جاء الإعلان الروسي عن تواجد قوات روسية على الأرض السورية ليدشن مرحلة جديدة من الحرب الدولية الإقليمية في سوريا، إذ بات واضحا أن الحرب انتقلت من مرحلة التدخل الإقليمي بالوكالة ( إيران عن روسيا وتركيا والخليج عن واشنطن والغرب) إلى مرحلة الصراع الدولي المباشر، إذ جاء الأمر لينسف الأوهام التي سادت عن اقتراب التسوية السورية بعد إعلان ديمستورا عن تشكيل اللجان الأربع، وعن قول بعض المعارضين السوريين أن هناك تغيّرا في الموقف الروسي ما أشاع أملا واهيا، لتعود الأزمة السورية إلى نقطة الصفر سياسيا (وهي التي لم تغادرها أصلا)، ويبقى اللاأمل سيد الموقف، مع استمرار الحرب على الأرض وتمزق سوريا بين سلطات متعددة تبدأ بسلطة الدكتاتورية التي باتت تسيطر على حوالي 23 بالمئة من مساحة سوريا فقط، ولا تنتهي عند سلطة داعش التي تتمدد تحت أعين "التحالفات الدولية" الكاذبة، مرورا بسلطات الكتائب الإسلامية المتشددة والمعتدلة، والميليشيات وحزب الاتحاد الديمقراطي وغيرها.
احتلال أم تدخل!
لم يتردد المعارضون عن اعتبار التدخل الروسي المباشر في سورية "احتلالا"، في حين اعتبر المؤيدون أنه تدخل شرعي كونه يأتي بطلب من الحكومة السورية "الشرعية" بهدف قتال داعش، رغم أن سياسة روسيا وتصريحات مسؤوليها تقول بغير ذلك.
مع بدء الطائرات الروسية القيام بمهامها بالقصف ارتفع معدل التعبير السوري على وسائل التواصل الاجتماعي عن كون روسيا محتلة لبلادهم، وكأنهم قبل ذلك لم يكونوا قد صدّقوا الخبر بعد، إذ جاء التنفيذ الفعلي لما أعلن عنه ليؤكد أن الروس ماضون في خيار دعمهم الأسد، خاصة أن أولى الضربات الروسية في سوريا كانت موجهة ضد الجيش الحر وليس ضد داعش.
اعتبار التدخل الروسي احتلال، ظهر بشكل واضح في كتابات المعارضة، إذ كتب المعارض "ميشيل كيلو" مقالا في صحيفة العربي الجديد، حمل عنوان "احتلال تجب مقاومته" جاء فيه: "إذا كان وجود الروس العسكري في بلادنا غير مرتبط بإرادتنا أو بقرار اتخذناه، وكان يترجم إرادة أجنبية قرّرت غزو واحتلال الساحل ومناطق سورية أخرى، ألا يكون وجوداً استعمارياً مخالفاً للقانون الدولي، ولقرارات الأمم المتحدة حول تصفية الاستعمار؟ ألا يندرج، أيضاً، في سياق احتلالي استهدف مشرقنا العربي، بدأ بفلسطين، وانخرطت فيه إيران البارحة، واليوم روسيا؟"، وكتبت الفنانة "لويز عبد الكريم" على صفحتها على الفيسبوك: "روسيا تقصف سوريا، سوريا ذات السيادة الوطنية؟ خلاص ؟احتلتنا روسيا يعني"، في حين كتبت الفنانة "مي سكاف": "أرضنا وسمائنا تحت الاحتلال الروسي القذر".
