محمد الويس


28 كانون الثاني 2014

"غادرت مدينتي مجبراً، إلا أن قلبي بقي معشّقاً بحجارتها وأبوابها التي ترشح حضارة وعنفوان، حلب: عشقي وملهمتي الأبدية". بهذه الكلمات يستهل الفنان الشاب "محمد الويس" حديثه التي تلّخص كل ما يريد القارئ معرفته عن لوحاته التي ملأت صفحات الفيسبوك.

"محمد الويس" ذو الستة والعشرين ربيعاً، ولد وترعرع في مدينة حلب، التي غادرها بعد فترة وجيزة من اندلاع الثورة السورية للحصول على شهادة الماجستير من جامعة القاهرة، وإذا كانت إقامته في مصر منعته من المشاركة في الحراك السلمي، إلا أن روحه أبت إلا أن تنسج خيوط شوقه صوراً وألوان، فكانت "أول لوحة صممتها .. بمحض الصدفة .. فعند بدء المعارك في مدينة حلب كانت الأخبار تعج بأنباء عن مدينتي، فوجدت نفسي لأول مرة أحاول استعادة أسماء وصور أحيائها وشوارعها بلوحة تذكر كل من سكن حلب وسكنته أنها برغم الدمار، ستبقى جميلة." كما يقول لموقعنا "سيريا أنتولد suria untold".

الفنان الذي تخرج من كلية الفنون الجميلة والتطبيقية بحلب يعبّر بلوحاته التي تتناول الحدث السوري عامة، والحلبي خاصة عما يقاسيه السوريون من ألم ببساطة وبدون مقدمات، ألوان حيّة، تصميم ذكي تسطره كلمات قليلة باللغة العامية، تحاكي واقع الشعب السوري بشقيه المؤيد والمعارض.

لا يقضي "محمد الويس" وقته أمام شاشة الفيسبوك بحثاً عن حدث ليصنع منه عملاً فنياً، بل يستوحي من العبارات التي تتردد على مسمعه، والأنباء التي تهز الشارع السوري مطلقا العنان لمخيلته وغضبه سوية، ليعبّر عنهما بإحدى تصاميمه. ففي إحدى لوحاته كتب عبارة "سلاح كيماوي" بكافة لغات العالم، موجها سؤالاً إلى العالم أجمع: "كيف تفهمون؟ السؤال الذي طرحه باستغراب كل السوريين بعد المجزرة التي وقف العالم أمامها صامتاً متفرجاً، كأنهم لا يفهمون لغة صراخ أمهات ثكلى وأطفال يتامى"؟

أعماله الأخرى تعتمد المبدأ ذاته يقول: "صمت أذناي عبارة شو الحل لهاد الوضع؟ ايمتى رح تنحل هالأزمة، فاستوحيت منها لوحتي سلام، التي رسمت بها سوريا خريطة للكلمات المتقاطعة، حلها هو كلمة من أربعة حروف "سلام

لوحة للفنان محمد الويس. المصدر: الصفحة الرسمية للفنان على الفيسبوك
لوحة للفنان محمد الويس. المصدر: الصفحة الرسمية للفنان على الفيسبوك
".

لوحات محمد الويس هي ذكريات عن وطنه ومدينته وما حل بهما، إلا أن أكثرهن عمقاً وتأثيراً هي تلك صمّمها يوم قصف مئذنه الجامع الأموي في حلب، الحدث الذي هز جميع السوريين لأهمية ذاك الجامع الموغل في التاريخ. لوحته هذه كانت الأكثر مشاركة على الفيسبوك حينها والأدق تعبيراً عن الحدث: اسم حلب بلامها التي سقطت كسقوط مئذنة جامعها الشهير.

 هاجس محمد الأكبر هو عائلته التي ما زالت تقبع في حلب معرضة للخطر على الدوام، إلا أن قلقه كثيراً ما يتحول إلى تصميم وإصرار على متابعة مسيرته الأكاديمية ليكون فخراً لذويه ووطنه، آملاً أن يكون الفن طريقاً لوحدة السوريين بكافه أطيافهم ومواقفهم السياسية.

الوسوم:

هذا المصنف مرخص بموجب رخصة المشاع الإبداعي. نسب المصنف : غير تجاري - الترخيص بالمثل 4.0 دولي

تصميم اللوغو : ديما نشاوي
التصميم الرقمي للوغو: هشام أسعد