مَجموعةٌ من الشّباب في بلدة "مصياف" في محافظة "حماة"، لا يتجاوَز عددهُم أصَابِع اليدين، جميعُهم يدعمون الانتفاضة السوريَّة ويؤمنون بمشروعيَّتها ولكنَّ بعضهم لم يتمكَّن من الانتماء إلى الانتفاضة بشكلٍ مُطلق نظراً للضريبة الباهِظة التي يتطلبَّها هذا الانتِمَاء.
ولدت مجموعة "شباب مصياف الثورة"، في نهاية عام 2011 بَعْد اتّضَاح عَجْز المُجْتَمع المدني عن تحقيق إسْهَامٍ حقيقيّ ومَلْمُوس ، ولُجوءُ شعب سوريا إلى الصّيغ والأطُر الأهليَّة نظراً للميَّزات التي توفّرها والتي يمكِنُها أنْ تجابه العنف الإرهابي الذي يستعمله النظام السوري، لتنشأ المجموعة بعد فَشَل مُحَاولات بعض شبابها في الإسْهام في الحراك الثوري المؤسَّساتي نظراً لجنينيَّته وهشاشة رُؤاه وأدواته، كما وُلِدت كاستجابةٍ للحساسيَّات الأهليَّة التي أفرزتها الانتفاضة السوريَّة، وعَمَلَت على التخفيف من الاحتقان الأهلي، كمحاولة لتوسِيع أُفُق هذه الأُطُر الأهليَّة وتجنيبها الحالات الصداميَّة التي يُمْكن أن تتسبَّب في القضاء على السّلم الأهلي والوحِدة الوطنيَّة.
تأسَّست المجموعةُ في مدينة "مصياف" التي تَعكُس حالةً من التّجاور الأهلي والعدوائيَّة الكامنة بين أطيافه، للعمل على بلورة أفقٍ "ينقُلُنا من الفضاء الأهلي وعدوانيَّته الكامنة إلى فضاء المواطنة واحترام الخصوصيَّات الأهليَّة وتثميرها إيجابياً، وقد حاولنا عبر عددٍ من النشاطات نقل وجهة نظر طيف واسع مُتعاطف مع الثورة من أبناء البلدة، وإرساء أرضيَّة لتفهُّم العدائيَّة التي يكنُّها طيفٌ آخر تجاه هذه الثورة وكيفية التعامل معها". هكذا يقول أحد الناشطين في المجموعة لموقعنا سيريا أنتولد Syrian untold. ويُكْمِل في ذلك "نُحَبّذ وصف مجموعتنا على أنَّها ورشة عمل شبابية نظراً لما يوفِّرْه هذا الإطار من مُرونةٍ في العمل ولتلاؤُمه مع الروح التجريبيَّة الشبابيّّة وكي نكون بعيدين عن الصفات التمثيليَّة التي تَسم الأطر العامَّة كالتنسيقيات والمجالس المحليَّة نَظَراً للمسؤوليَّة الكبيرة التي تتطلبَّها هذه الصفات، والتي لا نعتقدُ أنَّه بمقدرونا التصدي لها،.
تتنوَّع نَشاطات المجموعة بتنوُّع مَواهِب وقُدُرات أعْضَائِها، "ساهمنا في العمل الميداني عبر المشاركة في مظاهرات في مناطق متنوّعة من سوريا، كمصياف وقامشلو وعامودا وحماة ويبرود وبرزة وركن الدين وكفرسوسة والميدان وبعض وقفات حملة أوقفوا القتل، وكانت اللافتات دائماً حاضرة في التظاهرات، ساهمنا مع عدد من الشباب الكورد في تأسيس وصل – لجان التواصل العربي الكوردي، وعلى الصعيد الإعلامي أطلقننا صفحة على الفيسبوك ومدونة على بلوغر، قمنا من خلالها بالمساهمة بالتعريف بمصياف والاحتفاء بمنتج الثورة الإبداعي، ونقد انحرافاتها كما قمنا بإطلاق عدد من المُلصقات والغرافيتي. وعلى الصعيد السياسي، اكتفينا بإصدارِ عَدَدٍ من البيانات السياسيَّة وارتأينا الابتعاد عن العمل السياسي المُباشر نظراً لحالته المزرية. أما على الصعيد الثقافي فقمنا بعدد من الحوارات، ابتدأناها بحوار مع المعارض المعروف والمعتقل حالياً فائق المير كما قمنا بإصدار مجلة غرافيتي ( لم نصدر سوى عددين ) وقد حظيت حينها بترحيب واسع حيث بلغ عدد زيارات موقعنا في يوم إصدار العدد الأول ما يقارب الخمسة آلاف زيارة ولكننا لم نتمكن من الاستمرار في إصدارها بسبب صعوبات في الاتصال والتمويل، وعلى الصعيد الإغاثي ساهمنا في عدد من الحملات الإغاثية على الصعيد السوري وشكلنا صلة وصل بين متبرعي مصياف والمنظمات الإغاثيَّة الموثوقة كما قمنا بتشكيل عَدَدٍ من الورش الإغاثية المُصغَّرة لإغاثة نازحي مصياف وعائلات الشهداء والمعتقلين بما يتناسب مع إمكانياتنا الماديَّة المتواضعة".
نظراً لحجم المجموعة المتواضع والإمكانيَّات المحدودة والتمويل الذاتي، لم تتمكَّن المجموعة من إطلاق حملات على الصعيد الوطني، و"اكتفينا بالمشاركة في الفعاليَّات المُطلقة كاحتفالية الشارع، واحتفالية "ثورة من أجل الإنسان الحياة"، وحملة أوقفوا القتل، وغيرها من الحملات التي نظمها شباب الحراك السلمي والمدني.
تمويلُ المجموعة ذاتي بالمطلق، "لم نتلقَّى أيَّ شَكل من أشكال الدعم المؤسساتي ولم نسع بالأصل للحصول عليه، وبالطبع كان يمكن للتمويل أن يسهم في إكساب نشاطنا طابعاً نوعيَّاً، ولكن الطابع غير المؤسساتي الذي يسم "مؤسسات" المعارضة، دفعنا إلى الاكتفاء بنشاطنا المحدود والابتعاد عن مستنقعات الفساد والتبعية".
حلم الناشطين في "شباب مصياف سوريا"هو استرجاع القدرة على الحلم. الحلم في سوريا مستقرة وبلد متقدم.