انا سوري


30 أيار 2014

 

بورقةٍ وقلم رصاص وجهاز كمبيوتر وعقل متأهّب متوثّب يواكب "نزار" مجريات الثورة رسماً ساخراً، دون أن يُغفل أية شاردة أو واردة في الأخبار أو مرويات الناس اليومية، ودون أي اهتمام بتصدير ذاته حيث يوقّع رسوماته باسم "أنا سوري"، وبالنسبة له ذلك يكفي.

تقول سيرة نزار الذاتية إنه من مواليد دمشق سنة 1984، يقيم  خارج سوريا منذ عشرة أعوام تقريباً،  لم يكمل دراسته خلال هذا الوقت، لكنه اختار الالتحاق بمعهد خاص ببرامج الجرافيك ليتخصص في باب الدعاية والإعلان، غير أن الثورة السورية التي أتت بما يُشتهى، وبما لا يُشتهى أيضاً، غيّرت جميع خططه على الصعيد العملي والحياتي، ليدخل في معتركها كرسام كاريكاتير.

الثورة كانت متوقعة بالنسبة له، وكان ينتظر انطلاقها فقط، فهي قادمة لا محالة، لكن إجرام النظام فاق التوقعات. حين قُتل حمزة الخطيب وثامر الشرعي تخيلت طبيب العيون (بشار الأسد) يفقأ عيون الأطفال! وبدون أي حسابات أو تفكير قام برسم هذه الفكرة، دون أن يخطر على باله نشرها. حين وجد صفحة على موقع فيسبوك باسم "كاريكاتير الثورة السورية" راسل مديرها، فنشرها ولاقت صدى طيباً. وهكذا بدأ بالرسم بشكل يومي، وكان اختيار اسم "أنا سوري" نوع من الرد على صفة "مندس" التي يطلقها النظام، آنذاك، على كل معارض.

كذب النظام وإجرامه، وأحياناً غباؤه وغباء مؤيديه، تخاذل العالم العربي والغربي، الواقع السوري الحافل بالقصص والمآسي؛ تلك هي منابع رسوماته.

يقول لـ"سيريا أنتولد syriauntold": "أكثر الأعمال التي أثّرت بي هي تلك المتعلقة باللاجئين وجوازات سفر السوريين وتأشيراتهم وهجرتهم.. خصوصاً كاريكاتير الرجل الصّاعد إلى السماء بجناحين على شكل جواز سفر وعليه تأشيرة سوداء.. بالنسبة لي كان كاريكاتير قاسي جداً، لأن جميع معانيه محزنة كالفقر وقلة الحيلة والموت والظلم والخذلان… كاريكاتير المواطن السوري المهاجر في عرض البحر وهو يحمل حقيبة ويقف على جواز سفره الهش الذي لا يسمن ولا يغني من جوع! أيضاً كاريكاتير قبر الشهيد وقبر المعتقل في مقارنة بين القبور وأقبية المخابرات السورية فالشهيد انتقل إلى رحمة ربه أما المعتقل فيعاني وحشة المكان ووحشية النظام في كل دقيقة يعيشها".

لا يعترف مبدعنا بوجود رحلة فنية بالمعنى الحقيقي له، إنما كل الأمر مرتبط بالموهبة التي تتكفل الممارسة اليومية بتطويرها، فبدايته كانت في رسم أبطال الأفلام الكارتونية، ثم تطور الأمر وصولاً إلى ما هو عليه الآن، لذلك يسمي ما يقوم به اهتماماً بالفنون، دون أن يفكر بمعرض يجمع أعماله المنتشرة على صفحات الفيسبوك، لأنه هاوٍ وسيبقى كذلك.

العمل هو السبيل لنجاح هذه الثورة ولا خيار آخر، ويجمل الفنان رؤيته بشكل مختصر: "لم يسلم أحد من شرّ هذا النظام، ولا مجال إلا للاستمرار في العمل على إسقاطه. وكلّي ثقة بأنه سينتهي عاجلاً أم آجلاً إن شاء الله على أن يعمل الجميع من أجل هذه الغاية، لا لأغراض ومنافع شخصيّة أو لمجرّد الثرثرة والتنظير اللذين أساءا كثيراً لثورة الشعب الجائع في الداخل".

 

الوسوم:

هذا المصنف مرخص بموجب رخصة المشاع الإبداعي. نسب المصنف : غير تجاري - الترخيص بالمثل 4.0 دولي

تصميم اللوغو : ديما نشاوي
التصميم الرقمي للوغو: هشام أسعد