الفنان فارس الحلو توقع ما سيحصل في سوريا فيما بعد نتيجة هذا التدخل الروسي، إذ قال: "بعد كل قذارة مستجدات المافيا الدولية في الأمم المتحدة مؤخراً، وبدء جرائم روسيا الأسد على الأرض السورية مباشرة، وبعد (تلكؤ) التحالف الدولي بالقضاء عسكرياً على جيش داعش الأسطوري، سيكون المشهد القادم لجريمة داعشية هوليوودية!! تصدح بها كل وسائل الاعلام لهولها ،وغاياتها لن تبدأ بتبرير الموافقة الإجرامية الدولية للتواجد البوتيني على الأراضي السورية، ولن تنتهي بالتزامات النفاق النووي الايراني وتشكيل المنطقة العازلة"، الأمر الذي دفع جميع المعارضين للتعامل مع روسيا بوصفها محتلا، حيث دعا الكاتب والشاعر "علي سفر" كل وسائل الإعلام السورية للتعبير عن التواجد الروسي في سوريا بوصفه احتلالا.
على الضفة الأخرى من البلاد، كان المشهد معاكسا تماما، حيث احتفى المؤيدون بهذا التدخل، إذ نقل أحدهم على صفحته قائلا: "خروج مسيرات سيارات ترفع صورة بوتين في أكثر من مكان، ابتهاحا بالقصف الروسي العنيف على الرستن وتلبيسة والذي أسفر عن مقتل العشرات من النساء والاطفال والرجال المدنيين، وأحاديث عن ٤٠ قتيل"، في حين كانت شبكات الأخبار المؤيدة للنظام السوري تعلن تأييدها للتدخل الروسي بشكل واضح، إذ كتبت صفحة "شبكة أخبار اللاذقية L.N.N" على الفيسبوك: "قوة جوية روسية أرسلت إلى سوريا بعد طلب من دمشق"، و"اﻟﺪﻋﻢ ﺍﻟﺮﻭﺳﻲ ﻟﻠﺠﻴﺶ ﺍﻟﺴﻮﺭﻱ ﺳﻴﺘﻢ ﺟﻮﺍ" و"أكدت مصادر مطلعة أن سلاح الجو السوري بالتعاون مع الطيران الروسي، استهدفا اليوم تجمعات للإرهابيين في كل من ريف حماة وريف اللاذقية وريف حمص".
هذا الانقسام بين المؤيدين والمعارضين آثار جدلا حادا على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث اتهم المعارضون المؤيدين بأنهم يؤيدون احتلال بلادهم، في حين رد المؤيدون بأن الأمر ليس احتلالا كونه يأتي بطلب من السلطة الشرعية، في حين اتهم آخرون المعارضون بأنهم أول من استدعى التدخل الخارجي فلماذا يرفضونه اليوم، حيث كتب المعارض "عزام أمين": "يقولون: أنتم المعارضة أول من طلب التدخل الخارجي، فلماذا تعتبرون التدخل الخارجي الروسي احتلال وتتهموننا بالخيانة؟.. لو فرضنا أن كلامكم صحيح وأن طلب التدخل الخارجي من قبل المعارضة هو خيانة، فهل الخيانة تبرر الخيانة؟".
المعارضة بوجه المدفع!
التدخل الروسي العسكري المباشر في سوريا أو "الاحتلال الروسي"، أحرج المعارضة السورية بكافة أطيافها، خاصة تلك التي كانت تراهن على الموقف الروسي مثل هيئة التنسيق وتيار بناء الدولة السورية وغيرها، وكذلك الائتلاف الذي صرح رئيسه "خالد خوجة" قبل فترة بأنه لمس تغيّرا في الموقف الروسي، حيث صب السوريون جام غضبهم على المعارضة التي تسجل عجزا تلو عجز، إذ قال الكاتب الكردي "هوشنك أوسي": "يا جماعة هيئة التنسيخ والتفسيخ الوطنية، مو على أساس إنتو رافضين التدخّل الاجنبي!؟ هاي نائب رئيس الهيئة وحزبه (صالح مسلم)، هو والنظام السوري، هما من أكثر المرحّبين بالاحتلال الروسي!من هلا ورايح، لا تقولوا أنكم معارضة ها؟"، في حين كتب عمر إدلبي: "الشمس تشرق من موسكو؟؟؟!! والروس أصدقاء؟! هل تمتلك بعض شخصيات المعارضة الجرأة على الاعتراف أنهم كانوا أضحوكة وأغبياء وغرر بهم لافروف؟!"، في إشارة إلى ما كتبه المعارض ورئيس الإئتلاف السابق "معاذ الخطيب".
