”بقعة ضوءٍ على المجتمع المدنيّ السوريّ“، سلسلةٌ تهدف إلى تسليط الضوء على أصوات منظمات المجتمع المدنيّ السوريّ والناشطين/ات والصحفيين/ات، والذين يدافعون عن الحلول الإيجابية وحقوق الإنسان والقيم الديمقراطية والعدالة الاجتماعية، ووضعها في سياقها الصحيح.
السياق:
اندلعت حرائق في الـ 27 من حزيران/يونيو الفائت في بعض القرى بريف اللاذقية وريف حماة، إلا أنها بدأت بالانتشار في الثالث من تموز/يوليو الجاري، بينما تجددت مرة أخرى على نطاق محدود في اليوم الحادي عشر من الحرائق، وتزامن مع ذلك تأكيد الوزير رائد الصالح في 12 تموز/يوليو، قرب السيطرة عليها خلال ساعات وحلّ الأزمة. وقد دفعت وزارة "الطوارئ وإدارة الكوارث السورية" منذ توسّع الحرائق، بفرق الإطفاء لإنقاذ رئة سوريا التي تحترق، وتقليص المساحة الخضراء المتآكلة، في محافظة اللاذقية شمال غرب سوريا.
في اليوم نفسه، أوضح "الدفاع المدني السوري" (الخوذ البيضاء) أنه لا يزال هناك الكثير من العمل الذي ينبغي القيام به: "تبذل فرق الإطفاء الميدانية ضمن غرفة العمليات المشتركة، وبدعم جوي مكثف قصارى جهدها للحد من انتشار الحرائق الحراجية في جبال ريف اللاذقية، وحماية غابات الفرنلق وبرج زاهية والغابات في منطقة جبل النسر، وإنشاء خطوط نار جديدة بواسطة الآليات الهندسية في المناطق والجبال لتمكين وصول رجال وسيارات الإطفاء وخطوط الإمداد والدعم اللوجستي، وسط صعوبات ومخاطر كبيرة بسبب انتشار لمخلفات الحرب والألغام، وهبات الرياح المتقلبة والسريعة التي تزيد من انتشار النيران".
امتدت الحرائق إلى نحو 28 موقعاً، على مساحة تجاوزت 10 آلاف هكتار، وفق ما قالته منظمة "الزراعة والتنمية الريفية SARD" في 7 تموز/يوليو الجاري، متسببة بتحويل أكثر من 100 كيلو متر مربع من الأراضي الحراجية إلى رماد، ما يعني أن الأضرار التي لحقت بمساحة الغطاء الحراجي السوري قد قاربت ال 3%، كما أدت إلى نزوح أكثر من 1200 شخص من القرى التي اقتربت منها.
حصاد الدم: عن مجزرة مشقيتا
07 تموز 2025
وعلى الرغم من الجهود المكثفة التي بذلتها فرق الإطفاء، استمرت حرائق الغابات بالاشتعال في الأيام التالية، وذلك بسبب الرياح القوية والصعوبات اللوجستية المذكورة آنفاً. وبحلول 11 تموز/يوليو، تجاوزت المساحة المتضررة 15 ألف هكتار.
تطلبت عمليات إخماد الحرائق جهوداً كبيرة وتعاوناً واسعاً. شارك أكثر من 150 فريقاً من "الدفاع المدني السوري" وأفواج الإطفاء، إلي جانب فرق من مختلف المؤسسات والوزارات، وبعض المتطوعين. ودعمت الفرق 300 آلية إطفاء وعشرات سيارات الدعم اللوجستي. كما استُخدمت معدات هندسية ثقيلة لتقسيم الغابات إلى قطاعات يسهل الوصول إليها، وفتح الطرق أمام فرق الإطفاء.
وأشاد الوزير رائد الصالح بمستوى التضامن بين السوريين، قائلًا: "أعتقد أننا سنتجاوز الكارثة لأننا نواجهها معًا كسوريين من السويداء إلى حلب، ومن اللاذقية إلى الحسكة".
