لايمكن لمساحة جغرافية واحدة أن تحتجز ألوانها، فرسوماتها موجودة على شاشة حاسوب صغيرة وعلى جدران مراكز الإيواء وعلى اللوحات وعلى خيام اللاجئين.
ديالا برصلي فنانة سورية شابة من مواليد 1980، ولدت في الكويت وعادت إلى سوريا بعمر العاشرة. بدأت الرسم منذ صغرها ولكنها فضلت عدم دراسته بطريقة أكاديمية، فتدربت على فن الرسوم المتحركة عن طريق الأنترنت وبمساعدة أحد الأصدقاء.
تختص ديالا بفنون الرسوم المتحركة والهزلية والفنون الرقمية، وعملت في عدة شركات في مجال الرسوم المتحركة منها "سبيس تون" و "جوي بوكس" لألعاب الفيديو، وشركة "ستار أنيميشن"، كما عملت كفنانة مستقلة، حيث تعتبر عملها بشكل مستقل أهم بالنسبة لها كفنانة، كما تقول حكاية ما انحكت.
خلال بداية الحراك في سوريا شاركت بتصميم عدة بوسترات لعدد من الحملات، منها "إضراب النساء في سجن عدرا"، وحملة ضد زواج الأطفال حملت لوحتها عنوان "زواج السترة"، وبوسترات سلّطت من خلالها الضوء على قضية المعتقلين، وغيرها.
عرضت أعمالها في عدة معارض مشتركة منها، معرض بعنوان "يداي على الأرض وقدماي في السماء"، بالتعاون مع الأمم المتحدة، ومعرض مع مؤسسة بسمة لأطفال السرطان بعنوان "يوميات ليست عن سرطان البحر"، وغيرها.
قامت برسومات كرتونية لكتابين، تم توزيعهم على الأطفال السوريين في المخيمات في شمال سوريا، بالتعاون مع منظمة ميديكال كورب Medical corp"، يحمل الكتاب الأول عنوان "عائد إلى وطني" والثاني "بداية جديدة"، كتبهما شاب إيطالي استوحى النصوص من خلال زيارته لمخيمات اللجوء.
ولكن حكاية ديالا مع الأطفال انتقلت إلى مرحلة جديدة، حين بدأت بتلوين جدران مدارس اللاجئين لتنتهي بالتلوين والرسم على خيامهم، "التقيت بمنظمة مشروع مكتبتي وحكينا وفكرنا أن أقوم بالرسم على جدران أحد مخيمات مدينة عرسال، حيث كانوا يقومون بتجهيز المكتبة"، لتبدأ بعدها نشاطات الرسم مع الأطفال دون توقف، على الجدران والمخيمات، من مخيم عرسال إلى مخيم شاتيلا إلى الريحانية واستنبول وإلى الرسم على خيام مخيم الوزة في البقاع، إلى أن وصلت إلى مرحلة أن يشاركها الأطفال بالرسم بمخيلتهم وأحياناً بريشتهم، "صرت فوت كل تلت ولاد لحالن وقلن تخيلوا حالكن عم تسبحوا بالفضاء" كما تحدثت ديالا لموقع حكاية ما انحكت.
حملت هذه التجربة الكثير من الفرح و الألم بالوقت نفسه فمخيلة الأطفال معبأة بذكريات الحرب والقصف، حيث "كنت أعمل ورك شوب رسم، اعطيهن وراق و قلام وقلن ارسموا، بيرسموا حرب وصواريخ وبأفضل الأحوال ممكن يرسموا بيوتن اللي تركوها". ولكنها حاولت إبعادهم عن التفكير بالحرب "حاولت اشرحلن أنو الطيارة مو بس للقصف، وسألتن ازا بدكن تطيروا شو بتعملوا فكانت الإجابات، بدي صير فراشة أو بدي طير بالمنطاد أو الطيارة، ومنها استوحيت الرسومات".
حين سُألت الفنانة عما تحلم به وهو سؤال لا نسأله بالعادة، ولكن بالحديث معها تشعر بأنها فنانة لا حدود لأحلامها "لا أعرف، أحلام كثيرة لا يمكن أن أحصيها، أحلم بالكثير من المعارض والورشات الفنية والجدران التي سأرسم عليها، وأطفال سيشاركوني هذه الأحلام"
تجربة ديالا مع الأطفال من خلال الرسم معهم والرسم لهم جعلتها أكتر معرفة بالتعامل مع الأطفال، لتبتكر في كل مرة طريقة جديدة وقصة جديدة تحكيها، فما تفعله ليس رسماً بل حلم تتشاركه مع أطفال سوريا، قد يصبح واقعاً يوماً ما.