وفعلا بدت المعارضة السياسية مرتبكة وعاجزة أمام هذا التدخل الروسي، إذ أعلن رئيس هيئة التنسيق الوطنية "حسن عبد العظيم" عن تأييده للتدخل الروسي طالما هو لمحاربة داعش. إلا أن الضربات الأولى للطائرات الروسية التي كانت موجهة لفصائل الجيش الحر والتي قتلت من المدنيين أكثر مما قتلت من داعش، جاءت لتعري هذا الكلام ومعه المعارضة بكافة أطيافها، إذ حتى إعلان الائتلاف رفضه لخطة ديمستورا والتدخل الروسي في سوريا لم يعره السوريين أدنى اهتمام، فالمعارضة السياسية سقطت في أعينهم منذ زمن بعيد.
لقتال داعش أم لدعم الأسد!
بررت السلطات الروسية تدخلها العسكري في سوريا، بأنه لقتال داعش متهمة التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن بأنه غير جدي بقتال التنظيم، حيث أكد بوتين في خطابه الأخير في الجميعة العامة للأمم المتحدة أن الجيش السوري هو القوة الوحيدة على الأرض التي تقاتل داعش، هادفا من هذا الكلام إلى تعويم الأسد ونظامه من بوابة الحرب على الإرهاب، باعتبارهم شركاء في محاربة الإرهاب، وهو ما ترفضه المعارضة السورية وبعض الدول الغربية حتى اللحظة، باعتبار أن الأسد هو من مهد الأرضية اللازمة لنمو داعش وتمددها، حد أن أحد السوريين كتب على صفحته على الفيسبوك: "لو عرف المؤيديون حجم الخدمات التي قدمتها داعش للأسد لأقاموا تمثالا للبغدادي إلى جانب تمثال الأسد".
حقيقة الموقف الروسي ظهرت واضحة للعيان حين استهدفت أولى الغارات مناطق للمعارضة السورية المسلحة في حمص وحماه، قائلة أنها تحارب داعش في حين أنها أصابت الجيش الحر وكتائب أخرى غير داعش، وقد كتب الناشط المعارض "منهل باريش": "الطيران الروسي قصف أحد مقرات "تجمع العزة" في ريف حماة وهو فصيل جيش حر، ومدعوم من غرفة الموم ويملك صواريخ تاو. يعني لا قاعدة ولا داعش ولا فصيل "إرهابي" .هي الرسالة لمين موجهة ؟"، وكتب "عمر إدلبي": "موسكو: الضربات الجوية الروسية باقية طالما استمرت اعتداءات الجيش السوري الحر. خلعوا قناع محاربة داعش، وأعلنوا هدفهم بوقاحة"، وكتبت "ابتسام تريسي": "روسيا تقصف الحاضنة الشعبية للجيش الحر. روسيا تقصف المدنيين كما فعل التحالف. روسيا راعية الإرهاب متمثلاً بالأسد .لم تأتِ لمحاربة داعش بل لمزيد من قتل السوريين".
كما أن موافقة مجلس الشعب الروسي على الضربات العسكرية في سوريا مع مرونة بتوسيع هذا التدخل دفع البعض للمقارنة بين مجلس الشعب السوري ومجلس الدوما، باعتبار أن الاثنين أداة في يد سلطات دكتاتورية، حيث كتب الإعلامي "أحمد كامل": "النظام الروسي نسخة عن نظام بشار، مجلس الشعب يصدر قراراته بالاجماع، وهو لعبة بيد بوتين، عبارة قصف داعش جوياً فقط مؤقتاً فقط مجرد أسلوب لتهوين أمر عظيم وتبليعنا إياه بالتدريج"، الأمر الذي يقودنا إإلى البحث في حقيقة التدخل الروسي وأهدافه، فهناك عدة اعتبارات:
- يأتي هذا التدخل لإيقاف التراجع الذي شهده الجيش السوري مؤخرا، حيث باتت المعارضة السورية تقف على تخوم الساحل السوري بعد معركة إدلب، إذ تدرك موسكو أن الجيش السوري فقد أي رغبة بالقتال وتراجعت معنوياته بعد أربع سنوات من الثورة، فجاء هذا الدعم لإنقاذ ما يمكن إنقاذه ولمنع سقوط النظام عسكريا.
