ماذا يحدث للسوريين في السودان؟

سحب جنسيات من سوريين وفرض تأشيرة دخول عليهم


بعد صدور  قرار وزارة الداخليّة السودانية بسحب الجنسية من الأجانب، إضافة إلى  قرار فرض تأشيرة دخول على السوريين القادمين من سوريا والراغبين بالوصول إلى دولة السودان، بعد أن تمّ فرض التأشيرة على السوريين القادمين من البلاد الأخرى في العام 2018. ثمّة أسئلة كثيرة تطرح، منها: ما أسباب هذه التغيرات؟ وماذا يقف خلفها؟ وهل انتهى شهر العسل الذي حصل خلاله السوريون على تسهيلات ومزايا كثيرة في السودان؟

29 كانون الأول 2020

حكاية ما انحكت

منصة إعلامية مستقلة باللغتين العربية والإنجليزية تقدم وجهات نظر نقدية حول سوريا والسوريين/ات.

"إنّ دولة السودان كانت تعامل السوريين مثلما تعامل السودانيين في الدوائر الرسميّة والمدارس والجامعات، حيث إنّ استخراج أوراق الإقامة لم تكن إلزاميّة، بل إنّ الإقامة كانت تُسمى -إقامة إكراميّة-، وكانت ذات رسوم مخفضة وتستخرج بغرض الدراسة أو إصدار سجل تجاري، إلّا أنّ الإقامة في السودان والعمل فيها لم تستلزم استصدار أيّة أوراق إقامة رسميّة، إضافة إلى ذلك كان تعامل الشعب السوداني مع السوريين من ألطف ما يمكن".

هذا ما يقوله لحكاية ما انحكت، السوري سيف الهاشمي (اسم مستعار) المقيم في السودان منذ العام 2013 وحاصل على الجنسيّة السودانيّة، قبل أن ينقلب الحال إلى العكس بعد صدور  قرار وزارة الداخليّة بسحب الجنسية من الأجانب، إضافة إلى  قرار فرض تأشيرة دخول على السوريين القادمين من سوريا والراغبين بالوصول إلى دولة السودان، بعد أن تمّ فرض التأشيرة على السوريين القادمين من البلاد الأخرى في العام 2018. فما أسباب هذه التغيرات؟ وماذا يقف خلفها؟

أيام العسل السوري في السودان

اللاجئون السوريون في لبنان: الوقائع بعيداً عن الترويج/الشعبوية(1)

31 آب 2016
السجالات الشعبوية، في لبنان وغيره، هي سياسة تشويش: تسعى للفت الانتباه بعيداً عن الأسباب الحقيقية لاستياء الناس وتوجيهه إلى الطبقات الاجتماعية الضعيفة غير القادرة على حماية نفسها.

قبل الآن، كانت السودان من الدول القليلة، وإن لم نقل النادرة، التي ظلّت تستقبل السوريين خلال السنوات الماضيّة دون الحاجة إلى تأشيرة لدخول البلاد، حيث كانت أحوال الكثير من السوريين اللاجئين إلى بلاد السودان، أفضل من أوضاع سوريين آخرين لجؤوا إلى دول أخرى، قريبة أو بعيدة، وذلك حسب شهادات واردة من هناك، حيث استقبل السودانيون السوريين بلطافتهم المعهودة، ومنحوهم حقوقهم الأساسيّة من حق العمل وحق التعليم وحق الطبابة وحق العيش بكرامة، فافتتح السوريون أعمالهم التجاريّة وباشروا عيش حياتهم دون أن يكونوا ورقة سياسيّة يستخدمها السياسيون عند كلّ منعطف، أو على الأقل هكذا بدا الأمر.

أقام السوريون بشكل رئيسي في العاصمة، الخرطوم، وبشكل خاص في مناطق العمارات وكافوري ومربع الرياض، وأنشؤوا الكثير من الأعمال التجاريّة وعملوا بشكل رئيسي في المطاعم والمقاهي وأعمال البناء. مع مرور الوقت ازدهرت أعمال السوريين الذين بدؤوا بالتوافد على السودان منذ العام 2013.

يقول بشر ق. (28 سنة والمُقيم حاليًا في العاصمة الألمانيّة برلين/ وأقام في السودان بين عامي 2017 و2018) لحكاية ما انحكت، إنّ "إجراءات الحصول على الإقامة كانت سهلة وتصدر عن مكتب الأجانب، وبأنّ مدة الإقامة في السودان، حسب هذه الوثيقة، سنة واحدة، تُجدد بسهولة. إلّا أنّ السوريين توجهوا إلى الحصول على الجنسيّة السودانيّة خوفًا من قرارات ترحيل مفاجئة، وخاصة منذ العام 2016". 

