خالد مالك


04 أيار 2014

لم يتخيل ابن مدينة "دوما" التي كانت من أوائل المدن الثائرة في سوريا أن أول عمل فني رسمه عام 2003 "لخدمة للإنسان والمجتمع" سيكون محاكيا بطريقة أو بأخرى لما تشهده بلاده اليوم، حيث قام الفنان "خالد مالك" بأوّل حملة له من خلال الفن تحت عنوان "اتركونا وشأننا" كرسالة "للرفض القاطع لتدخل الأمريكيين والحلفاء في حربهم على العراق، وحملة أخرى ضد الإرهاب الدخيل والمزروع في مجتمعنا والمتمثل بما يسمى بالقاعدة" كما يقول في حوار لموقعنا "سيريا أنتولد Syria untold".

هذا الانخراط المبكر للوحته في الشأن العام، زاد من خبرته الفنية من جهة، خاصة أنه انتقل للخليج "منذ العام  2001 حيث تطور مجال عملي في الإخراج الفني وكتابة الأفلام"، ومن خبرته في تنظيم الحملات الفنية من جهة أخرى، لجعل الفن في خدمة الفكرة التي يريد دون أن تفقد اللوحة فنيتها، وذلك في تزاوج مدهش بين البساطة و التعقيد، بين فكرة اللوحة وأهمية إبقاء أقفالها قابلة للقراءة من قبل الجمهور، وذلك من خلال " استخدام الرسائل الرمزية Symbolic البسيطة والمفهومة ذات الدلالة والقوة في إيصال الفكرة والرسالة المستهدفة"، دون أن ينفي الفنان حبه للتجريد الذي له نصيب من لوحاته أيضا.

حين اندلعت الثورة / الانتفاضة السورية، انساق الفنان ( كأغلب فناني بلده) مع أحداثها، ساعدته بذلك خبرته السابقة في رصد معالم ما يحدث، بغية " إنتاج وتطوير مواد اتصال بصرية من شأنها توصيل رسائلنا للعالم ككل وتبادل الأفكار بين أبناء بلدنا الواحد"، دون أن ينفي الفنان أثر الثورة عليه وعلى فنه أيضا، إذ يقول إن "الثورة السورية برمزيتها وقوتها وانطلاقتها كان لها التأثير الأقوى في تطوير أسلوبي الرمزي في العمل .. كما أنها أثرت أيضا بنظرتي للعمل الفني من ناحية دقة استهدافه لشريحة معينة دون أخرى" كما يقول.

يعتمد الفنان في تصميم لوحته على الكومبيوتر، لأنه "كثير السفر والتنقل"، بحكم مشاركته في معارض في أمريكا وفرنسا وتركيا والخليج العربي، وهي معارض خُصص ريعها "لدعم الثورة وأهلنا في الداخل". إلا أن هذا السفر أفقده متعة الرسم اليدوي الذي يحبه أيضا، "إذ لم تسنح لي الفرصة أن أنشئ مرسما خاصا بي حتى الآن"، ليعوض هذا الأمر في المشاركة "بعدة أفلام وثائقية عن الثورة وهي ما زالت في طور الإعداد وستبصر النور قريبا".

عناوين لوحاته الأخيرة تدل على مدى ارتباطها بما يحدث في سوريا، فعمل "معتقل" الذي يجمع بين التجريد والرمزية البسيطة والقوية والحزينة، يأتي كفضح للسجان وانتماء للمعتقل، بما يعكس دواخل الفنان المنتمية لآلام شعبه، وهذا ما ساهم بأن تنتشر اللوحة بكثافة على مواقع التواصل الاجتماعي، في حين يأتي عمله "جواز سفر سوري" ليشرح آلام السوريين مع اللجوء "هربا من بطش النظام وأزلامه ليقع في براثن المعاملة السيئة لحكومات البلدان التي يلجئ إليها ويفكر دائما بالبحث عن مأوى جديد ومنفى جديد".

يتجادل الهم العام مع الشخصي لدى الفنان لينتج لوحة "هنا حلب"، التي تجسد "حزني العميق لما يجري بهذه المدينة، خاصة وأن لها حب خاص في قلبي لما لها من ذكريات وصحبة لا تنسى أبدا"، لنكون أمام فنان جمعت لوحته كل أحلامه الشخصية والعامة، خاصة أنه يعتبر نفسه في "معركة متعددة الأسلحة ولكل منا دور وسلاح"، داعيا الجميع لأن لا  " ننسى وطننا وننسى هدفنا"، ولهذا جعل من لوحته في خدمة هذا الهدف، ساعيا ألا يكون الأمر على حساب فنيتها.

الفنان الذي أطلق عبارة "أنا سوري" على صفحته على الفيسبوك، لأنه وغيره من "السوريين نعتبر أنفسنا أبناء كل بيت وحارة. وكلنا أخوة، وكلنا أمنا وحدة... اسمها سوريا"، يقول لأبناء بلده "حبو بعضكن منشان هالأرض الطاهرة تضل تحبكن".

ولأن الحب لا يكون إلا مع الصدق، فإنّ لوحته تصدق مع سوريا بقدر ما تعشقها وتحبها وتفنى بها.

للإطلاع على أعمال الفنان على الفيسبوك يمكن الضغط هنا

الوسوم:

هذا المصنف مرخص بموجب رخصة المشاع الإبداعي. نسب المصنف : غير تجاري - الترخيص بالمثل 4.0 دولي

تصميم اللوغو : ديما نشاوي
التصميم الرقمي للوغو: هشام أسعد