مشروع قانون قيصر.. ما أبرز النقاط فيه؟

خطوة نحو المساءلة في سوريا، أم أزمة اقتصادية متفاقمة؟


أصبح مشروع قانون قيصر موضوع نقاش بين الأطراف السورية التقدمية والديمقراطية. وتمحورت النقاط الجدلية الأبرز فيه حول طبيعة العقوبات الثانوية ومداها: أي التدابير التي تستهدف جهود إعادة الإعمار في سوريا، وقطاعات الاقتصاد المختلفة، وحلفاء سوريا (روسيا وإيران). إضافة إلى الآثار المحتملة لمشروع القانون على الشريحة الأوسع من المواطنين السوريين. وبناء على ذلك، من المهم تحليل مجموعة التدابير التي تشكل مشروع قانون قيصر.

15 شباط 2020

(مبنى سكني مدمر في حرستا ، وهي بلدة تقع في ضواحي الغوطة الشرقية خارج دمشق ، في 27 أبريل 2019. الصورة من صفحة عدسة شاب دمشقي على الفيسبوك)
جوزيف ضاهر

ناشط سياسي، له منشورات بالعربية والفرنسية والانكليزية. يدوّن في SyriaFreedomForever (سوريا حرية للأبد). نال درجة الدكتوراة من كلية الدراسات الآسيوية والمشرقية (سواس) بلندن. ركزت رسالته على المادية التاريخية وحزب الله. يعيش د. ضاهر في سويسرا، حيث يدرس في جامعة لوزان.

وقع الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، في 20 ديسمبر/ كانون الأول 2019، مشروع قانون قيصر لحماية المدنيين، الذي سُمّي باسم المصور العسكري السوري "قيصر" الذي انشق عن النظام عام 2013، والذي سرب عشرات آلاف الصور لمعتقلين تعرضوا للتعذيب حتى الموت في سجون الحكومة السورية.

مشروع القانون هو نتيجة نحو أربع سنوات من الجهود التي بذلها "التحالف من أجل سوريا ديمقراطية"، وهو منظمة مقرها الولايات المتحدة تضم أمريكيون من أجل سوريا حرة، والمجلس الأمريكي السوري، وسوريون مسيحيون من أجل السلام وقوة عمل الطوارئ السورية. وقد رحب الائتلاف الوطني السوري (الهيئة التمثيلية الرئيسية للمعارضة السورية، العاملة في تركيا)، بالمشروع، وشكر عمل هذه المنظمات السورية-الأمريكية.

بعد التصويت النهائي، جادلت تجمعات عدة بأن مشروع القانون هو خطوة في اتجاه المساءلة. بينما وصف وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو القانون بأنه "خطوة مهمة لتعزيز المساءلة لـ[نظام الأسد]، الذي ارتكب فظائع واسعة النطاق في سوريا".

ينص مشروع القانون بأن "تستخدم الولايات المتحدة الوسائل الاقتصادية الدبلوماسية والقسرية لإجبار حكومة بشار الأسد على وقف هجماته القاتلة ضد الشعب السوري، ودعم الانتقال إلى حكومة سورية تحترم سيادة القانون وحقوق الإنسان والتعايش السلمي مع جيرانها". إحدى الوسائل التي تقترح الولايات المتحدة استخدامها لتطبيق ذلك هي العقوبات الثانوية: أي معاقبة الأفراد والمؤسسات الأجنبية التي تتعامل مع كيانات سورية تخضع بالأصل للعقوبات الأمريكية.

أصبح مشروع قانون قيصر موضوع نقاش بين الأطراف السورية التقدمية والديمقراطية. وتمحورت النقاط الجدلية الأبرز فيه حول طبيعة العقوبات الثانوية ومداها: أي التدابير التي تستهدف جهود إعادة الإعمار في سوريا، وقطاعات الاقتصاد المختلفة، وحلفاء سوريا (روسيا وإيران). إضافة إلى الآثار المحتملة لمشروع القانون على الشريحة الأوسع من المواطنين السوريين. وبناء على ذلك، من المهم تحليل مجموعة التدابير التي تشكل مشروع قانون قيصر.

تعميق العقوبات المفروضة منذ عام 1979

تخضع سوريا لعقوبات أمريكية منذ عام 1979، حين وضعتها الولايات المتحدة على قائمة الدول الراعية للإرهاب "بسبب سياساتها المستمرة في دعم الإرهاب، واحتلالها السابق للبنان، واستمرار سعيها وراء تطوير برامج لأسلحة الدمار الشامل والصواريخ، وتقويض جهود الولايات المتحدة الدولية الرامية إلى تحقيق الاستقرار في العراق"، بحسب وزارة الخارجية الأمريكية[i].

