"الفن يلوّن الثورة" التي بدورها تحتاج لإعلام ينقل الصورة واضحة.
هذه الصورة بدورها "بحاجة لألوان حتى تكتمل تماماً"، ولهذا ولدت منظمة "فكتور" المتخصصة بشؤون التصميم كفريق "ينتمي للثورة وللإنسانية فقط دون أي مسميات"، بهدف حماية "حقوق المصمم عن طريق نشر التصاميم باسم الفريق ، بذلك نحمي حقوقه تحت بنود سياسة المؤسسة"، لنكون أمام "مؤسسة ثورية تعنى بالمصممين السوريين الأحرار وتجمعهم تحت مظلة واحدة، لتشكيل جسم موحد يدعم الثورة السورية في مجال التصميم" كما تقدم نفسها عبر الصفحة الرسمية لها على الفيسبوك.
جاءت الفكرة "عندما اجتمعنا مع عدد من الأصدقاء، وأخذنا نتحدث عن الصعوبات التي يواجهها المصممون في سوريا, حينها اقترحنا تأسيس منظمة تجمعنا تحت مظلة واحدة تحفظ حقوق المصممين وتتخطى العقبات التي يواجهونها حتى يتحوّل التصميم في الثورة من عمل بين أفراد إلى عمل ضمن مجموعة واحدة"، ليتم إعلان المنظمة وإشهارها في يناير 2015.
هذه الولادة المتأخرة قياسا بعمر الثورة تعكس قدرة السوريين على الإبداع رغم كل اليأس المحيق بهم من جهة، ومدى إيمانهم بجذرية ثورتهم التي لازالت تمدهم بالأمل، مقدمين بدورهم كل ما يمكن تقديمه لها، ساعين من خلال عملهم لتذكير "الحاضنة الشعبية بسلمية الثورة وأيام الحرية" كما يقول أحد أعضاء المنظمة لـ حكاية ما انحكت".
الفريق المؤسس والعامل في المنظمة، هو بدوره صورة مصغرة عن سوريا التي يؤمنون بها، فهو "يضم نسيجاً كاملا لأفراد الشعب السوري بتنوعه الفكري ما يعني أننا كمؤسسة نضم لوحة كاملة من جميع القوميات والحضارات، لنعكس الإبداع السوري من خلال أعمال فنية تحيك واقعنا السوري الثوري"، وهو ما يظهر واضحا في الأعمال المنجزة حتى اليوم رغم قلتها وعمر المنظمة الصغير، حيث نجد تصاميم عن ضيق العاصمة على الأسد إلى تصميم يتضامن مع كوباني بوجه ما تتعرض له على يد داعش من هجوم بربري، إلى الفلسطينيين السوريين الذين يحضرون من خلال تصميم يضم "حنظلة" بجانب الأبنية المهدمة المظللة بعبارة "أنا باق.. وشرعي في الهوى باق".
المواضيع التي تتناولها تصاميمهم تكاد تغطي كل حدث سوري، جامعة بين جمالية اللون وإبداعية الفكرة، ففي تصميم "شنق بفكرة" نجد الدكتاتور مشنوقا فوق رماد المدن التي دمرها جنونه، وفي "قادمون" نجد خريطة سورية بها مركزا يشكل قصر الأسد بينما الثوار يتقدمون نحوه تدريجيا، وفي تصميم "في أمل" نجد طفلين سوريين ينظران نحو أمل ما في حفرة في جدار، إلى السخرية من "الإعلام السوري الصادق"!
يقدم الفريق خدماته للثورة السورية من ناحية الاهتمام بالتصميم وتقديم تصاميم لمجموعات العمل والفعاليات والنشاطات التي تجري في الداخل السوري وفي الخارج، حيث يشمل عملهم مجال: الغرافيتي، البوسترات، الطوابع الثورية، الانفوغرافيك، اللوغو، التصاميم الثورية، أنيميشن، كاريكاتير، كلوريست.. لوضع ذلك كله بخدمة "مؤسسات المجتمع المدني التي تخدم الثورة حصراً دون أجندات متطرفة أو داعمة للنظام السوري"، من خلال مجموعة من أفضل المصممين المشهورين بخبرتهم وحرفيتهم في هذا المجال، دون أن يتقاضوا أي ربح فهم "منظمة غير ربحية تهدف لخدمة المجتمع لنحاكي الواقع السوري بطريقة فنية" كما يقولون لـ "حكاية ما انحكت".
العائق الوحيد الذي يقف بوجه الفريق هو صعوبة تواصله مع الداخل لتقديم خبراته لهم، حيث "لا يتوفر هناك أنترنت أو كهرباء طوال الأحيان".
أن تولد مجموعة مبدعة، في بداية عام جديد، وبعد مرور أربع سنوات على ثورة الكرامة، فهذا يعكس جوهر شعب لا يعرف اليأس ولا يفكر به، فكلما سقط ينهض ليبدع ويرسم ويكتب ويلوّن ثورته ضد سواد الاستبداد والتطرف، مقاتلا ليوّزع الألوان الحرة والمتعددة بوجه اللون الواحد والموت الواحد: لون الحرية بوجه لوني الاستبداد والتطرف، ألوان الطيف المتنوعة بوجه لون القتل البشاعة والزنازين.