بعد استفحال الأزمة السوريّة وفيضها إلى دول الجوار، ووصول عدد النازحين إلى ما يقارب ستة مليون نازح داخل وخارج سوريا، وفي ظل غياب التعليم المدرسي والرعاية الصحيّة وبرامج التنمية الخاصّة بالأطفال، فإنَّ جيلين تقريباً من الأطفال السوريين لم يدخلوا إلى المدارس بسبب الأزمة السورية، وهذا ما دفع مجموعة من الناشطين السوريين إلى إطلاق مشروع "الكرفان السّحري" كمجموعة مخصّصة للأعمال الترفيهيّة والتدريبيّة والتثقيفيّة للأطفال النازحين.
وتم اختيار اسم "الكرفان السحري" للمشروع ، لأنَّ منطقة ادلب وريفها، تحتوي على الكثير من الكرفانات في المشاريع الزراعية، ولأنَّ الكرفان يدل على النزوح واللاستقرار، لذلك فقد قرر فريق العمل أن تجري بعض نشاطات الفريق في كرفان ملون خاصّ بالأطفال النازحين، ويقدم لهم خدمات فنية وتعليمية وتثقيفية،
فكرة "الكرفان السحري " قامت على أساس القيام بنشاطات متعدّدة متنوّعة، وتتوجّه بشكلٍ خاصّ إلى مسألة تنمية القدرات الذهنيّة للأطفال، كأعمال الفنون الجميلة من رسم وأشغال يدويّة بالاعتماد على مخلفات البيئة الطبيعيّة، وعروض سينمائيّة مسائيّة يحضر فيها الطفل مع عائلته، بالإضافة إلى توزيع مجلات للأطفال، كمجلة "زيتون وزيتونة" وهي مجلّة يتم إصدارها دورياً كل أسبوعين، من قبل شباب سوريين يهتمون بنفس المشكلة عند الأطفال، ألا وهي تنمية المهارات الذهنية وقدرات القراءة.
يقومُ فريق العمل بجمعِ كلّ الأعمال الفنيّة التي يشتغلُها الأطفال، وذلك تحضيراً لخطّةٍ مستقبليّة في إحياء معرض من أجل هذه الأعمال، "قمنا بالعمل مع أكثر من 200 طفل متواجدين في المشاريع الزراعية -حيث تلجأ إليها العوائل للنزوح-، كان العمل بمعدّل 4 ساعات يومياً لأطفال من مختلف الأعمار". هكذا يقول أحد الناشطين في المجموعة لموقعنا سيريا أنتولد Syrian Untold.
كما أنّه هنالك أيضاً دعم فنّي للمدارس الموجودة في المناطق الخارجة من سيطرة النظام السوري، كإعداد ورشة تدريبيّة بالفنون الجميلة في مدرسة الشهيد "قاسم الحمّاد"، لمدّة ثلاثة أيام لحوالي 100 طفل، وتقديم عروض سينمائية في المدارس، ورعاية ألعاب رياضيّة تهدف لإطلاق فرط النشاط المتواجد لدى الأطفال.
ولأنَّ الحرب الدائرة في سوريا أدَّت إلى توقُّف المدارس وفراغٍ تعليمي وثقافي، فإنَّ أهالي الأطفال يتجابون بشكلٍ مثالي، لإداركهم حجم خطورة مسألةِ عدمِ تعليم الأطفال، ولكن أغلب الأسر النازحة لا تمتلك المقدرة الماديّة الكافية لاستكمال التعليم، وهذا ما بالضبط ما يحاول "الكرفان السحري" تأمينه.
فريق العمل حتّى الآن تطوّعي ويتم أحياناً الاستعانة بخبرات تقنية نوعية لناشطين معيّنين، كخبرات الفنون الجميلة والمسرح التفاعلي مثلاً، "استطعنا أن نغطّي حوالي 1000 طفل نازح من هدايا ورسم وفنون".
"الكرفان السحري" هي لفتة لطيفة إلى معاناة الطفولة في سوريا، الطفولة المحرومة من التعليم والرعاية والتنمية، الطفولة التي ضاعت في أتون هذه الحرب الطاحنة.