- المصالح الروسية في سوريا متمثلة في العاصمة دمشق والساحل السوري أو ما بات يعرف بسوريا المفيدة، ومع اقتراب المعارضة من هذه المناطق يعني أن المصالح الروسية باتت في خطر، وعليه فإن التدخل يأتي لحماية هذه المناطق ويجعل منها خطا أحمر في لعبة الصراع الدولي/ الإقليمي.
- الإعلان التركي عن بدء إجراءات المنطقة العازلة في الشمال السوري، وإعلان واشنطن وأنقرة عن تدريب للمعارضة المعتدلة، وقيام تركيا باستخدام وجودها في التحالف لضرب حزب العمال الكردستاني الذي تربطه علاقة ما بموسكو (الجناح السياسي للحزب في سوريا هو حزب الاتحاد الديمقراطي ورئيسه صالح مسلم الذي هو نائب رئيس هيئة التنسيق التي أعلنت موافقتها على التدخل الروسي)، دفع موسكو للتدخل بوجه الطموحات التركية، وهذا ما يؤكده قيام الطائرات الروسية بقصف مناطق في مدينة إدلب وعلى الحدود السورية التركية، في رسالة موجهة لأنقرة بشكل واضح.
- يأتي هذا التدخل لتمسك روسيا بالملف السوري كاملا، بعد أن تمددت فيه إيران طويلا، إذ بات واضحا اليوم أن الكلمة العليا هي لروسيا بعد أن كانت لإيران، إذ لا يخفى على أحد أن المقاربة الإيرانية تختلف عن المقاربة الروسية وإن كانتا تصبان في دعم النظام، فروسيا تشدد على بقاء سوريا موحدة وعلى مؤسسات الدولة وعلى رأسها الجيش والأمن في حين أن إيران لا تمانع تقسيم سوريا وهي تقوم بعمليات تهجير وتغيير ديموغرافي واضحة في سوريا.
خلاصة القول هنا، أن التدخل الروسي في سوريا لم يأت لقتال داعش، وإنما جاء لحماية النظام وإيقاف تراجعه، ولتحويل سوريا إلى ورقة بيد موسكو في لعبة الصراع الدولية بين موسكو والغرب بعد أوكرانيا، فسورية في نهاية المطاف ليست أكثر من بيدق على رقعة الشطرنج الروسية كما أشار وزير الخارجية الروسي "لافروف" لوفد النظام السوري، الأمر الذي يعني أن روسيا انضمت إلى الدول الأخرى في عملية استغلال داعش لمصالحها، إذ في حقيقة الأمر لا أحد يريد حرب داعش والقضاء عليها، لأنها تحولت إلى البعبع الذي يخيف الجميع، ويحقق مصالح الجميع على حساب السوريين، حيث يراهن كل طرف من الأطراف المتصارعة في سوريا على تراجع الطرف الآخر.
حرب مقدسة!
