فريق ورد


16 أيار 2014

لعل أبرز الإشكالات التي ستواجه السوريين بعد انتهاء كابوس الحرب، هي تلك الآثار والمخلّفات، نفسياً واجتماعياً، للعنف والقتل والتهجير. فالتجمعات السورية الصغيرة التي نمت عشوائيّاً، بسبب الحرب واللجوء، هنا وهناك، في مدن سوريا ودول الجوار، لم تكون قادرة على خلق بيئة آمنة لأفرادها، ولم تلقَ الاهتمام المناسب بالصحة النفسية والاجتماعية للأطفال والنازحين، مما يدل على أن البيئة الاجتماعية السورية في المستقبل ستكون عرضة للعديد من المخاطر التي سيعيشها الأفراد والأسرة والمجمعات المحلية، والمجتمع بالمعنى العام، إضافة إلى أن تلك الإشكالات ستزيد من تضخيم المشكلات الموجودة أصلاً في بنية المجتمع السوري، كما في غيره من المجتمعات الإنسانية.

انطلاقاً من هذا الهم، وتحت شعار "نحو بيئة آمنة وداعمة جديرة بالطفل السوري"، انطلق "فريق ورد" مكوّناً من عدد المتطوعين السوريين المختصين في مجال "الدعم النفسي والاجتماعي للأطفال واليافعين"، من السوريين الوافدين إلى لبنان.

تأسس الفريق في حزيران 2012، ومنذ انطلاقته كان هدفه تدريب الشباب السوريين المتواجدين على الأراضي اللبنانية، على الدعم النفسي في جميع اتجاهاته، لبناء شبكات في مختلف أنحاء لبنان، وتهيئتها لتقديم الدعم النفسي في المناطق المحيطة بها، إلى حين عودة السوريين إلى بلادهم، وحيث سيتم وقتها بناء مراكز عمل في المحافظات السورية.

انتقل "ورد" من العمل كفريق متطوع إلى العمل بشكل مؤسساتي، وذلك على شكل منظمة ضمن الاستراتيجيات والقوانين اللبنانية. وبما أن العمل تطوعي فإن عدد العاملين في الفريق يزيد وينقص، وقد بلغ عدد المتطوعين منذ انطلاقة العمل ما يقارب 100 متطوع، أما العدد الحالي فهو 20 متطوعاً.

يقوم "فريق ورد" بما يشبه عملية إعادة تأهيل، أو ترميم نفسي، للطفل السوري الذي راكم ثلاث سنوات في مخيلته من صورة الدمار والعنف اليومي والموت والتفجيرات، في واقعه وحياته. وللوصول إلى ذلك الهدف لم يقتصر عمل المجموعة على تقديم الدعم النفسي والاجتماعي لأطفال النازحين، بل امتد إلى تعليمهم حقوقهم وواجباتهم، بالإضافة إلى العناية الخاصة بمن يعانون من مشاكل نفسية نتيجة الصدمات التي تعرضوا لها أثناء الأحداث في سوريا. كما قام الفريق بندوات تثقيفية للعائلات في مجال تربية الأطفال والتعامل مع مشاكلهم النفسية.

إضافة إلى دعم عائلات الجرحى والمصابين ممن وصلوا الأراضي اللبنانية، إذ تم التعامل مع  العديد من المشاكل النفسية التي يعانون منهما جراء الإصابات الجسدية وآثارها النفسية، وقد قام الفريق بتقسيم التعامل معهم حسب مستوياتهم الثقافية، لأجل التعامل مع كل مستوى على حدة، حيث خضعوا لدورات تعليمية للغة الانكليزية والكمبيوتر، ما أعاد للجرحى الشعور الطبيعي بالعطاء والقدرة على العمل والاندفاع من جديد إلى الحياة.

أطفال في أحد نشاطات فريق ورد. المصدر الصفحة الرسمية للمجموعة على الفيسبوك
أطفال في أحد نشاطات فريق ورد. المصدر الصفحة الرسمية للمجموعة على الفيسبوك

قام "فريق ورد" بعدد من الحملات، كان أهمها حملة "خبز وملح" التي كانت بمثابة شكر وعرفان للمجتمع اللبناني على استضافته للسوريين، وذلك للتخفيف من الاحتقان الذي حدث في العديد من المناطق اللبنانية. كما أنهى الفريق مشروع "بناء التربية على السلام" الذي أطلق لدعم الأطفال وتربيتهم على قيم السلام والتعاون والمحبة وكذلك الاختلاف.

لذلك يمثل "فريق ورد" القيم الأخلاقية التي قامت لأجلها الثورة السورية، قيم العمل الجماعي والتكافل والتضامن، إضافة إلى قيم الابتكار والمبادرة، وهو بذلك يذهب إلى روح الثورة في الوقت الذي ما زالت فيه القطاعات السياسية المختلفة  تتخبط في أدائها.

"فريق ورد" يعمل من الأرض على سوريا الغد، كيف لا واهتمامه منصب على الأطفال.

الوسوم:

هذا المصنف مرخص بموجب رخصة المشاع الإبداعي. نسب المصنف : غير تجاري - الترخيص بالمثل 4.0 دولي

تصميم اللوغو : ديما نشاوي
التصميم الرقمي للوغو: هشام أسعد