صامدون: رسائل يبثها المعتقلون من قلب الظلام


12 تشرين الثاني 2013

هي فكرة معتقل لم يزل رهين الاعتقال، نقلها صديقه الذي خرج منذ فترة بعد أن قضى معه زمنا طويلا في المعتقل، لتتحول (الفكرة) على يد مجموعتي  "الحراك السلمي السوري" و "صوت المعتقلين" إلى رسائل إبداعية مشحونة بصوت شجي لأشخاص يرقدون في ظلمة المعتقل طلبا للحرية، تحت عنوان "صامدون" كوسيلة تهتك أسس الدكتاتورية وتكون صدى المعتقلين وصوتهم في آن، فكيف ذلك؟

الفكرة تقوم نقل أفكار المعتقلين الموجودين اليوم في المعتقل وهواجسهم وصمودهم وأحلامهم وتحديهم لظلام السجن والظلام، ورواية الأحداث التي تحصل داخل تلك الزنازين، لتحويلها إلى رسائل صوتية لبثها عبر "صوتيات" لتكون صوت المعتقل للخارج، بهدف "إظهار مدى إيمان معتقلينا بالحرية ومدى تضحيتهم لنيلها. عسى أن لا نفرط بمبادئ ضحوا لأجلها ونحن بدأنا بتضييعها. مازلنا في البداية وسنبقى بإذن الله طالما هناك معتقلون صامدون حتى ننقل رسالتهم بكل صدق وشفافية"، كما يقول أحد ناشطي "صامدون" لموقعنا "سيريا أنتولد Syria untold".

يعمل فريق العمل على تتبع رسائل المعتقلين والحصول عليها، عبر" أناس شرفاء في السجون، وعبر بعض المعتقلين المفرج عنهم، إضافة لذكريات معتقلين عانوا من تجارب لم تحكى بعد" ليتم العمل عليها وتحويلها إلى "صوتية"، وفق جهود ذاتية بعيدة عن أيّ تمويل، على أمل أن يتم نقله "إلى مشاهد تمثيلية تتطلب تمويل ربما".

في صوتية تحمل عنوان "الطبيب المعتقل" يتم رصد قصة طبيب لم يزل حتى اليوم داخل المعتقل، عبر صوت معتقل خرج للتو، ليسرد لنا حكاية الطبيب الذي تحوّل وجوده بالزنزانة إلى مصدر صمود وقوة لرفاقه سواء عبر علاجهم حين يقدر، أو عبر تحدي السجانين أو عبر إعانة زملائه على الصمود. وفي الحلقة الثانية من "صامدون" يوّجه المعتقل رسالة إلى زوجته من داخل السجن شارحا لها كيفية اتباع النظام سياسة التجويع حتى داخل المعتقل، حين يقوم السجان بتوزيع 95 حبة زيتون لمئة معتقل، ليحتج الخمسة الباقون بلا زيتون وتبدأ الصراعات داخل زنزانة صغيرة!

وحين يصعب على الناشطين العثور على حكايات أو رسائل من داخل السجن بسبب "تأخر وصول الرسائل أوعدم وصولها بشكل دوري منتظم" يتم اللجوء إلى "ذكريات معتقلين سابقين" لتحويل حكاياتهم إلى قصص صمود تخدم "المبادئ التي ضحى لأجلها شهدائنا و معتقلينا من الحرية والعدالة الكرامة"، لأن "التضحية بها ظلم أكبر سيناله المعتقلون أكثر من سجنهم وتعذيبهم من قبل سجانيهم" لذا فإن صامدون تسعى "لصونها والتمسك بها كرمى لكل من ضحى لأجلها"، في محاولة لتقديم أقل قدر من الوفاء لأولئك الذين يرقدون في ظلمة المعتقل طلبا لحريتنا، وسعيا لجعل تلك الجهود تصب في نهر النضال الطويل ضد الدكتاتورية.

هكذا يغدو صوت المعتقل تفاعل حي بين ناشط حر خارج المعتقل وناشط داخل المعتقل، سعيا لكسر احتكار الدكتاتورية للفضاء العام، فإذا كانت السلطات أرادت الاعتقال وسيلة لحجب الصوت وعقوبة للناشط، فها هو ينشط من داخل المعتقل، في رسالة تحدي بالغة الدلالة لسلطة لم تعرف إلا العنف وسيلة لإخضاع مجتمعها الذي يثبت لها أن المعتقل نفسه لم يعد قادرا على إخضاع أرواح تتعتق في ظلمة المعتقل، بانتظار خمرة الحرية.

مقالات متعلقة

تجارة معتقلي الإرهاب: كيف تصبح إرهابياً في خمسة أيام؟

04 كانون الأول 2017
هل تحوّل الإرهاب إلى تجارة في سورية؟ من يدير هذه التجارة؟ ومن هم ضحاياها؟ كم هي المبالغ التي تدفع؟ تحقيق لحكاية ما انحكت عن تجارة الإرهاب في سورية
ناجية من الاعتقال.. لم تنجو من المجتمع

29 أيلول 2018
إنّ استغلال أجهزة المخابرات السورية لمفهوم الشرف في قضية اعتقال النساء، بشكل واعي ومقصود، دفع نسبة كبيرة من الأهالي، بشكل غير واعي وغير مقصود، للتعامل مع بناتهم ونسائهم على أساس...
أعطتني سترة ابنها المعتقل

11 تشرين الأول 2016
في الخارج أمام القصر العدلي، كان الكثير من الأشخاص ينتظرون. أوقفتني امرأة في الخمسين من العمر، وسألتني: من أين خرجت؟ وأجبتها: من المخابرات الجوية، ففرحت وسألتني عن ابنها علّه يكون...

هذا المصنف مرخص بموجب رخصة المشاع الإبداعي. نسب المصنف : غير تجاري - الترخيص بالمثل 4.0 دولي

تصميم اللوغو : ديما نشاوي
التصميم الرقمي للوغو: هشام أسعد