القارئات والقراء الأعزاء،
منذ نهايات العام الماضي واجهتنا ظروف قاهرة خارجة عن إرادتنا منعتنا من النشر بشكل دوري مثلما اعتدنا خلال السنوات العشر الماضية، وحين قررنا التغلب على الظروف والعودة إلى النشر، ضربنا الزلزال الكارثي الذي لم نستفق من صدمته بعد.
مثل الكثير من المؤسسات السوريّة أو العاملة مع سوريا والسوريين/ات، تأثرت حكاية ما انحكت بالزلزال بشكل مباشر؛ فقد عاملون/ات ومتعاونون/ات معنا بيوتهم وأحبابهم ومعداتهم، وتأخرت بعض مشاريعنا، لذلك قررنا ألّا ننشر شيئًا في الفترة التي تلت الزلزال.
أطلقنا حملة تبرعات ماليّة لدعم صحفيين وصحفيات عاملين/ات في شمال سوريا وجنوب تركيا، هدف الحملة كان دعم خمسة وعشرين صحفيًا دعمًا ماليًا عاجلًا، كخطوة أولى، على أن نحاول التواصل مع الجهات المانحة من أجل تقديم معدّات صحفيّة (كاميرات وأجهزة كمبيوتر وغيرها) للصحفيين والصحفيات العاملين معنا والذين فقدوا معداتهم، كما نحاول التواصل مع جهات أخرى من أجل تقديم الدعم النفسي للصحفيين والصحفيات الذين تأثروا بالزلزال ولديهم الرغبة في مثل هذا الدعم.
اليوم، الخامس عشر من آذار، وبعد مرور حوالي ستة أسابيع على وقوع الكارثة، يصادف الذكرى الثانية عشرة لانطلاق الثورة السوريّة، كما يصادف الذكرى العاشرة لانطلاق موقعنا، قرّرنا العودة إلى النشر الدوري مثلما كنّا.
خلال السنوات العشر الأخيرة نشرنا آلاف المقالات والحكايات والتحقيقات والمقالات التحليليّة والفيديوهات، حاولنا أن نحكي حكاية سوريا والسوريين والسوريات وما يتعلق بهم، حافظنا على استقلاليتنا وعلى استمرارنا بهدف تسليط الضوء على حكايات لم تجد حقها من الحضور والتواجد على وسائل الإعلام الأخرى، حاولنا تقديم أصوات غير مسموعة وتغطية أفعال ونشاطات محجوبة ومهمّشة، حاولنا عكس الحراك الثقافي والمدني والبيئي والإبداعي السوري عن طريق محاولة إنتاج صحافة عالية الجودة.
خلال سنواتنا العشر حافظنا على نهجنا النقدي، وعلى حاجتنا إلى الاستماع إلى أصوات مختلفة، وأيضًا على محاولة تحدي جمهورنا. راقبنا كلّ الحركات والسلطات المسيطرة على سوريا بعين ناقدة، دون أن نفرض أيّ رأي أو توجه أو آراء مسبقة.
استثمرنا في نموذجنا الخاص بالصحافة، دعونا مخرجي ومخرجات الأفلام، والكتّاب والكاتبات، والمصورين والمصورات، وخبراء وخبيرات قضايا النوع الاجتماعي، ونقاد وناقدات المسرح، لتنظيم وتحرير مقالات وملفات تعكس أصواتًا مختلفة ضمن مجالات تخصصهم المباشرة، دون فرض خطوطنا التحريريّة ووجهات نظرنا عليها.
نعود اليوم للنشر، مع العديد من التغييرات في خططنا ومشاريعنا التي ناقشناها وأعددناها خلال الشهور الماضية. نعلم أنّ التحديات المقبلة ما تزال كبيرة، لكننا نعدكم بأنّنا سنحاول الحفاظ على مبادئنا، والإصرار على مهمتنا في تطوير صحافة مستقلة في سوريا وفي المنطقة، وسيكون ذلك دائمًا تحت مظلة العدل والحريّة والكرامة وقيمنا المهنيّة.