وثمّن الوزير الصالح الاصطفاف السوري، قائلاً: إنه في "أعتقد أننا سنتجاوز الكارثة لأننا نواجهها معاً كسوريين من السويداء إلى حلب، ومن اللاذقية إلى الحسكة"، وذلك في إشارة لجهود مشتركة تضطلع بها مناطق "الإدارة الذاتية" مع الحكومة في دمشق، على نحو يتخطي الانقسامات و الاستقطاب والتجاذبات.
لكن، الجهود لم تقتصر فقط على سوريا، فقد انضمت فرق إطفاء برية من تركيا والأردن وقطر والعراق، إلى جانب انضمام 16 طائرة من سوريا وتركيا والأردن ولبنان للعمليات.
جنباً إلى جنب، قدمت منظمة "الهلال الأحمر السوري"، مواد إغاثية للعوائل المتضررة من الحرائق في قرى ريف اللاذقية، وساعدت في إخلاء السكان ومواشيهم من المنازل المتضررة. كما نقلت المنظمة المصابين بحالات الاختناق بسبب الدخان الكثيف إلى المشافي، سواء أكانوا من عناصر "الدفاع المدني السوري" أو المشاركين في إخماد الحرائق، إلى جانب تأمين الوقود لصهاريج المياه.
وبالتزامن مع استمرار الحرائق، خصصت الأمم المتحدة 625 ألف دولار أمريكي لدعم جهود الاستجابة الطارئة للمتضررين في مناطق انتشار الحرائق.
وفي الختام، أعلن الصالح يوم 15 تموز/يوليو الجاري عن "السيطرة الكاملة على حرائق محافظة اللاذقية، وذلك بعد 12 يوماً من العمل المتواصل"، وأشاد بالجهد المشترك الذي مكّن من السيطرة على الحرائق، قائلاً: "أتقدم بجزيل الشكر والامتنان لرجال الدفاع المدني وأفواج الإطفاء السوريين، وللأشقاء من تركيا، الأردن، قطر العراق، لبنان، ولكل المتطوعين والجهات الحكومية التي شاركتنا هذه المعركة الصعبة. هذه نهاية مرحلة الاستجابة العاجلة، وبداية مرحلة لا تقل أهمية، حماية الغابات المتبقية واستعادة ما دمرته النيران".
"الوزير المناسب في الوقت والمكان المناسبين"
تفاعل السوريون/ات مع جهود الوزير الصالح، الذي انضم إلى فرق الإطفاء في مناطق الساحل التي اندلعت فيها الحرائق، وصار يدير الأزمة من الميدان. وكانت ثمة حالة إجماع من قبل السوريين/ات وربما لأول مرة بعد سقوط نظام بشار الأسد في الثامن من كانون الثاني/ديسمبر 2024، على أداء وزير بالحكومة، من المؤيدين والمعارضين للسلطات السورية الجديدة بقيادة أحمد الشرع.
وأشاد كثيرون بأداء الصالح خلال الأزمة، حيث تداول السوريون/ات صورة له وهو في قلب الحدث يساند فرق الإطفاء ويدعمهم، فضلاً عن تداول فيديو وهو يركب دراجة نارية للوصول إلى الخطوط الأمامية وتفقد الفرق وتقييم الوضع هناك، نظراً لصعوبة وصول السيارات للمناطق ذات التضاريس الوعرة.
قد تُثير هذه الصور دهشة البعض، لكن رائد الصالح كان عامل الإغاثة الإنساني قبل أن يصبح مسؤولاً حكومياً، وقاد "الدفاع المدني السوري" منذ تأسيسه عام 2013 حتى نهاية آذار/مارس الماضي، حين عُيّن وزيراً في الحكومة السورية الانتقالية.
بقعة ضوء على المجتمع المدنيّ السوريّ: الحلقة الأولى
08 نيسان 2025
و"الدفاع المدني السوري"، هي منظمة إنقاذ إنسانية تطوعية كانت تعمل في المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة السورية، ومن ثم انتقلت لمناطق النظام السوري السابق بعد سقوطه أواخر عام 2024. وفي الثالث من حزيران/يونيو الماضي حلّت نفسها داخل "وزارة الطوارئ وإدارة الكوارث"، وذلك بغية توحيد الجهود وتطوير الاستجابة للطوارئ والكوارث على المستوى الوطني.