الشراكة بين القطاعين العام والخاص في سورية

19 تشرين الثاني 2019
بدأت الحكومة السورية الترويج لنموذج تنمية اقتصادية مبني على مبادئ الشراكة بين القطاعين العام والخاص وخصخصة المنفعة العامة كأساس لإعادة إعمار البلاد وللتجدّد الاقتصادي. الباحث القدير، جوزيف ضاهر، يناقش في...

على أية حال، تواصل الولايات المتحدة استهداف الأفراد والكيانات، والمسؤولين الحكوميين وقطاعات الأعمال، منذ بدء الانتفاضة في سوريا في مارس/ آذار 2011. وكانت العقوبات الثانوية على سوريا (التي تمكّن الرئيس الأمريكي من معاقبة الأفراد والمؤسسات الأجنبية التي تتعامل مع الكيانات السورية الخاضعة أصلاً للعقوبات الأمريكية) موجودة قبل مشروع قانون قيصر، ولكن نادراً ما كان يتم تنفيذها[ii].

حتى هذه اللحظة، يُعد مشروع قانون قيصر أهم الإجراءات التي اتخذتها واشنطن ضد النظام السوري وحلفائه في سوريا[iii].

ويسمح نص مشروع القانون بمعاقبة أي حكومة أو كيان خاص يُعتبر داعماً للنظام والجماعات والكيانات المرتبطة به، أو مساهماً في إعادة إعمار سوريا، إضافة إلى كل من يساعد حكومتي روسيا وإيران في سوريا. يمكن للرئيس الأمريكي أن يعاقب أي فرد أو شركة دولية تستثمر في قطاعات الطاقة أو الطيران أو البناء أو الهندسة في سوريا، أو أي شخص يُقرض مالاً للنظام ( المادة 102).

قد يستهدف مشروع القانون أيضاً البنك المركزي السوري، وذلك استناداً إلى قرار جاء بعد تقرير كتبه وزير الخزانة، يتساءل عما "إذا كانت هناك أسباب معقولة لاستنتاج أن البنك المركزي السوري هو مؤسسة مالية متورطة بغسل الأموال بشكل رئيسي" (القسم 101). إذا اعتُبر أن البنك المركزي السوري يلعب دوراً هاماً في غسيل الأموال، فيمكن عندئذ فرض العقوبات عليه.

يسمح مشروع قانون قيصر أيضاً للرئيس الأمريكي، بعد 90 يوماً من سن مشروع القانون، بتحليل "الفعالية والمخاطر، والمتطلبات التشغيلية المحتملة للوسائل العسكرية وغير العسكرية، لتعزيز حماية المدنيين داخل سوريا" (القسم 303)

ويسمح مشروع قانون قيصر أيضاً للرئيس الأمريكي، بعد 90 يوماً من سن مشروع القانون، بتحليل "الفعالية والمخاطر، والمتطلبات التشغيلية المحتملة للوسائل العسكرية وغير العسكرية، لتعزيز حماية المدنيين داخل سوريا" (القسم 303).

ينتهي مشروع القانون بالإشارة إلى أحكام تسمح بتعليق الرئيس للعقوبات (القسم 401):

  • إذا توقفت الطائرات السورية والروسية عن قصف المدنيين.
  • إذا توقفت القوات الإيرانية والسورية والروسية، والكيانات المرتبطة بها، عن تقييد وصول المساعدات الإنسانية إلى المناطق المحاصرة، وعرقلة مغادرة المدنيين بحرية.
  • إذا تم إطلاق سراح جميع السجناء السياسيين، ومُنحت منظمات حقوق الإنسان الدولية حق الوصول الكامل إلى السجون والمعتقلات السورية.
  • إذا توقف قصف "المنشآت الطبية والمدارس والمناطق السكنية والتجمعات، بما في ذلك الأسواق"، من قبل القوات السورية والروسية والإيرانية، فضلاً عن الكيانات المرتبطة بها.
  • إذا تحققت إمكانية "العودة الآمنة والطوعية والكريمة للسوريين النازحين بسبب النزاع".
  • وأخيراً، إذا حدثت مساءلة لـ"مرتكبي جرائم الحرب في سوريا، وتحققت العدالة لضحايا جرائم الحرب التي ارتكبها نظام الأسد، عبر المشاركة في عملية شفافة ومستقلة للمساءلة والمصالحة".

تدابير تستهدف المستفيدين من الحرب

من الممكن أن يُمثّل تعليق العقوبات، شريطة احترام حقوق الإنسان الأساسية في سوريا وبدء عملية المساءلة، إنجازاً كبيراً لجميع شرائح الشعب السوري، خاصة بالنسبة لمن عانوا أو ما زالوا يعانون بسبب النظام وحلفائه. ويصعب على أي أحد معارضة تدابير كهذه.

