ياسر الأحمد: أحلم بأن أرسم دون رقيب


09 شباط 2015

لأنه يحلم بأن يرسم دون رقيب، لم يتردد الفنان السوري الكردي "ياسر الأحمد" من الانخراط فنيا في ثورة الشعب السوري (آذار 2011) عبر جعل لوحته و رسوماته معبّرا عن آلامه وأحلامه، عله ينتصر على ذلك الرقيب الذي "لم يكتف بالمراقبة، بل تعدى ذلك إلى محو الرأي الآخر وإقصاءه  ليس فكريا، بل حتى إقصاء وجوده على وجه البسيطة"، كما يقول لـ "حكاية ما انحكت".

الفنان المولود في مدينة القامشلي (1977) بدأ انحيازه نحو فن الكاريكاتير مذ كان طالبا في معهد إعداد المدرسين الذي تخرج منه عام 1997، ليشق طريقه في عالم الفن، مقيما معرضه الأول في عام 1998، ليتزامن الأمر مع عمله ونشره في صحيفة "الموقف الرياضي"، وينقطع بعدها عن الرسم بسبب أدائه خدمة العلم، منطلقا من جديد في عام 2005 في طريق الاحتراف الذي أوصله للنشر في عدد من أهم الصحف والمواقع العربية، مثل الجزيرة نت، ومجلة الأفكار الذكية، ومجلة الثرى الإلكترونية واليمامة السعودية ومجلة الميزان القانونية السورية، في مسيرة حافلة أوصلته لحصد إثنا عشرة جائزة منها: جائزة لجنة التحكيم من مسابقة سوريا الدولية (الكاريكاتير و السياسة) 2006، والجائزة الخاصة من مسابقة تبريز الدولية حول (الأغلاط الاجتماعية) 2006، وحول الاحتلال 2006 والجائزة الخاصة من مسابقة الأقلام الدولية في سوريا، والكثير غيرها.

لوحة للفنان ياسر الأحمد. المصدر: صفحة كاريكاتير الصفحة السورية على الفيسبوك
لوحة للفنان ياسر الأحمد. المصدر: صفحة كاريكاتير الصفحة السورية على الفيسبوك

ولأن الكاريكاتير الذي اختاره الفنان وسيلته للتعبير عما يجول في خاطره هو "فن شعبي يمثل نبض الشارع" كما يقول لصحيفة المدن، وجد لوحته تنخرط في الهم السوري بشكل مكثف، رافضا مقولة أن على الفن أن يكون محايدا ففي "القضايا الإنسانية تضمحل كل شعارات الحيادية التي تحسب كموقف رمادي، في الوقت الذي يتطلب منك أن تكون إما ابيض مظلوماً أو أسود ظالماً"، وهذا ما جعل لوحته تنضح بالهم السوري، بدءا من مآسي اللاجئين السوريين أثناء العواصف الثلجية، حيث عبر عن الأمر بأكثر من لوحة ساخرة وحزينة في آن، ففي أحدها نجد رجل الثلج يقلّد اللاجئ السوري وساما، إلى مآسي المحاصرين في مخيم اليرموك كما في لوحة "اليرموك: الإعدام جوعا" حيث نجد سفاح ينفذ حكم الإعدام بمواطن عبر ملعقة طعام! إلى ميلاد السوريين في ظل القصف، حيث تتعرض عربة بابا نويل للقصف من قبل النظام السوري، دون أن ينسى توجيه غضب كاريكاتيره نحو المعارضة من خلال تسليطه الضوء في لوحة له على قضية لقاحات الحصبة الفاسدة التي ذهب ضحيتها عدد من الأطفال السوريين.

داعش ودخولها على خط الثورة السورية، كان لها حيز في لوحات الفنان، ساعيا لقراءة ما خلف الظاهرة فنيا، ففي لوحة نجده يصور داعش على أنها صنيعة أمريكية تارة، حيث عسكري أمريكي يطلق النار على دمية تمثل داعش وهي تخرج من قدمه، أو صنيعة النظام تارة أخرى، حيث يقول للمدن  "بكل صراحة أصبحنا نخشى على بلدنا وعلى أهلنا من سيوف هؤلاء التكفيريين أصحاب النفوذ الأكبر. وكلنا يعلم بأن هؤلاء لا يمثلون الثورة ولا حتى يمثلون ديننا الحنيف والأخلاق الإسلامية السمحاء، بل لطالما كنا وما زلنا نعلم بأنها دمى تمثل أقبح نسخ الإرهاب التي تم إنتاجها على أيدي الطغاة، للقضاء على الثورة الحقيقية والثوار الحقيقيين، وليرينا صانعها بأنها البديل الفعلي الحاكم إذا ما فكرتم بإزاحة الطاغية".

لوحة للفنان ياسر الأحمد. المصدر: الصفحة الرسمية للفنان على الفيسبوك
لوحة للفنان ياسر الأحمد. المصدر: الصفحة الرسمية للفنان على الفيسبوك

عن كيفية موازنته بين جمالية اللوحة والمباشرة الفنية التي قد يتطلبها فن الكاريكاتير من حيث كونه "فن شعبي" يعلّق على الحدث ويسعى للتحريض، يقول الفنان لـ حكاية ما انحكت أن "هنالك بعض الأفكار ولإظهارها تفقد شيء من جماليتها لحساب الفكرة، ولكن مع ذلك الفنان المتمكن من يستطيع أن يجمع لمعة الفكر مع جمالية الأسلوب وإتقانه".

يستقي الفنان أفكار لوحاته من الواقع الذي يعتبره متأسفا، بأنه "نبع لا ينضب للأفكار، وكل محور من محاور الألم والمرارة قد يترجم إلى عشرات اللوحات".

الفنان الذي ذاق مرّ الدكتاتورية مرتين، مرة لأنه سوري، ومرة لأنه كردي، حيث حرم الكرد من أبسط حقوق مواطنتهم التي كان يتمتع بها العربي، يحلم اليوم بأن "أعود لوطني، وأن يعود وطني لي". وإلى أن يأتي ذلك اليوم، يواصل الفنان رسم سورياه التي يحلم، مستعيضا عنها بدفء لوحة، وسخرية كاريكاتير، جاعلا من اللون وطنا له.

هذا المصنف مرخص بموجب رخصة المشاع الإبداعي. نسب المصنف : غير تجاري - الترخيص بالمثل 4.0 دولي

تصميم اللوغو : ديما نشاوي
التصميم الرقمي للوغو: هشام أسعد