تجمع شبابي ضد التطرف


30 آذار 2014

بعد انتشار التطرف وممارسات داعش الوحشية التي فاقت تصرفات النظام وباتت سندا له، أدرك الناشطون السلميون والمدنيون أن ثورتهم مهددة من افتراس النظام من جهة ووحشية التطرف التي تساند النظام من جهة أخرى، فأدركوا أنه لابد من مواجهة التطرفين معا، إن أرادوا لثورتهم/ انتفاضتهم أن تنجو من مخاضها هذا، لهذا ولد "تجمع شبابي ضد التطرف" على يد المخرج المتخصص في مجال الأفلام المتحركة "وائل طوبجي" والفنان التشكيلي المبدع في مجال هذه الرسوم "ديلاور عمر" الذين جمعهما إلى جانب آخرين "انتماءنا للثورة السورية التي تهدف للحرية و بناء مجتمع مدني تعددي"، حيث رؤوا أن النظام السوري الحالي بممارساته قبل و خلال الثورة السورية يعوق هذه الأهداف، و أن التطرف الديني الذي ينتشر في سوريا يدعم أهداف النظام السوري بشكل كبير و يبرر العنف الذي يمارسه النظام ضد الشعب السوري و يدعم تبرير النظام بإدخال  قوات أجنبية لتحارب على الأراضي السورية بجانب الجيش السوري كقوات حزب الله و قوات إيرانية و غيرها من الميليشيات. بالإضافة إلى أن التطرف يؤثر بشكل كبير بتعزيز التفكك المجتمعي" كما يقول "وائل" لموقعنا "سيريا أنتولد Syria untold".

الفكرة ولدت "بشكل شبه عفوي حين بدأت أنا و زميلي ديلاور سليمان بالعمل على  فيديو إعلاني  بعنوان "لهم أطفال" يظهر محاولات متتالية لفتاة في السادسة من عمرها، لتسجيل رسالة مصوّرة بغية إرسالها للجهة التي خطفت والدها"، حيث جاء الفيلم "كرد فعل على ظاهرة الخطف التي انتشرت بشكل مخيف في سوريا بالآونة الأخيرة و بتبريرات مختلفة".

وبعد أن أنتجوا فلمهم الإعلاني هذا، بدأت تصرفات داعش تنتشر للعلن، إذ قرأ "وائل" مقالا عن أحد الإعلاميين الذين اعتقلتهم داعش وهو يروي التعذيب الذي تعرّض له من قبلهم، فقرر أن ينتج شيئا عن الأمر، لتلاقي فكرته صداها لدى الكاتب والصحفي "حسام موصلي" الذي أرسل "لي نص لفكرة ذكية تعبر أن الجماعات المتطرفة و على رأسها داعش تكمل أعمال النظام و تدعم غاياته في المناطق المحررة فكان فيلم (لا فرق) و هو فيلم كوميدي قصير يعبر عن هذا الوضع"، حيث وجد المخرج أن تقنية الرسوم المتحركة هي "أفضل تقنية لتجسيد أو لتوثيق بشاعة الممارسات التي يتعرض لها الشعب بطريقة سلسة و معبّرة، فبدأت بالتجهيز للفيلم بالإمكانيات المتاحة البسيطة، و قد ساهم ديلاور بالتنفيذ أيضا"، كما أنتج الفريق فلم "إيد واحدة" الذي شارك في العديد من المهرجانات العالمية.

https://www.youtube.com/watch?v=d2UDAwLqtWU

عوائق كثيرة برزت أمام فريق العمل، أهمها ما يتعلق بصغر فريق العمل لأن "تقنية الرسوم المتحركة تحتاج إلى فريق كبير ذو اختصاصات مختلفة و متنوعة، و بالتأكيد عندما يقوم صاحب الاختصاص بالعمل في اختصاصه تكون النتيجة حتما أفضل"، إضافة إلى  بناء حبكة قوية للأفلام وببطء بالإنتاج، إذ لم ينتجوا غير ثلاثة أفلام حتى الآن، " مقارنة مع تسارع الأحداث الكبير". كما عانى الفريق من صعوبة إيجاد موسيقا مناسبة للأفلام يمكننا استخدامها مع حفظ حقوق النشر، وكذلك صعوبة في النشر " حيث عملت بشكل يومي على مراسلة العديد من صفحات و مواقع الأصدقاء بهدف النشر" كما يقول وائل لموقعنا "سيريا أنتولد Syria untold".

اختار الفريق تقنية الرسوم المتحركة، لأنها اختصاصهم أولا، ولأنها  تقنية " فاعلة بشكل حقيقي في حملات التوعية المجتمعية، و التعبير عن الواقع المعقد" ثانيا، ولأنها ( وهي الأهم) "وسيلة حقيقية لتوثيق الواقع الفج المعاش بطريقة سلسة،، لأنه من الصعب اليوم توثيق القصص إلا من خلال شهود عيان، فيمكن لتقنية الرسوم المتحركة أن تجسد الأحداث بطريقة متخيّلة استنادا إلى أقوال شهود" ثالثا، علما أن الرسوم المتحركة أصبحت وسيلة مستخدمة بالكثير من الأفلام الوثائقية، حيث أطلق مهرجان Animadoc دورته الأولى السنة الماضية ٢٠١٣ في ألمانيا لهذا النوع من الأفلام.

"تجمع شبابي ضد التطرف": مجموعة شباب سوريين آمنوا بثورتهم وأهدافها في الحرية والكرامة، ووجدوا أن التطرف الديني سندا للنظام، فأبوا أن يتركوا الساحة لهما، فاستجمعوا قواهم للمواجهة من جديد وهم يدركون الإحباطات الكبرى التي عانى منها السوريون، فكانت أفلامهم  خنجرا يفضح الاستبدادين معا، لإيمانهم أن ثورتهم لم " تقتصر على الحراك الشعبي ضد النظام، بل شكلت ثورة فكرية و فنية وحتى شخصية حيث نلمس بشكل كبير الانجازات العظيمة في الفنون و الكتابة و صناعة الأفلام".

هذا المصنف مرخص بموجب رخصة المشاع الإبداعي. نسب المصنف : غير تجاري - الترخيص بالمثل 4.0 دولي

تصميم اللوغو : ديما نشاوي
التصميم الرقمي للوغو: هشام أسعد