كلما ازداد انتشار العنف في سوريا، تزداد الفعاليات المدنية في حلب، فهذه المدينة التي كانت من أواخر المدن السورية احتجاجاً على نظام البعث، تعود اليوم بعصيان مدني نظمه ناشطون من مجالات عدة، سياسية وعسكرية وإغاثية وإعلامية، حيث قاموا بحرق الإطارات وقطع الشارع الرئيس في حي الفردوس يوم الاثنين 09/11/2015، وذلك احتجاجاً على خطف زملاء لهم من داخل المدينة، كان آخرهم محمد ماهر كرمان رئيس تيار الوعد السوري الذي اختطفته "جبهة النصرة" حسبما صرَّح مجلس ثوار حلب.
في هذه الفعالية، التي تم تناقل أخبارها عبر هاشتاغ بعنوان "حيَّ على خير الشغب"، حرص المحتجُّون على عدم توجيه التهمة إلى أحد بعينه، فقد كانت هتافاتهم ضد الخطف والتسيب الحاصل من قبل عامة الحواجز التابعة للجيش الحر، ما أدى إلى كثرة عمليات الخطف، وهذا التعميم يدل على وعي ودروس تعلمها الناشطون بعد أربع سنوات مرت على أول مظاهرة انطلقت في حلب، وذلك في كلية الآداب/جامعة حلب، الشهر الرابع من عام 2011.
مثَّل المشاركون في هذا العصيان كافة الشرائح الاجتماعية، من الطبيب حتى "الناشط الدرويش" كما كتب الإعلامي وسام خياط على صفحته في فيس بوك، وأبرز الشعارات التي ردَّدوها (خاين خاين خاين، اللي بيخطف ثائر خاين)، وهو يذكِّرُنا بأول هتاف انطلق في دمشق خلال الاعتصام أمام السفارة الليبية في شباط 2011، (خاين يللي بيقتل شعبو)، لكن المُلاحظ من خلال صور النشطاء أنهم يرتدون ثياباً موحَّدة، ما دفع (حكاية ما انحكت) إلى الاستفسار من أحد مؤسسي هذه الفعالية، الناشط محمد زيدان، والذي أجاب بأن الشعارات المطبوعة على ملابس المحتجِّينَ تحملُ علم الثورة في الجهة اليُسرى، ورسم لمظاهرة في الوسط، بالإضافة إلى نسر وخوذة يمثلان الجيش الحر، لكن هذا العصيان لم يحمل أي "لوغو" ولا يتبع أية جهة.
لكن ما سبب اختيار النشطاء للعصيان المدني بالذات؟، ولماذا لم يتظاهروا أو ينظموا اعتصاماً؟، (يقول محمد زيدان لحكاية ما انحكت إن تعرض المدينة المستمر للقصف من قبل الطيران الروسي وطيران النظام الحربي، إضافة إلى اختراق الناشطين أمنياً، كل هذا جعل من العصيان أكثر فعالية، و"نحن مستمرون حتى تلبية مطالبنا و تفعيل حواجز الجيش السوري الحر وإطلاق النُشطاء المخطوفين"، وبينما قام النشطاء بقطع طريق آخر في "جب القبة" خلال اليوم الثاني من العصيان، فإن هذا النشاط ينم عن عودة إلى بدء الحراك السوري من خلال النزول إلى الشوارع التي انطلقت منها الثورة، حتى ولو كان الحراك اليوم ضد الجيش الحر الذي "هو منا ونحن منه"، حسبما أضاف "زيدان".