صوت المعتقلين


02 نيسان 2014

مجموعة من المعتقلين السابقين والمعتقلين الحاليين، قرروا وهم في السجن أن يكسروا إرادة السجان الذي أراد بسجنهم وإيداعهم زنازين الصمت تعطيل نشاطهم وخنق صوتهم، فتباحثوا بطريقة تجعلهم ناشطين وهم داخل المعتقلات، لتولد فكرة "صوت المعتقلين" التي رفضوا من خلالها  "أن يكون اعتقالهم عائقا أمام نشاطهم وتفاعلهم مع مجتمعهم" كما يقول أحدهم لـ"سيريا أنتولد Syria untold".

بعد خروج أول دفعة من هؤلاء المعتقلين بدؤوا العمل مباشرة على تحقيق حلمهم، لتصبح المجموعة موّزعة بين "ناشط معتقل ، ومعتقل سابق ، والمجموعة تكبر كل يوم"، وهي تفخر بكون " أعضائها من المعتقلين الراغبين بالانضمام" لهم بعد خروجهم، كما يفخرون بكونهم "الصوت المعبّر والحقيقي والأقرب من داخل المعتقلات والسجون إلى قلب كل إنسان في سوريا والعالم" كما يقولون.

نشاطات المجموعة مقسمة إلى قسمين: الأول إعلامي من خلال "مواقع التواصل الاجتماعي، وتشمل نشر رسائل ومقالات من معتقلين أو معتقلين سابقين ، أو نشر وإبداع مواد تدعم قضية المعتقلين وتساعد أهلهم ، كمشروع صامدون ، وهو عبارة عن حلقات صوتية لرسائل حقيقية من المعتقلين. إضافة إلى تقديم مجموعة من النصائح والإرشادات لأهالي المعتقلين والتوعية الحقوقية والقانونية".

الثاني: ميداني يتجلى "بنشاطات على الأرض من خلال زيارة أهالي المعتقلين والتواصل معهم والتواصل مع المعتقلين المحررين حديثاً وتقديم الدعم النفسي والاجتماعي لهم".

في الشق الإعلامي يركز الناشطون على توثيق حالات المعتقلين بعيدا عن صيغة التوثيق السائدة، من خلال نشر بطاقات تحمل أسمائهم ومعلومات عنهم وأوضاع اعتقالهم والزمن الذي قضوه في المعتقل حتى الآن، مرفقة برسوم ترافق التوثيق لتخرجه من حالة الأرشفة إلى الإبداع، إضافة إلى سعي المجموعة لنشر رسائل المعتقلين التي يتمكنوا من الحصول عليها سواء من خلال زيارتهم إن كانوا في سجن عدرا ( الذي يسمح فيه بزيارة المعتقلين) أو من خلال أصدقائهم الذين خرجوا من السجن وحملوا أخبارهم ورسائلهم، حيث تنشر الرسالة على صفحتهم على الفيسبوك مع إيلائها الاهتمام الفني والإعلامي الملائم لمنع تحوّلها إلى مجرد روتين طقسي، ناهيك عن حث المعتقلين السابقين على نشر تجاربهم وما تعرضوا له.

https://www.youtube.com/watch?v=O63y1dmdDzM

إلا أنّ أهم أعمالهم هنا، يبقى مشروع "صامدون" الذي "ينقل نبض يومياتهم (المعتقلون) وصمودهم بطريقة تكشف الوجوه الأخرى للاعتقال بعيدا عن الصورة النمطية لدى المجتمع السوري للاعتقال، والتي هي التعذيب والإجرام والتي لا ننكر وجودها، بل تحتفظ ذاكرتنا وملفاتنا التي تصلنا عن فظائع كثيرة منها، ولكن يبقى هذا الوجه مغطى إعلاميا، لأنّ قضية المعتقل تختصر أو تصل للإعلام حين يتحول لشهيد تحت التعذيب. أما المعتقل الصامد أو المعتقل السابق فقلما تجد قصص صمودهم وبطولاتهم مكانها في الإعلام ، فإلى جانب التعذيب وجولاته التي لا تطاق هناك حياة يعيشها المعتقلون والمعتقلات بتفاصيلها الحزينة والمفرحة، وهذا ما استطعنا وسنستمر في الإضاءة عليه". وقد كان لنا وقفة خاصة معه في "سيريا أنتولد Syria untold".

الهدف الأساسي والعام لـ "صوت المعتقلين" هو الوصول إلى سوريا دون اعتقالات تعسفية واعتقالات بناء على الرأي وجعل قضية المعتقلين السوريين قضية عالمية"، إضافة لأهداف مرحلية تم تحقيق بعضها، كأن "نكون مصدر ثقة في مجال دعمنا لأهالي المعتقلين وذويهم وتوعيتهم ، كما أننا نحقق مزيدا من التأييد والدعم لصالح المعتقلين" و " تقديم بعض الدعم النفسي والمادي والتوعية للمعتقلين وأهالي المعتقلين ".

ثمة عوائق كثيرة تعيق عملهم، يتجلى أبرزها بـ"تراجع ترتيب قضية المعتقلين أمام أولويات المجتمع السوري، حيث أصبحت أخبار الاعتقالات أو الشهداء تحت التعذيب أخبارا عادية، وأصبح جمهور قضية المعتقلين يقتصر على ذويهم وحلقة ضيقة من الأصدقاء. ويجب مواجهة هذا الواقع بوسائل تعيد لقضية المعتقلين أولويتها وإلا فإننا نساهم بظلم مضاعف عليهم يُضاف إلى ظلم الاعتقال".

إلا أن هذه العوائق لم تمنعهم من متابعة من العمل، والتفكير بالمستقبل، حيث تطمح "المجموعة لأن تكون مشروعا متكاملا ضمن مؤسسات المجتمع المدني التي تقدم عملا جادا وذو آثار واضحة وملموسة على قضية المعتقلين تليق بمستوى تضحياتهم ، وتقدم عن طريق العمل الجاد والمنهجي والعلمي لمواضيع التوثيق وأشكال الدعم المختلفة من دعم نفسي واجتماعي واقتصادي وحقوقي مثالا للجهات التي تُعنى بقضية الاعتقال والمعتقلين" وذلك كله لأن "قضية الاعتقال في سوريا ليست تجربة عادية وهي تجربة عمرها سنوات من الألم والصمود ، والمعتقلون في سوريا مثال حي دائم عن التضحية ، ودعمهم وقضيتهم واجب علينا وليس فضلا أو منة أو كمالية بل هو واجب وأولوية".

"صوت المعتقلين": إرادة سورية رفضت الركون لليأس والهزيمة والاعتقال، فاستلت من المتاح والممكن هامشا وعملت على توسيعه بدم ونضال وجهد وعرق "معتقلين حاليين" و "معتقلين سابقين" لنقل المعاناة والصوت من العتمة إلى الضوء، وقد نجحوا في هزيمة السجان الذي لم يقدر على منع أصواتهم حتى وهو يحاصرهم بالعتمة و الأسوار والحديد.

الوسوم:

هذا المصنف مرخص بموجب رخصة المشاع الإبداعي. نسب المصنف : غير تجاري - الترخيص بالمثل 4.0 دولي

تصميم اللوغو : ديما نشاوي
التصميم الرقمي للوغو: هشام أسعد