الميليشيات ورأسمالية المحاسيب تعيق عملية إعادة إعمار سوريا

21 أيلول 2017
الحديث عن إعادة الإعمار في سورية اليوم بات مكثفا، الأمر الذي يطرح أسئلة تنوس بين السياسي والاقتصادي، أسئلة تتعلق بما إذا كان هذا الحديث يعني تعويم نظام الأسد مجددا، وعن...

العقوبات المفروضة على أي حكومة أو كيان "يسهل بشكل كبير صيانة أو توسيع الإنتاج المحلي للحكومة السورية من الغاز الطبيعي أو النفط أو المنتجات النفطية"، و"يوفر قاصداً، بشكل مباشر أو غير مباشر، خدمات متقدمة في قطاعي البناء أو الهندسة للحكومة السورية" (القسم 102) قد تستهدف أيضاً الشركات الخاصة الروسية والإيرانية، التي تحاول الاستفادة من غنائم التدخل العسكري عبر السيطرة على مختلف الموارد الطبيعية السورية والبنية التحتية الوطنية، اعتماداً على السياسات النيوليبرالية و الشراكة بين القطاعين العام والخاص (PPPs).

على سبيل المثال، وافق البرلمان السوري، في ديسمبر/ كانون الأول 2019، على عقود تنقيب عن النفط، كانت موقعة سابقاً خلال العام، مع شركتين روسيتين، هما ميركوري وفيلادا (Mercury LLC وVelada LLC) في ثلاث "بلوكات"، من بينها حقل نفط شمالي شرق سوريا وحقل غاز شمال العاصمة دمشق. ينبغي أن تكون هذه الشركات الروسية (ولعلها كذلك أصلاً) من بين الكيانات التي تخضع للعقوبات، لأنها تساهم في توسيع إنتاج سوريا من النفط. ويتماشى تسليم العقود إلى شركتي ميركوري وفيلادا مع استراتيجية الحكومة السورية تجاه الدول الصديقة التي تقف إلى جانب سوريا، وفقاً لوزير النفط السوري علي غانم. وتحاول روسيا على وجه الخصوص الاستفادة من هذا الوضع.

في الوقت نفسه، يمكن أن تستهدف هذه العقوبات، في إطار عملية إعادة الإعمار في سوريا، كيانات أجنبية وازنة، قد تستثمر وتستفيد من الخطط العمرانية الكبرى للحكومة السورية. وقد زار عدد من الشركات والمسؤولين الإماراتيين سوريا لهذا الهدف، وأبدوا اهتماماً بالاستثمار في مشروع ماروتا سيتي، وهو مخطط عقاري فخم جنوب غرب دمشق. ومع ذلك، لم تحصل أي استثمارات أجنبية في ماروتا حتى كتابة هذا التقرير.

(يمكن أن تستهدف هذه العقوبات، في إطار عملية إعادة الإعمار في سوريا، كيانات أجنبية وازنة، قد تستثمر وتستفيد من الخطط العمرانية الكبرى للحكومة السورية. وقد زار عدد من الشركات والمسؤولين الإماراتيين سوريا لهذا الهدف، وأبدوا اهتماماً بالاستثمار في مشروع ماروتا سيتي، وهو مخطط عقاري فخم جنوب غرب دمشق. ومع ذلك، لم تحصل أي استثمارات أجنبية في ماروتا حتى كتابة هذا التقرير)

على عكس مزاعم المسؤولين الحكوميين السوريين، المتكررة بشكل يومي تقريباً، ليست العقوبات ولا ما يسمى بـ "المتآمرين الأجانب" السبب الرئيسي للمشكلات الاجتماعية والاقتصادية التي تواجه البلاد. فالنظام هو الفاعل الرئيسي المسؤول عن هذا الوضع.

أولاً، أدت السياسات الاقتصادية للحكومة السورية إلى إفقار قطاعات كبيرة من السكان السوريين على نطاق واسع، وخاصة منذ أوائل العقد الأول من القرن العشرين. واستخدمت دمشق الحرب لترسيخ السياسات النيوليبرالية الموجودة قبل الحرب، بالترافق مع التدابير التقشفية، وتعزيز الجوانب الاستبدادية والميراثية في النظام، حتى وإن عبر شبكات وشخصيات جديدة في كثير من الأحيان.

وبالتالي, فإن عملية إعادة الإعمار، التي اقترحها النظام في دمشق، تكافئ شبكات من الرأسماليين المحاسيب والحلفاء الأجانب، فيما تعاقب المجتمعات الثائرة السابقة، التي سبق تهميش الكثير منها اقتصادياً قبل بدء الحرب. تعتمد سياسات إعادة الإعمار التي يتبعها النظام حالياً على السياسات التي كانت قائمة قبل الحرب، حيث يركز التطوير على المشاريع العقارية الفخمة على حساب السكان الفقراء والأحياء العشوائية والشعبية. ولن تؤدي هذه السياسات في هذا السياق إلا إلى توطيد سلطة النظام وسيطرته على المجتمع السوري، مع تعميق المظالم السياسية والاجتماعية-الاقتصادية، التي كانت قائمة سابقاً، والتي أشعلت فتيل الثورة في نهاية المطاف 2011[iv].

