اعتقال لابتوب غّير مصير حياته وجعله إعلاميا


03 تموز 2015

لم تكن عائلة "حسان" المولود في الغوطة الشرقية تدرك أن اعتقال لابتوب أحد أفرادها وبعض الهاردات التي تحوي أرشيف عن المظاهرات في مدينة دوما سيقلب حياتها رأسا على عقب، إذ فجأة وجد أفراد العائلة أنفسهم "مطلوبين بالاسم على حواجز النظام"، الأمر الذي دفع حسان للاختباء في مدينة دمشق متنقلاً من منزل لآخر، في حين اختار أخوته الاختباء في المدينة نفسها، دون أن يحميهم ذلك من الاعتقال في 11-11-2011، ما دفع حسان للعودة "من دمشق عبر طريق تهريب لا حواجز عليه لقوات النظام والاختباء في دوما" لتبدأ رحلة التيه السورية التي تجسدها حكاية عائلة تكاد تكون اختصارا لعوائل سوريا اليوم.

عودة ابن الرابعة والعشرين ربيعا إلى مدينة دوما دفعته للانقطاع عن دراسته في "هندسة التصميم الميكانيكي" والعمل "كمصور للمظاهرات، أو مساعد في العمل الإعلامي من خلال جمع المقاطع من المصورين وتسليمها لشقيقي الذي كان يعمل كمراسل إعلامي منذ البدايات"، ليبدأ بإنتاج التقارير المرئية منذ عام 2012 بعد أن حضر عدد من الدورات الإعلامية التي تمت لمراسلين دخلوا للغوطة الشرقية، ما أهله لأن يصبح مراسلا لشبكة شام وعدد من المحطات الإعلامية. بل أكثر من ذلك لم الإعلام بالنسبة له اليوم "مجرد عمل ثوري" بل مهنة يحبها "خاصةً وأنني استطعت تحقيق نجاحاتٍ وإثبات نفسي في العديد من المجالات الإعلامية مثل كتابة التقارير والمقالات وإنتاج المواد المرئية. أظن أنني لن أتخلى عن الإعلام في المستقبل"، ناهيك عن التزامه بـ"إيصال صوت المحاصرين إلى العالم الخارجي" كما يقول لحكاية ما انحكت.

حسان يحاور أحد المواطنين في الغوطة الشرقية. المصدر: الإنسان في سوريا
حسان يحاور أحد المواطنين في الغوطة الشرقية. المصدر: الإنسان في سوريا

وكما كان اعتقال أخيه قبل الثورة لمدة شهرين في أقبية النظام دافعا لأن يشارك في أول مظاهرة خرجت في المدينة التي ولد فيها (دوما) في الثالث والعشرين من آذار 2011، ليتبع ذلك الخروج في المظاهرات التي كانت تنطلق من مساجد المدينة أيام الجمعة حيث "نودع بعضنا بعضاً أيام الخميس استعداداً لمظاهرات يمكن أن يستشهد أي منا فيها جراء إطلاق النار الحي الذي كان يحصل من قبل عناصر الأمن"، فإن اعتقال أخويه واستشهاد اثنين، منهم محمد السعيد الذي كان يلازمه في عمله الإعلامي رسما مساره بالكامل، على مستويين، الأول عائلي صرف إذ "أصبحت أيضاً في مواجه ضغوط محاولات تأمين ما يلزم لأفراد عائلتي من متطلبات الحياة، والتي كانت غير متوفرة في الغالب أو باهظة الثمن"، وهو الأمر الذي تزامن مع "مرض والدتي المزمن وحاجتها لإجراء عمليات ضرورية جراء الأمراض التي أصابتها إثر فقدان ولديها" مع رفضها الخروج من الغوطة الشرقية.

 والثاني مهني صرف، إذ يقول لحكاية ما انحكت: "مررت في مرحلةٍ قلقةٍ عرفت من خلالها نقاط ضعفي وبدأت العمل على تداركها حتى أصبحت واعياً تماماً لما أفعله أو أنشره أو أعمل على تغطيته، وأصبح لدي رغبة جارفةٌ في أن أبلغ مستوى أخي "محمد السعيد"، وأن أتابع ما بدأه أثناء حياته لأكون صوت السوريين المحاصرين في الغوطة الشرقية"، رغم كل الصعوبات التي تواجه عملهم، فقبل الحصار كان الوصول إلى الأدوات اللازمة للعمل سهلا وبأسعار مقبولة، ولكن لم يكن عملهم حرفيا آنذاك، وحين أصبح عملهم أكثر مهنية وحرفية في ظل الحصار أصبح تأمين المعدات صعباً جداً، وأصبحنا نعاني من انقطاع الكهرباء الذي يخلق مشكلات في سرعة إنجاز الأعمال".

حسان بجانب قبر أخيه الإعلامي المروف باسم "محمد السعيد". المصدر: الإنسان في سوريا
حسان بجانب قبر أخيه الإعلامي المروف باسم "محمد السعيد". المصدر: الإنسان في سوريا

إلا أن ذلك لم يمنعهم من متابعة المقاومة والصراخ في وجه العالم، قائلين "أن سكان الغوطة الشرقية بشرٌ يستحقون الحرية والحياة الكريمة"، ساعين لإيصال صوت 728 ألف مواطن، "مهددون بالموت يومياً، إما بالقصف الذي لا يتوقف، أو بالحصار الذي يقتلنا كل يوم عشرات المرات"، ساعيا لأن تكون كاميرته وقلمه رسولهم إلى عالم لم يعد يهتم لأمرهم، ومتسائلا: "متى ستستيقظ الإنسانية في قلوب العالم لينظر إلى هؤلاء المحاصرين ويساعدهم على كسر حصارهم ؟!

أنتجت هذه الحكاية بالتعاون بين "حكاية ما انحكت" و "الإنسان في سوريا" وراديو "سوريالي" وجريدة "سوريتنا".

هذا المصنف مرخص بموجب رخصة المشاع الإبداعي. نسب المصنف : غير تجاري - الترخيص بالمثل 4.0 دولي

تصميم اللوغو : ديما نشاوي
التصميم الرقمي للوغو: هشام أسعد