حسب دستور البلاد السابق، والذي استبدل لاحقًا بوثيقة دستوريّة، فإنّ السودان تمنح جنسيتها للأجانب ممن أقاموا في البلاد لأكثر من عشر سنوات، إلّا أن الكثير من السوريين الحاصلين على الجنسيّة السودانيّة، حصلوا عليها بقرار مباشر من الرئيس عمر البشير، والذي سقط لاحقًا إثر انتفاضة شعبيّة، دون أن يتمّوا الشرط المذكور، حيث استُثني شرط السنوات العشر وخُفِضَ إلى ستة شهور، وتمّ إنشاء مكتب خاص من أجل ذلك. فضلًا عن ذلك "فقد حصل العديد من السوريين على الجنسيّة السودانيّة دون استيفاء شرط إقامة الشهور الستة، وذلك عن طريق الرشاوى والمحسوبيات"، حسب حديث بشر ق. لحكاية ما انحكت.

حسب دستور البلاد السابق، والذي استبدل لاحقًا بوثيقة دستوريّة، فإنّ السودان تمنح جنسيتها للأجانب ممن أقاموا في البلاد لأكثر من عشر سنوات، إلّا أن الكثير من السوريين الحاصلين على الجنسيّة السودانيّة، حصلوا عليها بقرار مباشر من الرئيس عمر البشير، والذي سقط لاحقًا إثر انتفاضة شعبيّة، دون أن يتمّوا الشرط المذكور

هذا ما أكده الكاتب والمسرحي السوداني حسام الهلالي لحكاية ما انحكت، كما أضاف بأنّ "النظام السوداني السابق، نظام عمر البشير، كان معروفًا بتوجهاته الإسلاميّة والعروبيّة. فقد سهّل خلال سنوات حكمه على العرب وعلى شخصيات إسلاميّة الحصول على الجنسيّة السودانيّة مقابل حرمان لاجئين من دول إفريقيّة، مثل تشاد والنيجر من الحصول على جنسيّة الدولة الجارة".

مع توالي السنوات ازدادت أعداد السوريين في السودان لتصل إلى ذروتها في العام 2016، وتشير الأرقام الرسميّة اليوم إلى وجود حوالي مئة ألف سوري في البلاد، فيما تقدّر وسائل إعلاميّة العدد بأكثر من ذلك، بل وتذكر بعض التقارير إنّ أعداد السوريين في السودان تصل إلى ثلاثمئة ألف سوري، وذلك لأنّ السودان كانت الوجهة الأمثل لكثير من السوريين، وخاصة بعد العام 2014، حين أصبح الوصول إلى دول تركيا ومصر ولبنان أصعب من ذي قبل، ومستحيلًا في حالات عدّة، فتوجّه السوريون إلى السودان بأعداد كبيرة بسبب سهولة الحصول على الأوراق الرسميّة السهلة والمعاملة اللطيفة التي قُوبل بها السوريون هناك.

 


مراحل مختلفة

اللاجئون السوريون في روسيا يستميتون لتحصيل حقوقهم (2)

23 تشرين الثاني 2017
هل يوجد لاجئون سوريون في روسيا؟ كيف يصلون إلى هناك؟ وماهي أوضاعهم؟ وكيف تتعامل السلطات الروسية معهم؟ وما هي قوانين اللجوء في روسيا؟ هنا حوار مع سفيتلانا غانوشكينا وناتاليا غونتسوفا،...

يسرد سيف الهاشمي لحكاية ما انحكت المراحل المختلفة التي مرّ بها السوريون في السودان؛ المرحلة الأولى كانت سنة 2018 حين فُرضت تأشيرة دخول (فيزا) على السوريين القادمين إلى السودان من أيّ دولة غير سوريا. المرحلة الثانية بدأت مع بداية العام 2020، حيث بدأت إجراءات سحب الجنسيّة من الأجانب، ومن ثمّ توقفت الإجراءات بسبب انتشار وباء كوفيد-19. المرحلة الثالثة بدأت في صيف 2020 حين صدر قرار بإلزاميّة المُجنسين مراجعة دائرة الجنسيّة والسجل المدني، ومن ثمّ تم وقف جميع المعاملات المتعلقة بجواز السفر والجنسيّة السودانيّة، التي مُنحت للمُجنّسين، في الدوائر الحكوميّة، وقيل بأنّه توقيف مؤقت، كما تمّ إيقاف عملية تجديد جوازات السفر. المرحلة اللاحقة كانت مرحلة إيقاف سفر المُجنسين، من وإلى السودان، وأخيرًا فُرضت تأشيرة دخول على السوريين القادمين من سوريا أيضًا.