على عكس مزاعم المسؤولين الحكوميين السوريين، المتكررة بشكل يومي تقريباً، ليست العقوبات ولا ما يسمى بـ "المتآمرين الأجانب" السبب الرئيسي للمشكلات الاجتماعية والاقتصادية التي تواجه البلاد. فالنظام هو الفاعل الرئيسي المسؤول عن هذا الوضع

علاوة على ذلك, فإن الخراب الهائل، والتدمير الواسع النطاق الذي لحق بالمدن والبنية التحتية في سوريا، جرى غالباً بفعل آلة الحرب في دمشق، وبمساعدة من حليفتيها روسيا وإيران. وللتذكير، تسببت الانتفاضة والصراع الدولي الذي تلاها بمقتل أكثر من نصف مليون شخص، ونجم عنهما أكبر أزمة نزوح منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. هناك ستة ملايين سوري نازح داخلياً، وأكثر من 5.6 مليون لاجئ سوري مسجل خارج البلاد. كما يعيش حوالي 90 في المئة من السكان تحت خط الفقر، ويحتاج أكثر من 11 مليون شخص إلى المساعدات الإنسانية داخل البلاد. أما تكلفة إعادة الإعمار فتقدَّر بحدود 400 مليار دولار.

يلزم القول إن هناك جهات فاعلة أجنبية أخرى ساهمت في تدمير البلاد وتهجير العباد، خصوصاً التدخلات العسكرية للولايات المتحدة وتركيا، وبدرجة أقل المعارضة المسلحة والميليشيات الإسلامية والجهادية المتشددة.

تأثير العقوبات على السوريين العاديين

في الوقت نفسه، من المهم التأكيد على الحقائق المتعلقة بدور النظام السوري، مع الاعتراف بأن مشروع قانون قيصر قد يساهم في تكثيف المشاكل الاجتماعية والاقتصادية في سوريا. يمكن لمجموعة العقوبات أن تشارك في ترسيخ إفقار بعض الشرائح في سوريا، وتمثل عقبة أخرى أمام الانتعاش الاقتصادي في المستقبل.

هل ستكون للصين حصة الأسد من إعادة إعمار سوريا؟

22 أيلول 2017
هل يمكن أن تلعب الصين دورا في إعادة إعمار سورية؟ وما هي الدوافع التي قد تدفعها لذلك؟ الباحث الإيطالي يوجينيو داكريما، يحلل في مقاله هذا الدور الصيني في سورية، محاولا...

مثلًا، تفتقد سوريا إلى كمية كافية من الغاز والنفط للاستهلاك المحلي، وتنتج فقط 500 طن في اليوم، ما يعادل 40% من الحاجة المحلية للغاز في سوريا (في أوقات الاستهلاك العادي، علمًا أنّ ذروة الاستهلاك تقارب، خلال فصل الشتاء، 1300 طن في اليوم). كذلك، تواجه سوريا صعوبة في استيراد الغاز نتيجة العقوبات، وفق مدير عمليات الغاز في شركة المحروقات التابعة للدولة في سوريا، أحمد حسّون. تحتاج البلاد إلى 136 ألف إلى 140 ألف برميل في اليوم، لكن لا تستطيع وزارة النفط تأمين سوى 24% من الحاجة الفعلية، وفق تصريحات لصحيفة الوطن اليومية التابعة للحكومة.

لقد عانت البلاد من نقص حاد في النفط بين نوفمبر/ تشرين الثاني 2018 وأبريل/ نيسان 2019، أساساً نتيجة القرار الأمريكي في نوفمبر/ تشرين الثاني 2018 بزيادة الضغط على سوريا، حيث أعلنت واشنطن عن سعيها لفرض عقوبات ضد أي طرف مشارك في شحن النفط إلى سوريا، بما في ذلك شركات الشحن والتأمين، وأصحاب السفن والمديرين والمشغلين. وقد حدثت عدة أزمات غاز حادة كهذه في مناطق مختلفة من البلاد. يحدث هذا أيضاً وسط استمرار احتكارات السوق السوداء غير القانونية، ومشاكل التوزيع بين المؤسسات الحكومية[v].

من هذا المنظور، يُرجح أن يؤدي احتمال معاقبة أي كيان يدعم التوسع في الإنتاج الوطني للنفط والغاز، ووضع عقبات أمام الاستيراد، إلى تعميق هذه المشكلات، وذلك عبر توليد نقص أكبر في هذه الموارد ورفع تكاليفها في السوق. وهذا بدوره ستكون له عواقب وخيمة على السوريين العاديين، وعلى قطاعات الاقتصاد الإنتاجي، مثل الصناعات التحويلية والزراعة (التي تعتمد كثيراً على هذه الموارد) إثر زيادة تكاليف الإنتاج بشكل ملحوظ.

