انتشر الطاعون في البداية في أرض الظلام. لم تسلم منه الصين. أصاب الطاعون الهنود في الهند وبلاد السند والفرس وشبه جزيرة القرم. كما فتك الطاعون بالبشر في القاهرة ووصل إلى الإسكندرية. ثم تحول إلى صعيد مصر. هاجم الطاعون غزة وحاصر صيدا وبيروت. بعد ذلك توجه إلى دمشق. هناك تربع الطاعون مثل الأسد على العرش وفرض سيطرته، فقتل يوميًا ألفًا أو أكثر، وفتك بالسكان.
كتب ابن الوردي هذه الكلمات في القرن الرابع عشر قبل وفاته بسبب الطاعون. كان ابن الوردي مؤرّخًا من المنطقة التي باتت تُعرف الآن بشمال سوريا، وصادف أن عايش زمنًا مريعًا وتعيسًا، حين كان "الموت الأسود" (أي الطاعون) يجتاح العالم كرياحٍ موسميّة.
كتبت عالمة النفس والمؤلّفة حلا عليان في شهر نيسان من العام 2020 أنّ الحَجر حرّك فيها رغبة بالتحدّث إلى أسلافها، أولئك الذين عانوا في ظلّ وباء الإنفلونزا الإسبانية؛ وأجدادها والأجيال التي واجهت الإبادة والهجرة. كتبت عليان: "إنّ أكثر مكان يكون فيه التاريخ حيًا هو داخل الأشخاص الذين عاشوه. أريد أن أجمع أسلافي وأعرف كيف نجوا".
في السنوات الأولى من الثورة السوريّة، كان المتظاهرون من شمال غرب سوريا يتوافدون إلى معرة النعمان للمشاركة في تظاهرات يوم الجمعة. لكن، بعد أعوام من العيش في ظلّ قصف النظام، سقطت البلدة بيَد الحكومة التي فرضت سيطرتها من جديد في بدايات 2020. تصوّر مقاطع الفيديو التي شاهدتها أخيرًا المدينة بحلّة متهالكة يطاردها طَيْف رسومات الغرافيتي الثوريّة الباهتة الآن، بينما تتناثر المباني المهدّمة في جميع أرجائها كالبذور.