حين لم تجد مجموعة من الناشطات السوريات "منبرا قويّا" للتعبير عن "إرادتهن الحرة في إعلاء صوت المرأة ضد العنف ونبذ الطائفية في سوريا"، ومجالا واسعا وحاضنا لـ "دعم انخراط النساء في العمل السياسي للوصول إلى مواقع صنع القرار وطاولات المفاوضات لتحقيق السلام ودولة المواطنة"، أقدمن على تأسيس "هيئة النساء السوريات" في صيف 2012، بهدف الوصول إلى "سوريا دولة مدنية ديمقراطية تعددية"، من خلال "تحقيق التنمية المستدامة".
فكرة المنظمة بدأت بعد جنوح الثورة للسلاح في عام 2012، وبعد أن رأت مجموعة من المشاركات في مؤتمر للمعارضة في القاهرة "ضآلة حجم التمثيل السياسي للمرأة المعارضة كما المرأة الموالية في كل مواقع صنع القرار، فكان لابد من وجودنا ككتلة نستطيع من خلالها التواصل والتشبيك مع التحالفات والمنظمات والنساء سياسيا ومدنيا وميدانيا" كما تقول الناشطة والمعارضة السياسية و نائبة مسؤولة الهيئة "أمل نصر" لحكاية ما انحكت.
عقدت الهيئة أول مؤتمر لها في القاهرة في نهاية اكتوبر2012 بالتشارك مع منتدى المرأة والديمقراطية ليتم إطلاق ملتقى "سوريات يصنعن السلام"، دون أن تتوقف نشاطاتهن منذ ذلك الوقت، حيث أطلقن في 14 كانون الثاني 2014 مبادرة "نساء سوريات من أجل السلام والديمقراطية" برعاية الأمم المتحدة والمبعوث الدولي السابق الأخضر الإبراهيمي، وذلك بالتعاون مع عدد من المنظمات النسوية والسياسية ونساء مستقلات، إضافة إلى ورشات ومحاضرات كثيرة حول "أهمية الاندماج المجتمعي وانخراط المرأة في الفضاء العام والنضال السياسي، دون تجاهل نضالها في فضائها المجتمعي والقانوني والثقافي والاقتصادي للوصول بشكل جمعي إلى مواقع صنع القرار وتمثيلها تمثيل وازن ومنصف في طاولات المفاوضات، مع كل الأطراف مهما كان انتمائها الفكري أو السياسي، وبالتالي لتكون طرفا فاعلا في مفاوضات السلام وعدم إقصائها من طاولات المفاوضات السورية التي ابتدأت بجنيف 2".
ترى الهيئة أن واقع المرأة اليوم لا يسر، فرغم أن نشاط المرأة السورية قديم وطويل، وحققت إنجازات طويلة عبر مسار نضالها من حيث حصولها على حق الانتخاب منذ خمسينات القرن الماضي ووجودها في البرلمان ومجالس الإدارة المحلية. إلا أن هذه المشاركة كانت شكلية أو "وهمية وكرتونية مثل مشاركة الرجل بسبب سيطرة الأمن على تعيينهم بالغالب" كما تقول أمل، لتستعيد المرأة المبادرة في بداية الثورة من خلال المشاركة الفعالة في المظاهرات والإعلام. ليؤدي جنوح الثورة نحو السلاح إلى إعادة المرأة "مرة أخرى إلى مكامن التقوقع والخوف والهروب من المواجهة بسبب الاعتقال والخطف والقتل والتدمير، ناهيك عن أن النساء السوريات بالداخل والخارج نازحات ولاجئات معارضات ومواليات أصبحن المعيل الأساسي لأسرهن بعد فقدانهن المعيل (أب- أخ – زوج – ابن )، إضافة لمخاوفهن من نظم كسب العيش الغير شرعي في اقتصاد الحرب (تهريب – دعارة – انتماءات وانضمام لمواقع مجهولة التمويل .....الخ ) أدى ذلك كله لتكريس تخلفها مرة أخرى وابتعادها عن العمل السياسي وانتمائها لفضائها الخاص كأسرة فقط"، الأمر الذي يجعل المهام المطروحة أمام الهيئة كثيرة جدا، بدءا من تعليم النساء كيفية إعالة أنفسهن عبر أعمال شرعية، دون أن تنتهي عند تعليمهن كيفية المطالبة بحقوقهن للوصول إلى مراكز القرار أو التفاوض لوضع أرائهن وحقوقهن على الطاولة.
ولأجل تحقيق هذا تشبّك الهيئة عملها مع كل المجموعات والهيئات والمنظمات النسائية التي تشاركها هدفها وعملها، ساعيات للعمل في كل المواقع "داخل سوريا وخارجها في جميع المجالات والمواقع في المناطق تحت سيطرة النظام وخارجه وحتى مع المعتقلات والسجينات والإعلام والمؤتمرات" بهدف إنقاذ ما يمكن إنقاذه في مستوى أول، ولملمة الصفوف وتهيئتها لتكون حاضرة في المستقبل السوري حين تحين صناعته.