ترسيخ العقوبات العامة الواسعة ضد سوريا، عبر مشروع قانون قيصر، سيؤثر بشكل كبير على استعادة النشاطات الصناعية والزراعية، التي تأثرت أصلاً بالعقوبات الحالية التي فرضتها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي

ترسيخ العقوبات العامة الواسعة ضد سوريا، عبر مشروع قانون قيصر، سيؤثر بشكل كبير على استعادة النشاطات الصناعية والزراعية، التي تأثرت أصلاً بالعقوبات الحالية التي فرضتها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.

يُرجح أيضاً أن تتعرقل جهود إعادة الإعمار، على الرغم من محدوديتها، لأن مشروع القانون يستهدف قطاعي البناء والخدمات الهندسية.

توجد استثناءات إنسانية ضمن العقوبات الحالية، لكن بسبب عدم وضوحها، فإن البنوك وشركات التأمين والشحن وتجار السلع الإنسانية الرافضة للمخاطرة تفضّل في أكثر الأحيان عدم التعامل مع أي شخص أو أي شيء له علاقة بسوريا. علاوة على ذلك، خلقت أنظمة العقوبات المتداخلة الكثير من الشك وعدم اليقين بشأن كيفية الامتثال لجميع التدابير، وقد دفعت هذه الشكوك البنوك والمصدّرين وشركات النقل وشركات التأمين، بشكل كلي تقريباً، إلى عدم مزاولة الأعمال في سوريا، ومن ضمنها الأعمال مع المنظمات غير الحكومية التي تقدم المساعدة إلى المدنيين السوريين.

وشكلت المنتجات ذات الاستخدام المزدوج مشكلة أيضاً. فعلى سبيل المثال، يمكن استخدام أكسيد النيتروز للتخدير في المستشفيات ولصنع القنابل في الوقت ذاته. وتشمل العناصر الأخرى ذات الاستخدام المزدوج الأسمدة الزراعية والمبيدات الحشرية، وبعض أدوات الحفر، والأنابيب، ومنتجات الكلور المستخدمة في تنقية المياه والصرف الصحي (وتُستخدم أيضاً في تصنيع الأسلحة الكيميائية)، ومعدات البناء وأجهزة الكمبيوتر ومعدات تكنولوجيا المعلومات، ومولدات الطاقة.

من المحتمل أن يعزز مشروع قانون قيصر هذه الديناميات، على الرغم من وجود استثناءات (القسم 302) تتعلق بخدمات المنظمات غير الحكومية في سوريا و"قدرة المنظمات الإنسانية على الوصول إلى الخدمات المالية للمساعدة في تسهيل تقديم المساعدة عند اللزوم، بشكل آمن، إلى المجتمعات المحتاجة في سوريا". ومع ذلك، لا يوجد ما يضع حداً لقلة الوضوح حول هذه القضية.

للمنتصرين الأنقاض.. تحديات روسيا في إعادة إعمار سوريا

28 آب 2017
تعمل روسيا على أن يكون لها الحصة الأكبر في سورية، ليس على الصعيد العسكري والسياسي فحسب، بل أيضا على الصعيد الاقتصادي وتحديدا في ملف إعادة الإعمار. إلا أنّ دون هذا...

من المحتمل أيضاً أن يكون القسم 303 من مشروع القانون إشكالياً، لأنه يسمح لواشنطن بتحديد الوسائل المحتملة، بما في ذلك الوسائل العسكرية، لتعزيز حماية المدنيين. التفسير المحتمل لهذه "الأساليب" فضفاض للغاية. لكن ينبغي هنا التقليل من شأن تهديدات التدخل العسكري الكبير في سوريا من جانب الولايات المتحدة، بالنظر إلى أن واشنطن لم تسعَ مطلقاً إلى الإطاحة بالنظام، بل على العكس تماماً، هي بصدد سحب قواتها العسكرية من سوريا.

