أطفال يملأ الخوف والرعب محيّاهم.
صور خارجة من رحم واقع سوري تفوق خيال الهالويين ذاته.
أطفال لا يلعبون الخوف بل يحيونه، فهم لا يلبسون الأقنعة المخيفة وصور الوحوش، بل يعيشون بينها وتحت سمائها.
أطفال في العالم يلعبون القصف والخوف عبر أقنعة اللهو، بينما الأطفال السوريون " بخافوا من الحصار من القصف.. من الجوع .. من أصوات الطيارات، من صوت الرصاص، من تقطيع الشوارع وغدر القناص، من البراميل .. من إنن مايروحوا ع المدرسة لانو مستقبلن عم يتدمر".
أطفال يحلمون بسوريا بلا "أسد" كي لا يخافون بعد اليوم.
إنه هالووین سوري بنكهة خاصة.
مع بدء بعض دول العالم الاحتفال بعيد الرعب، كان بعض النشطاء السوريون/ات يفكرون بكيفية إيصال "معنى الخوف الذي نراه في أعين أطفالنا بسوريا للعالم"، وذلك بعد أن انتبهوا لمدى الإهمال الذي باتت تعاني منه الثورة السورية عالميا على الصعيد الإعلامي، خاصة بعد صعود نجم داعش وتحوّلها العدو رقم واحد للحكومات الغربية على حساب الشعب السوري وأحلامه بالحرية، فعملوا على استخدام العيد كجسر لنقل ما يعيشه السوريون يومياً من رعب وموت وخوف للعالم بأسره، عبر إطلاق حملة "عيد الرعب السوري اليومي بوجود الأسد".
النشطاء الذين شعروا بالخذلان من تجاهل العالم لمأساتهم، لم ييأسوا بل قرروا المقاومة والبحث عن منافذ تساعدهم على شرح قضيتهم للعالم أجمع، مستغلين أدنى فرصة تتاح لهم، وهو ما حدث حين استغلوا "عيد الهالويين" الذي يحتفل به الغرب في نهاية اكتوبر من كل عام، للتذكير بأن ما يرتعب العالم منه بإرادته في عيد الرعب، هو حقيقية ماثلة يعيشها أطفال سوريا الذين لا "يتنكرون كما أطفال العالم في الهالوين فالدماء التي تكسوهم هي دماء حقيقية نتيجة القذائف التي يمطرهم بها النظام يومياً..لا يحتاجون لمن يرسم الجروح على وجوههم في الهالوين ففي كل يوم يسقطون بين قتلى وجرحى ويفقدون أطرافهم بسبب إرهاب الأسد".
الحملة التي أطلقها النشطاء بالتعاون مع مجموعة "صوت المعتقلين" بدأت العمل على تجميع الصور التي تمثل الهالويين السوري أولا، ووضعها على الهاشتاغ الخاص بالحملة ثانيا، وإنتاج بروميين خاصين بالحملة ثالثا، والتواصل مع عدد كبير "من الصفحات والأشخاص من أجل التويت ستورم الذي تم الحشد له، و لمدة ساعتين في ٣١/10/2014" رابعا، وإنتاج بوسترات ولوحات تنطلق من الصور الواقعية لتعيد إنتاجها بما يجمع بين واقع الرعب اليومي وعيد الهالويين خامسا، وذلك بمساعدة عدد كبير من الفنانين الذين تطوّعوا للعمل في الحملة مثل: يارا النجم، ليث المعري، أسامة ديب، مصطفى يعقوب، عبد السلام أحمد، أنور العيسى، عائشة ارناؤوط، أدهم السكماتي.
وأبدع الفنانون المشاركون في عكس حالة الهالويين السوري بدقة، فالفنان "مصطفى يعقوب" اختار صورة من قصف إسرائيل لغزة عام 2008 وعمل عليها فنيا لتأخذ صيغة قناع الهالويين الذي يبرز من بين كتلة النيران، ليذكر بقصف الطائرات السورية، بينما تركزت أغلب الرسوم الأخرى على جعل صورة الأسد مرادفة للخوف والرعب، فهذا "الدكتاتور" بات رعبا حقيقيا لأطفال سوريا، فغدا وجهه قناعا يستحق أن يضاف لأقنعة الخوف التي يتم تداولها في هذا العيد.
لوحات الفنانين لقيت نجاحا كبيرا وحققت نسبة مشاهدة ومتابعة كبرى عبر وسائل التواصل الاجتماعي، إذ تم الوصول إلى ٣٢ مليون مشاهدة "وكان عدد المستخدمين للهاشتاغ حوالي ٩٠٠٠ مغرد، وأيضا كان هناك تفاعل مميز من خلال الانضمام للإيفنت" كما يقول نشطاء الحملة لـ "حكاية ما انحكت"، علما أن الحملة لم تتلق أي تمويل، معتمدة على مجهود الفريق وخبرات المصممين والنشطاء العالميين، ساعين لأن يحاول "أي شخص بأي مكان بالعالم يتخيل انو ابنو عم يقول خايف بهالطريقة المؤلمة اللي شفناها بوجوه الأطفال السوريين". وهي الوجوه التي سعى النشطاء لإبرازها دون رتوش من خلال ما أنتجوه أو من خلال الأطفال الذين حملوا لافتات ليخاطبوا بها الضمير العالمي الميت، أو من خلال وجوه الأطفال التي رأيناها في البرومو المنتج من قبل الحملة، حيث يتحدث كل منهم عن خوفه.
بعد العيد سيعود أطفال العالم إلى لعبهم ومدارسهم وسيغدو الهالويين مجرد يوم من أيامهم السعيدة، بينما في سوريا يستمر هالويين حقيقي، قاتلا لا أحلام أطفال سوريا فحسب، بل الأطفال أنفسهم.