تتناول هذه المادة ردود فعل وتفاعل السوريين/ات من الصحفيين والنشطاء والحقوقيين، ومنظمات المجتمع المدني السوري، مع الحرائق الحراجية الضخمة التي اندلعت في غابات اللاذقية. كما ترصد كيف نجحت هذه القضية في إعادة تشكيل مفهوم الوحدة والاصطفاف السوريين في مواجهة الأزمات، والكشف أيضاً عن أزمات على المستوى الإداري والسياسي الرسمي والحكومي.
المثير في الأمر أن جميع المواقف أجمعت على أمر واحد، وهو الاتفاق على الأثر الإيجابي للصالح في أداء دوره، حيث حقق بصمة بارزة ولافتة على مستوى الأداء والدور في إدارة الأزمة رغم تقلده منصبة منذ أشهر معدودة فقط، وهو ما يشي بحاجة سوريا الملحة إلى حكومة تكنوقراط، ولا سيما في المرحلة الانتقالية، التي هي حجر الأساس في بناء سوريا الجديدة، بعيدة عن حكم العقلية الواحدة.
اصطفاف السوريين لمواجهة الكارثة
أثارت الكارثة موجة من التضامن بين الناشطين/ات السوريين/ات، بمن فيهم العديد من المتطوعين، والعديد من الأشخاص الذين قرروا التبرع بالدعم، سواء من الداخل السوري أو خارجه.
كما أخبرنا خلدون النبواني، الأستاذ في جامعة السوربون، فإن الكوارث "تجعل الناس يتعاطف مع بعضهم البعض. ويتقاربون أكثر. وبالتالي ما حصل يعاود في الذاكرة ما جرى أثناء زلزال شباط 2023، بمعنى لم يعد هناك حدود كبيرة أو كلام كثير يذكر عن مناطق النظام ومناطق المعارضة والمحرر أو غير المحرر، الناس في المصائب لا يتم تصنيفهم. لذا، فإن الكوارث توحد السوريين عموماً. بيد أن مشكلة أن ننتظر الكوارث لتوحد السوريين حيث يجب أن يكون هناك تضامن على مستوى مختلف".
وكانت مجموعة من الناشطين/ات، قد أصدروا بياناً مشتركاً بتاريخ 30 حزيران/يونيو 2025 حول الحرائق المستمرة منذ 27 حزيران/يونيو الفائت في منطقة جبل القاهر الحراجي بمصياف، محذّرين من آثار كارثية تطال الإنسان والبيئة والأمن الغذائي. وأكد البيان أن الجهود الأهلية رغم أهميتها تبقى محدودة أمام اتساع رقعة النيران، التي تسببت باحتراق 2500 دونم حتى نهاية حزيران/يونيو الماضي. ودعا الموقعون إلى استجابة رسمية أكثر فاعلية، وكشف أسباب الحرائق بشفافية، إلى جانب تحرّك فوري من المنظمات الدولية والدول المجاورة لتوفير الدعم الفني واللوجستي. كما شدد البيان على ضرورة تأهيل فرق الإطفاء وتحسين التنسيق مع القوى المحلية لضمان استجابة أكثر احترافية مستقبلاً.
كما أصدرت مجموعة أخرى من نشطاء المجتمع المدني، تدعى "سوريون"، بياناً مشتركاً من اللاذقية بتاريخ 8 تموز/يوليو 2025، عبّروا فيه عن قلقهم من اتساع رقعة الحرائق في الساحل السوري، وما تسببت به من خسائر بيئية واقتصادية واجتماعية جسيمة. كما أشاد البيان بجهود "الدفاع المدني"، والوزير الصالح.
ومنذ اتساع رقعة الحرائق في غابات أرياف اللاذقية، أُطلقت العديد من الحملات التطوعية المحلية، وكان من بينهم فريق "كون عوناً" وجمعية "عقمها"، التي تقوم بجمع التبرعات، وذلك لدعم وتمويل وصول صهاريج المياه للنقاط المباشرة لإخماد الحرائق، وتأمين مياه الشرب للقرى المتضررة من الحرائق والتي تعيش بدون مياه منذ بداية الحريق، فضلاً عن تأمين سلال غذائية وملابس وأدوية ومستلزمات طبية للعوائل المتضررة، وذلك بإشراف غرفة العمليات المشتركة التابعة لوزارة "الطوارئ وإدارة الكوارث".