من الاعتبارات الأخرى التي يجب مراعاتها هو حقيقة أن هذه العقوبات، المدعومة من كيانات أجنبية ومنظمات ونشطاء سوريين يعملون في المنفى، ستزيد فقط الفجوة السياسية مع السوريين داخل سوريا، والذين سيكونون في النهاية هم الذين يعانون من عواقب الحزمة الجديدة من العقوبات. وكما ذكرنا سابقاً، من المحتمل أن تؤدي سياسات النظام الاجتماعية والاقتصادية والسياسية إلى تعزيز التفاوت الاجتماعي والاقتصادي والمناطقي، في جميع أنحاء البلاد، ما يؤدي إلى تفاقم المشكلات التي كانت سبباً للانتفاضة في مارس/ آذار 2011. لقد فشلت معظم المعارضة، حتى قبل عام 2011، في تقديم بديل اجتماعي واقتصادي قابل للاستمرار لسياسات النظام النيوليبرالية (وبالفعل فإن السياسات التي اقترحها المجلس الوطني والائتلاف لا تختلف عن سياسات النظام). كذلك فشل الجزء الأكبر من المعارضة المنفية في معالجة القضايا الاجتماعية والاقتصادية التي كانت في صميم انتفاضة 2011، ولم يقترح برامج سياسية شاملة. إن دعم هذه الهيئات المعارضة لمشروع قانون قيصر قد يعزز افتقارها إلى الشرعية نتيجة تدهور الوضع الاجتماعي والاقتصادي لشرائح كبيرة من السوريين في الداخل جراء مشروع القانون.

خاتمة: الكفاح من أجل المساءلة

يجب أن يكون الكفاح من أجل مساءلة نظام الأسد أولوية مطلقة لجميع التقدميين والديمقراطيين. وتُعتبر الملاحقة القضائية الأخيرة في ألمانيا لضابطَين سابقَين في جهاز المخابرات السورية، كانا متهمَين بارتكاب جرائم ضد الإنسانية، خطوة مهمة إلى الأمام نحو العدالة بسبب الفظائع التي ارتكبها النظام. يجب أن تستمر الجهود في جميع أنحاء العالم لضمان تقديم مرتكبي التعذيب في نظام الأسد، وجميع مجرمي الحرب في سوريا، إلى العدالة.

ناجية من الاعتقال.. لم تنجو من المجتمع

29 أيلول 2018
إنّ استغلال أجهزة المخابرات السورية لمفهوم الشرف في قضية اعتقال النساء، بشكل واعي ومقصود، دفع نسبة كبيرة من الأهالي، بشكل غير واعي وغير مقصود، للتعامل مع بناتهم ونسائهم على أساس...

في السياق ذاته، قد يزيد التمويل الأجنبي لإعادة الإعمار، تحت مظلة الدولة السورية، من احتمالات الهندسة الديموغرافية في المناطق التي كانت تسيطر عليها المعارضة سابقاً (بدوافع سياسية واجتماعية-اقتصادية، وليس بدوافع طائفية، كما يشيع في كثير من الأحيان). هذه العملية، التي بدأت بحملات التهجير القسري وطرد السكان الأصليين، تعززها قوانين عدة سنّتها الحكومة السورية والرئيس الأسد، تعرقل بشدة عودة اللاجئين إلى سوريا. من هذه الزاوية، يهدف مشروع قانون قيصر إلى خلق عقبات في طريق هذه الديناميات، وهو أمر إيجابي، حيث يسعى إلى منع روسيا وإيران من الاستفادة من غنائم الحرب عبر السيطرة على الموارد والبنية التحتية الوطنية.

ومع ذلك، هناك أسئلة يجب طرحها حول فعالية مشروع قانون قيصر في تحقيق هذه الأهداف، وحول استعداد الولايات المتحدة لتحقيق المساءلة واحترام حقوق الإنسان في سوريا، في الوقت الذي تُعتبر فيه حارسة النظام النيوليبرالي والعسكري والسلطوي في المنطقة (عبر دعمها للأنظمة الديكتاتورية). في الواقع، يُمثل قانون إقرار ميزانية الدفاع الوطني 2020، الذي أُضيف مشروع قانون قيصر إليه قبل إقراره، محاولة مستمرة للهيمنة العسكرية الأمريكية.

بالإضافة إلى ذلك، يسمح مشروع قانون قيصر للرئيس الأمريكي باتخاذ إجراءات، ومعاقبة مؤسسات وأفراد محددين، لكنه لا يجبره على القيام بذلك، فهو إذن لا يفرض أية التزامات. وبشكل أعم، يضع مشروع القانون سلطة كبيرة في يد الهيئة التنفيذية في الولايات المتحدة، أي في يد الرئيس.

يتمثل التحدي الأهم اليوم في استعادة الديمقراطيين والتقدميين السوريين استقلالهم الذاتي من الجهات الأجنبية الفاعلة، عبر بناء شبكاتهم الخاصة، وتقديم مشروع ديمقراطي شامل يضم بدائل اجتماعية-اقتصادية واضحة يستفيد منها السوريون العاديون، ويجذب شرائح كبيرة من المواطنين داخل سوريا، واللاجئين والمغتربين

يجب اتخاذ تدابير في إطار مشروع قانون قيصر، والعقوبات بشكل عام، لرفع مخاطر العقوبات المفروضة على السوريين العاديين، والقطاعات المنتجة للاقتصاد، وجهود إعادة الإعمار غير القائمة على أهداف النظام.

