المصوِّر "حَميد خطيب" من مواليد مدينة حلب عام 1990، بدأ التصوير كناشط إعلامي في مدينة "حلب"، مع بداية الحراك المُسلَّح في المدينة. بَعد فترةٍ من الزّمن تحوَّل من تصوير الفيديو إلى التصوير الفوتوغرافي التوثيقي عن طريق تشجيع الأصدقاء المصوّرين.
مُشاركته الفعليَّة بالانتفاضة السوريَّة بدأت في الشهر العاشر من عام 2011، حيثُ بَدأ بالتظاهر كأغلب السوريين المُطَالبين بالحريَّة بعد إتمام خدمته الإلزاميَّة في "الجيش السوري"، تظاهر بين حلب وريف حلب لمُدَّة سِتّة أشهر، ومن بعدِها غادر سوريا قاصداً "الإمارات العربية المتحدة" للعمل.
ومع دخول "حلب" حراكها المسلَّح عاد لسوريا بطريقةٍ غير شرعيَّة ليمارِسَ دورهُ التوثيقي، وقد شجَّعه أصدقائه المصوّرون على التواصل مع الوكالات الإخبارية العالميَّة حتَّى تَصِلَ الصَّورُ إلى مجالاتٍ أوسع.
بدأَ بالتصوير لوكالة رويترز في مطلع عام 2013، ورأى بأنَّ للصور أثرٌ جيَّدُ، حيثُ اعتقد أنَّه يجب أن يعلم العالم أجمع ما يحصل في سوريا من قتلٍ وتدميرٍ وتهجيرٍ وإرهابٍ ممنهجٍ يقوم به النظام السوري بحقِّ من ناصر قضيَّة الشعب السوري، يقول المصور "حميد الخطيب" لموقعنا سيريا أنتولد Syrian untold:" العلاقةُ بين عملي الحالي والثورة السوريَّة متينة جداً، إذ أنَّه لا يوجد حميد المصور بدون الثورة السوريَّة، رُبَّما بعد أن تنتهي الثورة سيبقى "حميد المصور"، لكنّي لن أنسى أنَّه لولا الثورة السوريَّة لما قابلت زوجتي التي أحِبُّ والصورةُ التي أتمنَّى".
تتميّز صور "حميد الخطيب" بالتقاط اللحظة المأساوية بعدسة قلقة، لا يوجد اتفاق بين العدسة والمشهد، الصدفة هي الرابط دوماً، هنالك صورة ساخرة مثلاً عن أحد عناصر "الجيش الحر" يعزف على آلة الغيتار، للتأكيد على أن الموسيقا ترافق النضال، وثمة صورة أخرى لطفل سوري اسمه عيسى يعمل في مركز لتصنيع الأسلحة في حلب، وصورة أخرى مأساوية مثلاً للمقاتلين في مطار "منغ" العسكري.
وفي لقاءٍ للمصوّر "حميد الخطيب" عندما فازت صورة له بأفضل صور عام 2013 في وكالة "رويترز"، يقولُ:"التقطَتُ هذه الصورة أثناء عملي في توثيق آثار الحروب على الأطفال، لقد كانت قصة عيسى صاحب الصورة واحدة من عدة قصص تمكَّنت من تصويرها عن الأطفال والسلاح في ظل الحروب، لكنّي عدلت عن تفكيري بعد ردَّة الفعل التي صاحبت قصة عيسى، هذه الصورة أثَّرت فيني كثيراً على النحو الشخصي، لأنَّني لم أكن أعرف بأنَّني سأرى كيف تجبر الحروب طفلاً صغيراً على العمل في مصنع تصنيع السلاح، بجانب والده عشرة ساعات في اليوم، ستة أيام في الأسبوع".
لحظاتٌ سيّئة وصعبة كثيرةٌ مرَّ بها "حميد الخطيب"، ولا بدَّ أنَّ أيّ سوري عندما يُسْأل عَن أصعب اللحظات يتبادَرُ إلى ذهنه فوراً لحظات الموت التي نجا منها مُصادفةً، "لا أنسى يوم مجزرة اعزاز بتاريخ 15-8-2011 حيث كنتُ مع عائلتي في المدينة، وأتت الطائرة مُخلّفة خلفها 150 شهيد "وأكثر من أربعين منزل، لا أنسى لحظات قصف مظاهرة بستان القصر بتاريخ 16-11-2012، وأصدقائي أشلائهم مبعثرة على طرفي القذيفة، لا أنسى حينَ أصيبَت زوجتي "نور كلزي" بقذيفة دبَّابةٍ على جبهة الشيخ سعيد بحلب بتاريخ 7-2-2013.
يكمل المصوّر "حميد الخطيب" لنا قصّة نجاته من الموت ، سوريا صُنِّفَت في العام 2013-2014 كأخطر مكان للعمل الصحافي في العالم، لذلك يشرح لنا كيف نجا من الموت في مدينة اعزاز:"بتاريخ 15-8-2012، كان ذلك اليوم الأول الذي أزورُ فيه مدينتي سراقب بعد غياب ثلاث سنوات تقريباً، وهي أوّل مرة سأزورها وهي محرّرة في حياتي، مع بداية المعارك في حلب نزح أهلي على الفور لاعزاز، وأنا بقيتُ في حلب، في ذلك اليوم كنتُ في زيارةٍ لعائلتي، لم أنم في أوّل ليلةٍ لي في المدينة لأني كنت في حالة صدمة من حال الدمار الهائل الموجود في المدينة، عندما انتهيت من استكشاف كل جديد فيها ذهبت للنوم، يقيمُ أهلي مع خمس عوائل من أقاربنا، في منزلٍ مؤلّف من طابقين، فالنساء ينامون بالطايق السفلي والرجال بالطابق العلوي، عند حصول المجزرة كنت نائماً، استيقظت وزجاج النافذة فوقي، أول ما تبادر إلى ذهني في تلك اللحظة، بأنَّ الضربة قد سقطت على المنزل، ركضتُ فوراً لكي أطمئنّ على عائلتي، فوجدت كل النساء والأطفال يبكون معتقدين بأننا استشهدنا في الطابق العلوي، بعد الاطمئنان على سلامة العائلة خرجنا من المنزل لنرى أين أتت الضربة، مكان سقوط القذائف كان في الحي الذي يلينا، عندها جددت الطائرة غارتها الثانية، لم تفعل الغارة الثانية ما فعلته الغارة الأولى، 150 شهيد وأربعين منزل مدمر".
"الحدث، أنا على يقينٍ كامِلٍ بأنَّه لولا الحدث لما وُجِدَت الصورة"، المصور "حميد خطيب" يحاول أن يُكثِّف الألم السوري بشكلٍ حقيقي بعيدٍ عن الصراخ، اللحظة الدمويَّة بعدسةٍ دقيقة، لعلّ الصورة تتمكن من إيصال الرسالة التي عجز عنها السياسيون.