مذ بدأت دولة العراق والشام الإسلامية" المعروفة باسم داعش تفرض مشروعها الإجرامي باسم الإسلام، ولدت مقاومة إبداعية ضدها، فردا على كل خطوة كان هناك رد فعل يتناسب معها، سواء عبر التظاهر المباشر أو الفعاليات أو الغرافيتي واللوحة والفن.
وضمن حملتها ضد المسيحيين العرب الذين وجدوا على هذه الأرض قبل وجود الإسلام نفسه، أقدمت داعش على الضغط عليهم عبر كتابة حرف النون (ن) على أبواب منازلهم في الموصل وفي كل مناطق تواجدها، كإشارة واضحة إليهم على أنهم "نصارى" من جهة، وكتهديد واضح لهم بالرحيل عن تلك البلاد، الأمر الذي استنفر القوى المدنية العلمانية في كل من سوريا والعراق لمواجهة هذا الأمر ولو بأضعف الإيمان! حيث امتلأت وسائل التواصل الاجتماعي ببوستات وتغريدات ترفض هذا الأمر وتدعو لمواجهته، متضامنة مع المسيحيين: أصحاب الأرض الأوائل، لإدراكهم الضمني أن مصيرهم فيما بعد على يد داعش لن يكون أقل من مصير المسيحيين اليوم، لذا رفعوا الصوت عاليا ضد هذه الفاشية المنتمية للقرون الوسطى، إذ بدلوا بروفيلاتهم بصورة عليها حرف النون، وكأنهم يقولون بوجه داعش: كلنا مسيحيون، ما يجري لهم يجري لنا.
ضمن هذا السياق، كتب الكاتب السوري "ياسين الحاج صالح" على صفحته على الفيسبوك: "أنا نصراني" ليبعه آخرون وهم يكتبون بوستات تندد بتصرفات داعش وتتضامن مع المسيحيين.
الفن التشكيلي والغرافيتي كان له حضوره أيضا، حيث تداول الناشطون على صفحات التواصل الاجتماعي غرافيتي "كلنا مسيحيون"، في حين عبّر الفنان التشكيلي "ياسر أبو حامد" عن الأمر بلوحة تدين تفسير داعش للنص الديني وتنتصر للفهم المتنوّر للإسلام وتتضامن مع المسيحيين، حيث استوحى آية من القرآن الكريم تقول "القلم وما يسطرون" ليكتب بجانبها عبارة "السيف وما يذبحون" مرفقة بسيف يأخذ شكل حرف النون، في دلالة لكيفية فهم "داعش" للنص الديني.
وأما الفنان "وسام الجزائري" فقد اختار أن يجسد صلب المسيح في لوحة يتوسطها حرف النون، حيث قال لموقعنا "سيريا أنتولد Syria untold": "في هذه البلاد ولد المسيح و صلب المسيح فهل سوف يقولون للمسيح على صليبه إرحل ؟ و يضعون ذاك الحرف على صليبه".
النون التي أرادتها "داعش" تهمة للمسيحيين العرب وأداة ترهيب لهم، تحوّلت إلى أداة مقاومة لدى الناشطين والمثقفين. إلا أنها بذات الوقت لم تتمكن من منع الموت المحدق بهم حتى اللحظة، إذ لم تكن أكثر من صرخة كي لا يقال يوما أن: أن هذا العار مرّ دون أن يجد من يقاومه على الأقل.