في الوقت ذاته، لم يوقف التصويت على مشروع قانون قيصر، في نهاية ديسمبر/ كانون الأول 2019، الهجمات السورية الروسية المستمرة في محافظة إدلب، كما أنه لم يدفع دمشق نحو أي نوع من التسوية مع خصومها السياسيين.

تاريخياً، يندر أن تحقق العقوبات النتائج المتوقعة، أو حتى أي تغيير في سلوك الدولة. وقد أشارت بعض الأصوات إلى "المثال الناجح" في جنوب إفريقيا، حيث فرضت الأمم المتحدة عام 1986 سلسلة من التدابير الاقتصادية العقابية، منها حظر النفط، بهدف إنهاء نظام الفصل العنصري. وفي عام 1991 أُلغي هذا النظام. لكن هذه الرواية الرسمية بعيدة عن الحقيقة، فنظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا تحايل على العقوبات إلى حد كبير، بسبب صلاته الوثيقة بالدول الغربية، والتي قاومت فكرة العقوبات لفترة طويلة قبل فرضها. إن السبب الرئيسي في إنهاء هذا النظام هو، قبل كل شيء، المقاومة الكبيرة والتعبئة الشعبية التي تشكلت ضده بسبب التمرد الذي قاده حزب المؤتمر الوطني الإفريقي وحلفاؤه داخل البلاد، وحملات التضامن الواسعة في جميع أنحاء العالم لمقاطعة نظام الفصل العنصري.

لهذه الأسباب، يتمثل التحدي الأهم اليوم في استعادة الديمقراطيين والتقدميين السوريين استقلالهم الذاتي من الجهات الأجنبية الفاعلة، عبر بناء شبكاتهم الخاصة، وتقديم مشروع ديمقراطي شامل يضم بدائل اجتماعية-اقتصادية واضحة يستفيد منها السوريون العاديون، ويجذب شرائح كبيرة من المواطنين داخل سوريا، واللاجئين والمغتربين. فغياب المعارضة السياسية السورية المنظمة والمستقلة والديمقراطية والشاملة، والقادرة على مخاطبة السوريين العاديين والجهات الاجتماعية الفاعلة، كالنقابات العمالية المستقلة، يصعّب على مختلف السكان الاتحاد وتحدي النظام على نطاق وطني.

المظاهرات الأخيرة في السويداء، احتجاجاً على الوضع الاقتصادي والظروف المعيشية الصعبة، إضافة إلى الانتقادات المتكررة في كثير من المناطق الأخرى في البلاد، والاحتجاجات والاشتباكات المستمرة في درعا ضد قوات النظام، كل ذلك يؤكد هذه الحقيقة: الاحتجاجات مناطقية ولا تنسيق كبير فيما بينها.

(يود المؤلف شكر جلبير الأشقر وجهاد يازجي وروهان أدفاني على تعليقاتهم ومساعدتهم في كتابة هذا المقال)

 المراجع:

[i] لا يعني التصنيف ضمن قائمة الولايات المتحدة للدول الراعية للإرهاب بالضرورة توقف البلاد عن التجارة مع الدول الأخرى.

[ii] شركة تيمبلانك (Tempbank) الروسية، على سبيل المثال، أُدرجت في القائمة السوداء عام 2014 بسبب تزويدها البنك المركزي السوري وشركة النفط السورية "سيترول" بملايين الدولارات، وكلاهما خاضع للعقوبات الأمريكية. لمزيد من المعلومات، راجع:

https://www.syria-report.com/news/economy/caesar-act-meaningful-long-term-consequences-less-important-short-term-impact

[iii] لا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على سوريا نفسها، إذ أن الفيتو الروسي والصيني حالا دون ذلك. إلا أن الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي، إضافة إلى اليابان وكندا وأستراليا وسويسرا والنرويج وتركيا، تفرض كل منها عقوبات أحادية ضد النظام، كما فرضت 22 دولة في جامعة الدول العربية عقوبات ضد سوريا.

[4] توسعت الأحياء الفقيرة في الضواحي بشكل كبير في مع بداية هذا القرن، في حين أدت المضاربات العقارية الحضرية التي أطلقها تدفق رؤوس الأموال الخليجية، إلى جانب توقف ضوابط الإيجار، إلى ارتفاع تكلفة السكن بالنسبة لشرائح واسعة من الطبقة الوسطى. وقد دفع ذلك الكثير من السوريين إلى المناطق الهامشية في المدن، حيث أُجبروا في كثير من الأحيان على العيش في مساكن عشوائية. وأدى هذا الوضع إلى أزمة سكنية ونقص نحو 1.5 مليون منزل عام 2007، حيث أصبحت فئات من السكان بلا مأوى أو تعيش في العشوائيات. كان حل النظام للأزمة هو الاستعانة بمصادر خارجية للقطاع الخاص، وهو ما كان يفعله بشكل متزايد في مجمل منحي الاقتصاد أيضاً، لكن حصراً القطاع الخاص الذي يستثمر في مساكن فخمة تلبي احتياجات السوريين الأثرياء (داخل البلاد والشتات) وغيرهم من الأجانب والسياح. وقد جذبت الاستثمارات في التطوير العقاري الفخم، السياحي والسكني، حوالي 20 مليار دولار منذ بداية العقد الماضي وحتى منتصف 2007، في حين تقدَّر كلفة تحديث كافة المساكن العشوائية في سوريا حوالي 24 مليار دولار.

