قليلون من يعملون بالحدادة اليوم، ومنهم عادل حدَّاد، الذي تنطبق مهنته على كنيته، كما في كتب التراث، فقد أصبح عادل جزءاً منه مع تحول العمل بهذه المهنة إلى جزء من التاريخ، لكن هذا التراث ما زالَ حياً، وبفضله يعيش الوافون له، لا سيما في القرى والمدن الصغيرة التي لم تدخلها التكنولوجيا ووسائل الاتصال.
في مدينة أريحا التي تتوسط إدلب وجسر الشغور ومعرة النعمان، ويعود تاريخها إلى خمسة آلاف عام، توارث الآباء مهنة الحدادة، التي يبلغ عمرها أكثر من مئة وخمسين عاماً في المدينة، وكانت أدواتهم تتلخص بالحديد الصلب والبولاد، إضافة إلى النار شديدة الحرارة لتليين الحديد، هذه الأدوات كانت وما زالت مصدر عائلة "أبي الحسن" الذي يعمل بها لعشر ساعات يومياً، ويعدها تمثل مدينة أريحا المعروفة بطبيعتها الساحرة وشوارعها الأثرية، ، أما سوق الحدادين فيها، حيث يعمل أبو الحسن، فيعود تاريخه إلى العصر الأيوبي، أي منذ ما يقارب 650 عاماّ، ويختص هذا السوق بالحدادة العربية بكافة أنواعها والتي تشمل الأدوات الزارعية والصناعية والمهنية، وهو ملاصق لعدد من الأسواق القديمة الأخرى، كسوق السكفاتية وسوق التجار وسوق الهال.
وكان عادل "أبو الحسن" قد ترك المدرسة وهو في الثانية عشر من عمره، إثر وفاة أبيه عام 1981، ليبدأ تعلم هذه المهنة على يد أخيه الأكبر.
يحب أبو الحسن هذه المهنة جداّ، لأنها تذكره بأبيه وأجداده، وهو يقوم اليوم بنقل خبرته فيها إلى ابنه، لاعتقاده أنها تراث العائلة الذي يجب أن يستمر، وقول معلقاً على ذلك "المهن الشعبية حكايات تحكى وتاريخ عريق، وإرث ثمين يورثه الأجداد للأبناء، ثم للأحفاد".
في غرفة صغيرة داخل المحل، تحوي قطعاً كثيرة من الفحم الحجري، وتُعرف بـ "بيت النار"، يتم إشعال الفحم بواسطة مروحة كهربائية، وبعد خمس عشرة دقيقة تصل درجة الفحم إلى خمسمائة درجة مئوية، عندها يُدخل عادل قطع الحديد اللازمة للعمل.
الفحم الحجري : هو صخر أسود قابل بنسبة كبيرة للاحتراق والاشتعال يتكون من الكربون وعناصر آخرى منها الهيدوجين والأوكسجين والنيتروجين بالإضافة لعناصر أخرى.
تعد مهنة الحدادة من أصعب وأقدم المهن الحرفية في مدينة أريحا، فهي تعتمد على اليد العاملة وحرفية الحداد، ويلقب الحداد العربي بـ"المعلم" فهو يقوم بفحص وتفقد جميع القطع المصنوعة بعد الانتهاء منها كي يتأكد من جودتها وصلابتها."
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تم إنجاز هذه المادة بالتعاون بين موقع حكاية ما انحكت، ومنظمة "الإنسان في سوريا"، وراديو سوريالي.