فيما قدمت "جمعية الأيادي البيضاء" الإغاثية، استجابة إنسانية عاجلة، دعمت من خلالها فرق الإطفاء و"الدفاع المدني السوري"، عبر توفير إمدادات لوجستية وإغاثية لتمكينهم من الاستمرار في أداء مهامهم.
بالتوازي مع تصاعد الحرائق، دعت "مبادرة بدايتنا" إلى المساهمة في تغطية نفقات إيصال مساعدات أساسية لرجال "الدفاع المدني"، من ضمنها صهاريج مياه ومواد ضرورية أخرى، والتي من شأنها دعم جهود الإطفاء وتخفيف معاناة سكان المنطقة. وفي هذا السياق، أطلقت المبادرة حملة تبرعات بالتعاون مع جمعية "موزاييك" للإغاثة والتنمية الإنسانية، التي تحركت بفرقها التطوعية وبالمشاركة مع منظمة "أوكسفام" الدولية، للمشاركة ميدانياً في جهود الاستجابة. وسُجلت أيضاً جهود فرق تطوعية أخرى، مثل "فريق الصنوبر التطوعي".
كذلك، كانت هناك مساهمات فردية محلية من قرى الساحل، إذ كانوا يوزعون سلال غذائية على النازحين و المشاركين في إخماد الحرائق.
بقعة ضوء على المجتمع المدنيّ السوريّ: الحلقة الرابعة
02 تموز 2025
على المقلب الآخر، شهدت الساحة العامة في مدينة السلمية بريف حماة وقفة تضامنية نظّمها عدد من المنظمات المدنية مثل (فريق غصون التطوعي، وفريق سنابل التطوعي، وفريق لنبادر معاً)، رافعين لافتاتٍ تعبر عن تقديرهم لجهود "الدفاع المدني"، وفق "جريدة سلمية".
وفي الوقت نفسه، وبينما تُبرز جميع هذه المبادرات الدور الإيجابي الذي تقوم به الفرق على الأرض، وتحشيد الناس لدعم جهود الإغاثة، كشف الناشط المدني، علي الزين، مؤسس مبادرة "أرشيف البذور السورية"، في تصريح لحكاية ما انحكت، إنه بالرغم من الجهود الكبيرة التي بُذلت من قبل العديد من المتطوعين، إلا أن الاستجابة المدنية شابها قدر من الفوضى وسوء التنظيم. وانتقد بشكل خاص، غياب التنسيق المركزي بين فرق المتطوعين، مُعتبراً أن إنشاء منصة موحدة لتوجيه المتطوعين وتحديد مهام واضحة لهم، كان من شأنه أن يُحسّن فعّالية الجهود المدنية ويُخفف العبء عن فرق "الدفاع المدني".
وأشار إلى أن بعض المبادرات كانت تفتقر للجدية، وظهر فيها "نوع من الاستغلال للكارثة". وأضاف: "للأسف، بعض صهاريج المياه رفضت التعاون إلا مقابل مبالغ طائلة، وصلت ما بين 100- 150 دولاراً لنقل المياه من السد إلى نقاط الإطفاء، رغم أن التكلفة الحقيقية لا تتجاوز 20 دولاراً".
ولفت إلى أن هذه الجهود التطوعية لم تكن لتتحقق لولا تبرعات السوريين، سواء من داخل البلاد أو من المغتربين، مضيفاً: "بهذا الدعم، قدرنا نتابع المهمة".
إشادة بدور رائد الصالح وانتقادات للسلطة
الإجماع اللافت على دور رائد الصالح في إدارة الأزمة من بين قطاعات سورية متباينة الاتجاهات، ذات مواقف سياسية مختلفة، يكشف أن "معارضي السلطة ليسوا معارضين مؤدلجين، وبقايا فلول وطائفيين" وفق ما يقول الكاتب والناشط السياسي السوري إياد هريرة، وقال في منشور عبر صفحته في "فيسبوك" إن هؤلاء المعارضة هم فقط "ببساطة معارضي نهج وممارسة"، ويؤكد أيضاً أن "رائد الصالح رجل شغيل وفي مكانه الصحيح كما يجب أن يكون الحال في البلاد وهذا ما يريده المعارضين".