[v] انظر على سبيل المثال، في درعا:

https://english.enabbaladi.net/archives/2019/12/severe-gas-crisis-in-daraa-syrians-resort-to-firewood-and-electricity/

؛ وحلب:

https://npasyria.com/ar/blog.php؟id_blog=1292&sub_blog=12&name_blog=Domestic%20gas%20crisis%20in%20Aleppo،%20between%20reality%20andicial20

ملاحظة:
تم إجراء تعديل على هذا المقال بتاريخ 26/2/2020، بناء على طلب من الكاتب، حيث تم استبدال المقطع التالي:

"على سبيل المثال، تفتقر سوريا إلى ما يكفي من النفط والغاز للاستهلاك المحلي. فهي تستورد 60 في المئة من احتياجاتها المحلية من الغاز، وتواجه صعوبات في استيراد الغاز نتيجة للعقوبات، وفقاً لمدير عمليات الغاز في الشركة السورية لتخزين وتوزيع المواد البترولية أحمد حسون. تحتاج البلاد أيضاً إلى ما بين 136,000 و140,000 برميل يومياً، فيما لا تستطيع وزارة النفط، وفقاً للبيانات الصادرة في جريدة الوطن اليومية الموالية، تأمين ما يتجاوز 24 في المئة من الاحتياجات الفعلية. وأخيراً يُنتج النظام 17 مليون متر مكعب من الغاز، ويتضمن ذلك 60 إلى 70 في المئة من احتياجاته من الغاز".
بالمقطع التالي: "مثلًا، تفتقد سوريا إلى كمية كافية من الغاز والنفط للاستهلاك المحلي، وتنتج فقط 500 طن في اليوم، ما يعادل 40% من الحاجة المحلية للغاز في سوريا (في أوقات الاستهلاك العادي، علمًا أنّ ذروة الاستهلاك تقارب، خلال فصل الشتاء، 1300 طن في اليوم). كذلك، تواجه سوريا صعوبة في استيراد الغاز نتيجة العقوبات، وفق مدير عمليات الغاز في شركة المحروقات التابعة للدولة في سوريا، أحمد حسّون. تحتاج البلاد إلى 136 ألف إلى 140 ألف برميل في اليوم، لكن لا تستطيع وزارة النفط تأمين سوى 24% من الحاجة الفعلية، وفق تصريحات لصحيفة الوطن اليومية التابعة للحكومة".

مقالات متعلقة

النخبة الاقتصادية السورية: شبكات الحظوة واقتصاد الحرب

16 تشرين الثاني 2016
استراتيجية اقتصادية مسؤولة اجتماعيا هي أمر أساسي للانتقال السوري، علماً أنّ عدم بدء المعارضة السورية بعد بالدخول بنقاشات جدية حول مستقبل الاقتصاد السياسي السوري قد هدّد شرعيتها وحرم النخبة الاقتصادية...
الاقتصاد السوري بين التحرير والصراع

04 كانون الثاني 2017
تبقى التسوية السياسية في سوريا مسألة مبهمة نظرًا لتعقيد شروطها وتوقيتها وشموليتها. إلّا أنّه يجوز النظر إلى الحكومة الانتقالية في إطار هذه الدراسة كمتسلسلة نرى فيها من جهة رؤية النظام...
نظام الأسد ما زال يتكئ على شظايا البرجوازية السنية

02 كانون الثاني 2018
استمر التعاون بين النظام وشظايا البرجوازية السنية والأجيال الجديدة من رجال الأعمال. لقد كان العنصر الأساسي وما يزال هو الولاء، ما عنى اتخاذ تدابير عقابية بحق غير الموالين. إذن، لا...
اقتصاد الحرب السورية

03 أيلول 2019
عمل النظام السوري منذ البداية ببراغماتية كبيرة، فكان سريع التأقلم مع التطورات الكبيرة التي هزت المجتمع السوري، وهزت مؤسساته، وهددت كيانه. واستطاع تجيير موارد الدولة لصالحه فيما يدعم موقفه عسكريًا،...

هذا المصنف مرخص بموجب رخصة المشاع الإبداعي. نسب المصنف : غير تجاري - الترخيص بالمثل 4.0 دولي

تصميم اللوغو : ديما نشاوي
التصميم الرقمي للوغو: هشام أسعد