثائرة التي تريد أن تهتك كل شيء، إذ يعبر عن اللحظة الأولى التي صرخ فيها "الشعب يريد إسقاط النظام" بالقول "لم و لن أستطيع نسيانها لقد شكلت ولادة جديدة و حطمت صنم آخر و إلحاد مضاعف ضد دين و إله بشري أخطر من كل أديان البشر"، معتبرا أنه آنذاك تمكن من "تكسير صنم نفسي و شخصي و عام بنفس الوقت و الخروج من عباءة دين الأسد مرة واحدة و بشكل معلن و صارخ"، وهو ما جعله يحافظ على ابتسامة عريضة لمدة أسبوع.

"الحرية قادمة" هذا ما يؤمن به أيمن لذا يطلب من القراء قراءة "افتتاحيتي في مجلة "أي ثينك I think (التي أسستها بعد بدء الثورة) لأنني بدت مقتنعاً وقتها أن الحرية قادمة و يجب أن نبدأ في التحضير لها فكرياً، و أنا أنصحهم في كل عدد أن يعيشوا سعداء عشت لحظات سعادة لن تكرر بهذا الشكل".

هذا المصنف مرخص بموجب رخصة المشاع الإبداعي. نسب المصنف : غير تجاري - الترخيص بالمثل 4.0 دولي

تصميم اللوغو : ديما نشاوي
التصميم الرقمي للوغو: هشام أسعد