فرقة الدب السوري


19 كانون الأول 2013

لطالما كان الإبداعُ مُرافِقاً للثّورات، ولطالما كانَ الإبداع أداةً من الأدوات الأساسيَّة التي يواجِه بها المحتَجّون السلطات الحاكمة، ولطالما كانت السّلطات المستبدّة تقمعُ فضاء الإبداع بقسوةٍ وعنفٍ لا تقلُّ عن عنفها تجاهَ الفضاءات الأخرى.

في ظلّ ازدياد العنف في الأزمة السوريّة، وتشابك الأمور وتعقيدها، تشكّلت فرقة في عام 2011، أطلقَت على نفسها اسم "فرقة الدب السوري"، وهي مجموعةٌ من السوريين من كافة الفئات والشرائح جمعتهم الصداقة الشخصيَّة أوّلاً، يقيمون في ألمانيا، ويقومون بنشاطات إبداعيَّة ترفيهيَّة مُختلفة، كالعزف على الآلات الموسيقيَّة بمختلف أنواعها، بالإضافة إلى خلق جو من التصفيق واللهو و"التهييص".

لا أسباب مُباشرة وواضحة كانت وراء تشكيل "فرقة الدب السوري"، بل كان السبب الطّريف الوحيد هو الغناء والعزف والسخرية من "سيادة الدكتور بشار الأسد" كما يقول أحد الناشطين في المجموعة لموقعنا Syria untold سيريا أنتولد، ولبساطة المشروع ووضوح فكرته فإنّ المشروع لم يكن يحتاجُ إلى تطوير، ويجاوب الناشط في المجموعة بشكل ساخر حول سؤالنا عن تطوير الفرقة قائلاً:" فرقة الدب السوري قطعت على نفسها باب التطوير، لأنَّنا معقّدون من التطوير والتحديث والإصلاح" وهي المفرادات التي كان يستخدمها الرئيس الأسد في خطاباته منذ تولّى الرئاسة عام 2000، إنما دون أن ينفذ أيّ شيء من وعوده.

أغاني المجموعة تعتمد على السخرية السياسية الواضحة، وخفة الدم، والاعتماد على الصورة الشعرية البسيطة مع إيقاعٍ غنائي خفيف على السمع، ومن الأغاني مثلاً:"ارحل يا نظام/ إرحل يا نظام يا نظام إرحل/ إرحل يا نظام يا نظام إرحل/ عمنتمنالك/ تهتم بحالك/ نطلع من بالك/ تروح ترحل/ إرحل يا نظام يا نظام إرحل/ إرحل يا نظام يا نظام إرحل/ الحل يا نظام يا نظام إيه الحل/ إيه الحل يا نظام يا نظام الحل/ ترحل يا نظام و عنا تحل/ إرحل يا نظام نظامي الحل/ إرحل يا نظام يا نظام منحل/ إرحم يا نظام و عنا حلّ/ الحل يا نظام نظامي الحل/ ترحل يا نظام و عنا تحل/ الحل يا نظام يا نظام منحل/ إرحم يا نظام و عنا ارحل".

يقولُ كاتبُ الأغاني وملحّنها:" كنت أجدُ نفسي فجأة أكتب، وغالباً أثناء تقليب صفحات الفيسبووك أو موقع الجزيرة أونلاين، أردّد جُملةً ملحّنة، فأشتغل على اللحن والكلمات إلى حين ظهورها للعلن وأناقش الأغنية مع الدببة الآخرين".ولأن الأغاني كانت جزءاً أساسيَّاً من الثورة السلمية، كأغاني "سكابا" مثلاً،فإنَّ دخول الثورة طور التسلّح أثَّر على الأغاني كثيراً على حساب ارتفاع صوت السلاح.

https://www.youtube.com/watch?v=PdFUvweYW_w

ومن الأغاني الطريفة والذكية من في عمل المجموعة أغنية "يمل" وفيها يتم التنديد ببشار الأسد وبكيفيَّة توريثه للسلطة من قبل والده، تقول الأغنية :" الشعب مل من الأبد/ والدٍ وما ولد/ و رح يسترجع البلد/ من أنيابك يا أسد/ يا بشار طلع الضو/ ما عاد نخاف من العو/ اليومة رح بنشيلك أو/ بكرة الأيام بتحلوّ/ يــُــمـل يــُــمـل.../ من امك من أبوك صدق يــُــمـل/ من اختك من اخوك وصهرك يــُــمـل/ من أمنك من كل مين بأمنك يــُــمـل/ من الفوضى يلي بنظامك منك يــُــمـل/ يا نحول اسمع الحكاية/ بيحكوا بمجلس كان في مراية/ زاحوا من فوقا البرداية/ !و هتفوا.......يحيا الحرباية/ يــُــمـل يــُــمـل.../ افتح عيادة يا دكتور/ استثمر عرباية بشار/ إفلح أرضك بتركتور/ القصد تفلت هالمنشار/ طالع آكل/ نازل آكل/ طالع آكل نازل آكل/ عمي منصور النجار/ يــُــمـل يــُــمـل.../البلد اللي ورتا من بابا/ يلا رجعها لصحابا/ يا وسخ نظفت جيابا/ ارجع فورا الى الغابة/ الشعب مل من الأبد/ والدٍ وما ولد/ و رح يسترجع البلد/ من أنيابك يا ولد".

فرقة "الدب السوري" هي الجزء الموسيقي من مشروع مدنّي متكامل هو "الشعب السوري عارف طريقه" الذي حصل على جائزة البركس العالمية "The Golden Nica: Prix Ars Electronica" عن فئة Digital communities، علماً أنَّ جائزة البريكس هي جائزة عالميّة سنويّة في مجال الفن والتكنولوجيا وعلاقتهما بالمجتمع مقرُّها النمسا، إنّها جائزة في المجال الإبداعي، "لا نراها جائزة شخصية لنا وإنما جائزة للشعب السوري المبدع ولكل من ضحى بنفسه".

لا تتلقّى المجموعة تمويلاً من أيَّة مؤسسة تهتم بالنشاطات المدنية الإبداعيَّة، "تلقّيت مبلغاً من المال لقاء مشاركتي مع دب آخر في مهرجان في أوسلو، وقد قمت بإنفاق المبلغ على السفر إلى قطر عربي شقيق بقصد الزواج، وهذا ما حصل، أما هو فأعتقد أنه صرف المبلغ على ملذاته الشخصية".

الفرقةُ توقّفت عن الانتاج، "أصبحنا من التاريخ" يقول الناشط، ولكن فرقة "الدب السوري" تبقى علامة فارقة في نشاطات المغتربين السوريين في ألمانيا وفي كل أوروبا، تجربة شبابية فنية في كتابة الأغاني من وحي الألم السوري، بعيداً عن الصراخ والحزن المصطنع.

،

هذا المصنف مرخص بموجب رخصة المشاع الإبداعي. نسب المصنف : غير تجاري - الترخيص بالمثل 4.0 دولي

تصميم اللوغو : ديما نشاوي
التصميم الرقمي للوغو: هشام أسعد