ماراتون السلام الصعب


01 تشرين الأول 2015

عندما صرخت مجموعة من النساء السوريات قبل بضعة أعوام وسط سوق الحميدية في دمشق بأعلى صوتهن: "أوقفوا القتل"، لم يسمع السوريون هذا الصوت، فالقتل كان في بداياته، وأوهام "الحسم العسكري"، كانت تغذي رغبة الجميع في إنهاء الخصم والقضاء عليه قضاءً مبرماً. بيد أن الحرب التي لم تبقي حجراً على حجر في سوريا التي لا نكاد نعرفها، دفعت وبعد نحو الأربع سنوات، إلى خروج العديد من الأصوات المطالبة بوقف القتل ووضع حد للدمار، كل بطريقته. في دوما كبرى مدن الغوطة الشرقية على تخوم دمشق، خرجت مجموعة من الأطباء والناشطين، ليقولوا بأعلى صوتهم: أوقفوا القتل، وفي مدينة سلمية وسط البلاد، استغل الناشطون دعوة إلى إطلاق مارتون، ليحولوه إلى رسالة دعوا من خلالها إلى السلام.

وبحسب جمعية "أصدقاء سلمية"، الناشطة في المدينة منذ عدة سنوات، والتي تهدف "إلى نشر الوعي البيئي وإعلاء شأن الثقافة والتنمية المستدامة"، بحسب القائمين عليها، "شارك المئات من أهالي مدينة ‏سلمية في ‫ماراتون محبي السلام إحياءً ليوم السلام العالمي، في 21 أيلول2015، بمشاركة من غالبية الجهات ومنظمات المجتمع الأهلي في المدينة".

وكان العديد من الجمعيات والفعاليات المدنية قد دعت إلى المشاركة في هذا الماراتون، وبالاستناد إلى الشرح الذي قدمته جمعية "الأصدقاء" لفعاليات ذلك اليوم، تقول: "تجمع الأصدقاء بلباسهم الأبيض في الساحة العامة للمدينة قرب "جمعية أصدقاء سلمية" حيث أطلقت حمامات السلام، تبعتها صفارات انطلاق النشاط الأول في برنامج الاحتفال، وهو المسير الرياضي، ومسير الدراجات الهوائية، مروراً بشارع السعن، حيث حافظ المشاركون على هدوءهم وسلامهم، الرسالة وصلت لأهالي المدينة الذين خرجوا رجالاُ ونساءً، أطفالاً وشيوخاً لرد السلام.

بروشور تم توزيعه على المشاركين. المصدر: حكاية ما انحكت
بروشور تم توزيعه على المشاركين. المصدر: حكاية ما انحكت

في المرحلة الثانية شارك الأصدقاء بتشجير الكورنيش الشمالي بأشجار الزيتون أشجار السلام، وعند الحديقة العامة كان شباب فريق ‫"خطوة" يرسمون لوحات لأجل السلام على جدرانها، وفي داخل الحديقة العامة وعلى المنصة كان كورال فريق ‫"أمل" يعزف أجمل ألحان السلام".

وبحسب "عتاب"، إحدى المشاركات في هذا المسير، تقول لحكاية ما انحكت: "يبدو للوهلة الأولى أن هذا النشاط عبارة عن نشاط رياضي وحسب، إلا أنه في حقيقة الأمر عبر عن رغبة جميع المشاركين فيه في إرسال رسالة لجميع سكان المدينة مفادها أن العيش بسلام خيار لا بديل عنه، وأنه حان الوقت من أجل وضع حدّ للأضغان والأحقاد التي نشبت بين سكان المدينة بعد استعار الحرب في كل بقعة من سوريا".

شارك في المسير شبان وشابات من مختلف الفئات والأعمار، هتفوا للسلام وغنوا له معتمدين الأغاني الفلكلورية، ولبسوا اللون الأبيض في إشارة واضحة إلى الرسالة التي سعوا إلى تقديمها. تقول "عتاب": "للوهلة الأولى، يعتقد المرء أنه لا يمكن أن يفعل شيء وسط هذه الحرب المسعورة التي راحت تأكل مجتمعنا وبلدنا، وهو شعور حقيقي، إلا أنك ما إن تخرج للشارع وتشارك بمبادرة حتى ولو كانت متواضعة، وقد لا يكون لها أثر، حتى تشعر باستعادتك لفعاليتك ودورك في المجتمع..؛ إني أعتقد أننا اليوم بأمس الحاجة إلى مثل هذه المبادرات، حتى بشكلها المتواضع".

لا تقتصر نشاطات جمعية "الأصدقاء" وباقي جمعيات المدينة على هذا النشاط، فوفق عتاب: "تتنوع نشاطات هذه الجمعيات، بدأً من المداومة على إجراء الندوات والمحاضرات العلمية والتي تتناول من خلالها قضايا اجتماعية مختلفة، مروراً بالاهتمام بالأطفال وتخصيص أيام لهم يمارسون فيها مجموعة من النشاطات التربوية بإشراف مختصين، وصولاً إلى إجراء أمسيات فنية وشعرية والخروج بمسير رياضي في محيط المدينة، والمدهش هو حجم المشاركة والتجاوب من قبل فئات المجتمع المختلفة".

وكان شارك في تنظيم "ماراتون السلام"، مجموعة من المنظمات والجمعيات الأهلية، والتي تسعى جميعها إلى نشر ثقافة السلام وحقوق الإنسان وثقافة التعايش المشترك، ومنها فريق ‫نيسان التطوعي، وفريق خطوة، وفريق أمل، والهلال الأحمر، وفريق ‏بسمة، إلى جانب جمعية "أصدقاء سلمية"، والتي تنتمي جميعها إلى منظمات المجتمع المدني والجمعيات الأهلية.

هذا المصنف مرخص بموجب رخصة المشاع الإبداعي. نسب المصنف : غير تجاري - الترخيص بالمثل 4.0 دولي

تصميم اللوغو : ديما نشاوي
التصميم الرقمي للوغو: هشام أسعد