وفي تعليقه لحكاية ما انحكت، يشير إياد هريرة إلى أن "الحرائق سبرت أغوار معضلة لطالما رددها معارضو سلطة الأمر الواقع، وهي أن الأخيرة تفتقد للقدرة والخبرة والمعرفة بشأن إدارة البلاد، وأنها فقط ذات خبرة حربية جهادية، وقد أوتي بها بغرض ضبط الأمن وتأمين المرحلة الانتقالية، فأصبحت تتخذ قرارات ليست من صلاحياتها وعند أول اختبار أمني فشلت كما في الساحل ومع الدروز وفي الهجوم الارهابي على الكنيسة أو اختبار كوارث طبيعية التي لجأت عنده إلى الاعتماد كلياً على وزير في حكومتها لديه خبرة طويلة في الإدارة والاستجابة للكوارث". وعوضاً عن تشكيل هيئة طوارئ واستجابة عاجلة، راحت هذه السلطة ترسل بمقاتليها إلى الساحل لكي (تلاحق الفلول) التي تتهمهم عبر قنواتها الغير رسمية بافتعال الحرائق- في الجبال التي يختبؤون فيها! ويبدو هذا ما يعيد تأكيد أنها سلطة حربية جهادية، يضيف هريرة.
كما أثنت الصحفية والناشطة السياسية، زوزان علوش، على أداء رائد الصالح، مشيدة بموقفه الميداني خلال الاستجابة لحرائق اللاذقية. وكتبت علوش في منشور على "الفيسبوك" أن الصالح اختار أن يكون على الأرض، إلى جانب فرق الإغاثة والمتطوعين، لا في قاعات الاجتماعات أو خلف البيانات الصحفية. واعتبرت أن "حضوره الصادق الخالي من الاستعراض أو الابتذال يعكس فهماً عميقاً لمعنى المسؤولية الوطنية في لحظة هشّة.
الصحفي والناشط السوري، إياد شربجي، يكشف عن جانب آخر في الوزير رائد الصالح، حيث سرد أحد المواقف التي جمعتهما، وتكشف عن طبيعته "المسؤولة" والتي تباعد بينه وبين الاستقطابات السياسية والطائفية المؤقتة والعرضية، ويقول: "هذا الرجل هو ابن الأرض السورية وروحها، إنسان حقيقي لا تعنيه فرقتنا وخلافاتنا، ولا يشارك بأي حديث طائفي، ولا يميز بين السوريين، لدرجة أنه أرسل فرق الدفاع المدني لداخل مناطق النظام السابق وحاضنته لإنقاذ المدنيين خلال زلزال شباط عام 2023".
ويردف: "عندما رأيت صوره يفترش الأرض بين النيران في الساحل، عرفت أنه كان متعباً حقاً، ولا يمثّل دور الوزير المتواضع كغيره، بل هو كما هو وكما عرفناه دائماً...الانسان السوري؛ الرائد والصالح فعلاً".
يوافق خلدون النبواني، الرأي ذاته، قائلاً لحكاية ما انحكت: "ربما ليس متحدثاً جيداً ولكن ليست هذه أهم صفة في الوزير، وبكل الحالات هو يمثل حالة استثنائية في وزارة غير مألوفة أيضاً، وزارة الكوارث، وكأن هذا البلد منذور بالكوارث. وبكل الحالات هو أثبت إلى حد الآن شيء من الإنسانية الواضحة بدون تواضع مبتذل. اليوم ثمة حديث كبير جداً عن تفاهة وزير ثقافة، محمد صالح وتصرفاته المبتذلة وأسلوبه وتقييمه للناس، مثلاً اليوم صنّف دور العلويين ما بين خدم ومجرمين. والحكومة بدمشق عموماً هي غير كفؤة، حيث وضعت فيها العديد من التمثيلات لإرضاء الخارج فقط ودون فاعلية".