الملفت أن الكنسية الأرثوذكسية الروسية دخلت على خط الصراع السوري لتزيد الأمور توترا وشحنا طائفيا ودينيا، إذ بإعلانها أن الحرب على الإرهاب مقدسة وأنها تؤيد التدخل الروسي في سوريا، تكون قد وضعت مسيحي الشرق وخاصة الأرثوذكس في موقف لا يحسدون عليه، عدا عن كونها تقدم لداعش نفسها ذريعة تحتاجها لخوض "حرب صليبية جديدة"، لأن إيديولوجية داعش تقوم على حرب "الكفار"، وهاهم الكفار جاؤوا إليها بأنفسهم، حيث كتب سهيل الدين: "الكنيسة الارثوذكسية الروسية تقول ان تدخل بوتين العسكري في سوريا هو "حرب مقدسة".شو لازمها داعش و النصرة أكثر من هيك؟"، حيث جاء الأمر شبيها بتدخل حزب الله في سوريا حين أعلن أنه يخوض حربا جهادية ضد "التكفيريين" في سوريا، فكان تدخله محرّضا لجذب المزيد منهم، وهاهو حزب الله يتخبط في سوريا حتى هذه اللحظة دون أن يغير شيئا من الصراع السوري بل كان سببا في زيادة الاحتقان الطائفي وسببا في تحوّل سوريا إلى "أرض جهاد"، وربما كان هذا مقصودا بهدف إطالة أمد الصراع وإغراق الثورة السورية بالتطرف والإرهاب، وهنا قد يكون تصريح الكنيسة متقصدا أيضا، بهدف جر الجهاديين المتواجدين في المحيط الروسي إلى الأرض السورية، لقتالهم في سوريا، ما يبعد الخطر عن روسيا.
لكن بعيدا عن المصالح السياسية للدول والتي يأتي تصريح البطرك الأرثوذكسي ليغطي عليها، فإن تفاعلات التصريح على الأرض خطيرة، من حيث كونها تزيد بعدا طائفيا آخر للصراع السوري وهو الصراع المسيحي الإسلامي بعد أن كان ذو وجه سني شيعي أججه تدخل إيران وحزب الله في سوريا، الأمر الذي يعني أننا سنشهد بعد اليوم وجها جديدا للصراع، طالما احتاجته السياسة لتغطي مصالحها به، وهو ما دفع رجل الدين "محمد حبش" لكتابة مقال حمل عنوان "بطريرك موسكو وداعش اليسوعية" جاء فيه أن "الكنيسة الروسية اليوم برعاية مفتي النظام الروسي البطريرك كيريليوس تقوم بقراءة النصوص قراءة صليبية موتورة، وتضرب بعرض الحائط كل التأويلات التي أجهد فلاسفة السلام المسيحي أنفسهم بتأويلها، وتعلن أن الحرب الآن مقدسة وأن على رجال الكنيسة الأشاوس الذهاب إلى سوريا والضرب بيد من حديد على مدنها وقراها، وأن المسيح ما جاء ليلقي سلاماً بل سيفاً، وأن أي بلدة سورية تؤوي ثائراً فإنها تباد عن بكرة أبيها، ورجال الجيش الروسي المتقون مأمورون أن يذهبوا إلى أرض الكفار وإحضار من يتيسر من هؤلاء الثوار ليذبحوهم قدام الرب! إنها مأساة أخرى أن يعود البطاركة لتكرار الدرس الصليبي نفسه الذي مارسه البابا أوربان الثاني وبطرس الناسك وأشعل الحرب في العالم بين الإسلام والمسيحية مائتي عام. إنني آمل أن ينجح الوعي المسيحي في البراءة من هذه الفتاوى الماكرة التي ليس فيها إلا خدمة السياسة وتشويه الدين".
وقد رفع ناشطو كفر نبل في مظاهرتهم لافتة تندد بالحرب المقدسة، حاء فيها: "إلى الكنيسة الروسية! جنودكم هنا في سوريا لقتل الأبرياءـ فعن أي “حرب مقدسة” تتحدثون؟".