يُكمل سيف الهاشمي قائلًا بأنّ السلطات أعادت بعض جواز السفر لأصحاب رؤوس الأموال والمُستثمرين، فيما ينتظر الآخرون دورهم في فك الحظر عن جوازات سفرهم.



دوافع القرار

في حديثه مع حكاية ما انحكت، يقول الكاتب حسام الهلالي إنّ "حصول غير السودانيين على الجنسيّة السودانيّة حصل في سياق مختلف، فقد كان نظام عمر البشير يمنح الإسلاميين العالميين الجنسيّة السودانيّة، وإنّ قانون سحب الجنسيّة جاء ضمن اتفاقيّة رفع السودان من الدول الراعيّة للإرهاب، والهدف منه هو التحقّق من عدم حصول إسلاميين وإرهابيين على الجنسيّة السودانيّة".

تركيا تستهدف المنظمات الدولية وطلاب وأساتذة الجامعات الأجانب

01 تموز 2017
يعاني اللاجئون السوريون في تركيا من وضع قانوني هش للغاية، رغم أن تركيا من الدول الموقعة على اتفاقية عام 1951 الخاصة بوضع اللاجئين وتستضيف اليوم أكبر عدد من السوريين في...

كما ذكرت العديد من التقارير الإخباريّة، والتي لم نستطع التأكد من صحتها إنّ راشد الغنوشي، القيادي الإسلامي من حزب النهضة التونسي، كان من بين أولئك الذين سُحبت منهم الجنسيّة السودانيّة مؤخرًا، تطبيقًا للقرارات الجديدة.

كما أفادت تقارير إخباريّة إنّ بعض السوريين المقيمين في السودان توجّهوا إلى المحكمة للطعن بقرار وزارة الداخلية، في الوقت الذي قابل سوريون ومهتمون بالشأن السوداني القرار بالغضب والسخريّة على مواقع التواصل الاجتماعي، وعلى سبيل المثال لا الحصر، كتب المخرج السوري جمال داود على صفحته الخاصة على موقع فيسبوك: "السودان أصدرت مرسوم (اليوم) بمنع دخول السوري دون فيزا. وبهيك، بيكون جواز السفر السوري ما بيدخلنا ولا بلد عربي… وحقه بين 300-800 دولار (أمريكي)".

إنّ "سوريي السودان ينتظرون قرارات جديدة تعيد إلى حياتهم سهولتها، وخاصة أنّ كثير منهم يعتبرون أنفسهم من أبناء السودان التي احتضنتهم، يضرهم ما يضرها ويُحسن إليهم ما يفيدُها". هذا ما يقوله سيف الهاشمي خاتما حديثه لنا وآملًا، فهل يتحقّق ما يريد ويتمنى أغلب السوريين أم تنضم السودان إلى الكثير من الدول التي تضيّق الخناق عليهم؟

مقالات متعلقة

النساء اللاجئات بين العوائق ودعم القانون!

19 أيار 2018
لم تكن الحرب وحدها سبباً في هروب النساء من أوطانهنّ، إنّما هربن أيضاً من العنف الأسري والاجتماعي، من العنف الجنسي أوالزواج القسري وزواج القاصر. لكلٍّ منهنّ أحلامها الشخصية والخاصة، ولكن...
في "معنى" أن تعيش في مخيمٍ

08 شباط 2020
الوصول إلى المخيم لا يعني نهاية المعاناة، بل بدايةً جديدةً لمعاناةٍ مختلفةٍ ومديدةٍ. تبدأ تلك المعاناة، مع السعي إلى الحصول على خيمةٍ. وصعوبة هذا الأمر تجعل الخيمة حلمًا كابوسيًّا، أو...

هذا المصنف مرخص بموجب رخصة المشاع الإبداعي. نسب المصنف : غير تجاري - الترخيص بالمثل 4.0 دولي

تصميم اللوغو : ديما نشاوي
التصميم الرقمي للوغو: هشام أسعد