لم تكد "علا" تخرج من جراح اعتقال والدها الذي قضى في سجون الدكتاتورية سبع سنوات وهي طفلة، حتى وقعت في حب رجل لم يفعل إلا أن سار على طريق والدها، أليس "كل فتاة بأبيها معجبة"، فتبحث في شاب المستقبل عمن يشبهه بطريقة أو بأخرى؟
رغم أنها وجدته، إلا أنه كان كسراب الواحات، لايمسك إلا ليختفي. وإذا كان السراب بكينونته يعشق الظل واللاوضوح، فإن "رامي سليمان" على العكس تماما، إذ يعشق الضوء والحب والحرية، في حين أن الطاغية يعشق الظلام والموت والعفن، لذا أمر باعتقاله في السابع من تموز عام 2013 على حاجز تابع للجيش السوري على مدخل مدينة يبرود، باترا بذلك أحلام قصة حب ولدت عام 2010 ، إذ كانا قررا أن يكللا حبهما بالزواج الذي لم يكتمل لأن رامي الفلسطيني الأصل والمولد في الحادي عشر من حزيران عام 1978 وخريج كلية التجارة والاقتصاد في جامعة دمشق، لم يتردد لحظة واحدة عن الانضمام لثورة السوريين حين اندلعت، جاعلا من السلمية خيارا حاسما له، رافضا حمل السلاح تحت أية ذريعة، وجاعلا من عمله في مجال التعليم والاهتمام بالأطفال في زمن الصراع أولوية له.
إلا أن كل هذا لم يشفع له عند المستبد الذي يخيفه الصوت السلمي، لإدراكه أنه الأكثر خطرا عليه، ولذا يغيبهم في ظلام السجون، لئلا يكونوا محرضين للجمهور للعمل ضده من جهة، ولئلا يشكلوا بديلا وطنيا عن سلطة مستبدة.
"علا" وأهل رامي لازالوا يبحثون عنه حتى اللحظة، إذ لم تعرف عنه أية معلومة منذ اعتقاله قبل أكثر من سنتين، الأمر الذي يجعل وضعهم على "قلق كأن الريح تحتي" كما قال الشاعر "أبو الطيب المتنبي".
إلا أنه قلق ممزوج بالأمل رغم كل اليأس، أمل أن يطل رامي ذات يوم باسما، متحديا سجانه بزهرة أو ابتسامة، فهذا سلاحه الوحيد. وهو الأمل الذي نجده على صفحة "الحرية لرامي سليمان" على الفيسبوك، إذ لم يفارق الأمل قلوب محبيه وهم ينتظرون، إذ كتب بجانب صورة له: "هيك .. منور و مبتسم و عم تنشر الأمل عند اللي حواليك. هيك إتعودنا عليك, و هيك رح ترجع. ناطرينك بكل الأمل و الحب اللي بتستاهلو, و بكل الثقة بأنك الأقوى"، فهل يرق قلب السجان ويدرك يوما أن رامي ورفاقه لم يكونوا يناضلون إلا لأجل مستقبل آمن لأطفالهم وأطفال السجان في آن؟!