وجوب الرد والمقاومة:
اتفق أغلب السوريين المعارضين على أن المقاومة المستمرة والرد على الادعاءات الروسية هو الخيار الأمثل، سواء عسكريا أو مدنيا، حيث دعا مجموعة من النشطاء السوريين والأوكران إلى وقفة مشتركة للتنديد بالجرائم الروسية في سوريا وأوكرانيا، تزامنا مع زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى فرنسا، حيث رفعت لافتات بالعربية والأوكرانية والفرنسية ترفض التدخل الروسي في البلدين، كما أصدر الطرفان بيانا جاء فيه: "في الوقت الذي يسجن فيه الكرملين معارضيه السياسيين، يرسل السلاح والجنود إلى أوكرانيا وسوريا لقتل المدنيين إضافةَ إلى ذلك، فإن سياسة التدخل التي يمارسها الكرملين في كلٍ من سوريا وأوكرانيا أدت إلى نزوح ملايين البشر من منازلهم في كلا البلدين، يمارس بوتين السياسة ذاتها: منع الشعبين من حقهم في تقرير مستقبلهم بحرية."، ليطالبوا الحكومة الفرنسية "البدء حالاَ بالمطالبة بوقف المجازر والقتل في سوريا. هذا كما يعني المطالبة بالإفراج عن السجناء السياسيين (أكثر من 215 ألف معتقل سياسي في سوريا و 500 في روسيا)، ومطالبة الكرملين بالتوقف عن اعتداءاته العسكرية. لا نقبل التعاون مع الديكتاتوريين! لا بوتين، ولا الأسد! هما المشكلة وليسا الحل"، حيث رفع المعتصمون شعارات مثل "بشار جزار دمشق، بوتين جزار دونباس" و "أوكرانيا أكثر قربا إلى سوريا مما تظن، سيادة الرئيس فلاديمير الأسد".
في كفرنبل التي علمتنا أن يكون لها قول في كل حدث، تظاهر أهالي البلدة وهم يرفعون اللافتات التي تدين التدخل الروسي في سوريا مع رسومات تسخر من الأسد وبوتين والتحالفات الدولية لقتال داعش والمعارضة، حيث رددوا شعارات من نوع: "مارح نركع مارح نركع جيبو الطيارة والمدفع"، و"منصورين منصورين غصب عن روسيا والصين".
على الصعيد العسكري والسياسي، دعا أغلب المعارضين والنشطاء إلى تفعيل المقاومة ضد بوتين والأسد في آن، حيث دعا الفنان "عبد الحكيم قطيفان" الثوار وفصائل الجيش الحر والقوى المعتدلة إلى الوحدة: "اتحدوا اتحدوا اتحدوا صفا واحدآ كالبنيان المرصوص واعملوا فورآ على إسقاط نظام المافيا (الفاشية البغيضة والخائنه)التي أباحت سوريا للغرباء، ولكل حثالات الكون. اتحدوا وكونوا على قلب رجل واحد، وهدف واحد هو حرية سوريا وإنقاذ سوريا (حكوا جلدكم بظفركم)، ولا تنتظروا عون، أو رأيآ من أي دولة بعد الآن. سوريا تستغيث بكم فكونوا على قدر مقامها الذي تستحق"، في حين دعا المعارض السوري وليد البني إلى "تشكيل جبهة تحرير سورية تضم كل أحرار سوريا والراغبين باستعادة سيادتها ووحدة أرضها وشعبها، لحماية سوريا من كل هؤلاء الهمج"، متابعا أن "علم المقاومة السورية ضد الغزو الروسي الايراني يجب أن يكون جامعاً لكل السوريين، وهدف المقاومة يجب أن يكون سوريا حرة لكل السوريين"، وهو ما دعا له المعارض البارز ميشيل كيلو حين قال في ختام مقال له: "لا بد من إطلاق المقاومة ضد الوجود الروسي، إلا إذا أعلن الروس التزامهم بتنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 2118، ووثيقة "جنيف 1"، وتعهدوا بمغادرة بلادنا، وبأخذ بشار"هم" وحاشيته معهم إلى روسيا، خلال فترة ثلاثة أشهر. عندئذ، سيضع مقاومونا أيديهم على زناد بنادقهم، بانتظار تنفيذ الالتزام المزدوج. بما أنهم لن يفعلوا ذلك، لا يبقى أمامنا من خيار غير طردهم مع بشار"هم" من وطننا، وإنهاء معركتنا من أجل الحرية والاستقلال"، الأمر الذي يعني أن روسيا انزلقت عمليا إلى المستنقع السوري، لتغدو أمام أفغانستان2، أليس هذا ما يريده الغرب أيضا؟ أن تتورط موسكو وتستنزف نفسها في صراعات دولية، وكل هذا على حساب دم السوريين وحريتهم المؤجلة!