بقعة ضوء على المجتمع المدنيّ السوريّ: الحلقة الثالثة
19 أيار 2025
في منشورات عدة عبر "الفيسبوك"، أشاد الصحفي السوري محمد الحاج، بأداء رائد الصالح وفرق "الدفاع المدني"، معتبراً حضورهم الميداني المتواصل منذ اليوم الأول للحرائق نموذجاً في القيادة الميدانية. في المقابل، وجّه الحاج انتقادات لأداء عدداً من الوزارات، وخصوصاً "وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل" بقيادة هند قبوات، التي غابت عن مواقع الاستجابة رغم الحاجة الملحّة لتوفير أماكن إيواء للنازحين المتضررين.
وكتب الحاج منتقداً: "لا يزال رائد، أمير النبلاء، في موقع الحرائق، بينما لم يصل وزير الزراعة إلا بعد يومين، ووزير البيئة بعد ستة أيام، رغم أن أداء وزارته يُعد الأضعف. أما وزيرة الشؤون الاجتماعية، فما زالت خارج البلاد، تشارك في ورش عمل بالأردن، في وقت يحتاج فيه آلاف النازحين إلى تدخل عاجل".
كما تساءل الحاج عن غياب واضح لبعض الجهات المعنية، قائلاً إن الأمم المتحدة تتابع وتخصص دعماً مالياً، لكن لا أثر فعّلي يُذكر لفرق الإسكان أو وزارة الشؤون الاجتماعية والبيئة على مستوى الاستجابة للكارثة، مضيفاً: "نحو 5 آلاف نازح و1601 عائلة متضررة بشكل مباشر، لكن أين تم نقلهم؟ وما هي مراكز الإيواء التي استقبلتهم؟ لا تفاصيل واضحة..".
وبالعودة إلى الناشط المدني، علي الزين، فقد انتقد في الوقت ذاته قرارات الحكومة السورية الجديدة، فيما يخص فصل فرق الإطفاء والإنقاذ على أساس الخلفيات الطائفية، والذي شكّل، وفق رأيه، أحد أبرز العوامل التي أعاقت الاستجابة السريعة للحرائق. وقال في هذا السياق: "أبناء المنطقة يعرفون تضاريس الجبال كما يعرفون كف يدهم، بينما الفرق القادمة من مناطق أخرى واجهت صعوبة في الوصول، وهو ما أدى إلى تعثّر حركة الآليات وتأخّر السيطرة على النيران".
الكارثة يمكن أن تكون فرصة أيضاً
كشفت أزمة الحرائق عن أن الشعب السوري "قادر على التعافي من جراحه" و"أننا مجبورون في النهاية على العيش معاً على أرض واحدة" تقول الصحفية السورية آلاء عامر، لحكاية ما انحكت.
لكن عامر تشكّك في أن تكون الكارثة البيئية التي حدثت ورغم مظاهر الوحدة والاصطفاف بين السوريين، قد "نجحت في إعادة تشكيل مفهوم الوحدة"، وتراه "وصفاً مبالغاً فيه. لكنها أظهرت مبادرات مشجعة ومبشرة". مشيرة إلى أن "التوعية بقضايا البيئة يجب أن تبدأ من المدارس، أي أن تُخرّج المدارس، أطفالاً يحبون وطنهم ويخشون من أي تهديد ضده، وعليه هناك دور على الوزارات القيام به (التربية/ الشؤون الاجتماعية/الزراعة..)".
أما بالنسبة لمنظمات المجتمع المدني، فترى عامر أن ثمة دوراً لها بالتأكيد، لكنه ينبغي أن يكون دوراً تكميلياً و"مرمماً"، ولا يمكن "إلقاء الحمل بالكامل عليها".
قائمة منظمات المجتمع المدني والناشطين الرئيسيين المدرَجين في هذه المقالة:
"جمعية الأيادي البيضاء" الإغاثية
جمعية "موزاييك" للإغاثة والتنمية الإنسانية
وقفة تضامنية تقديراً لجهود عناصر "الدفاع المدني السوري"
الكاتب والناشط السياسي، إياد هريرة
الصحفية والناشطة السياسية، زوزان علوش
الصحفي والناشط السوري، إياد شربجي






