ما بدأ كعمل أفرادٍ تحوّل تدريجياً إلى فريقٍ إعلاميٍ مدني متكامل تجمعه الأفكار والأهداف المشتركة، كل فردٍ كحبة قمح في سنبلة. هكذا تكوّنت مجموعة "قمح" التي تجمع شباناً سوريين متعدّدي التخصص، يتشاركون الحلم نفسه برؤية سوريا ملونة بألوان سورييّها جميعاً.
يركز فريق "قمح" على إنتاج برامج إذاعية وفيديوهات انيميشن ذات طابع توعوي إضافة إلى مناشير وبوسترات فنية تحمل رسائل وأفكار. وتختلف طبيعة الحملات والنشاطات واستراتيجياتها تبعاً لضرورات المرحلة وتحدّياتها وهي تستند بشكلٍ أساسيٍ على الأهداف التي يتطلعون لتحقيقها في دولةٍ حرة، لذا فهي تسعى لنشر القيم الديمقراطية والمدنية ودعم الحريات العامة في سوريا وإعلاء الصوت الليبرالي في سوريا وتجاوز كل التابوهات السياسية والاجتماعية.
وبغية تحقيق الاستقلالية وحرية العمل، بعيداً عن ابتزاز الممولين والمستثمرين وأجنداتهم، تعتمد المجموعة على جهود أفرادها التطوعية في إعداد مشاريعها الخاصة وإنتاج موادٍ إعلامية يتم نشرها بواسطة علاقات أفرادها الشخصية بوسائل الإعلام الداعمة للصوت المدني في سوريا. كما تتعاون المجموعة مع مجموعات مدنية أخرى، وتقدّم مساعدات تطوعية للمجموعات الصديقة التي تتلاقى مضامين وأهداف حملاتها مع مشاريع وتوجهات "قمح".
ومن الحملات الهامة التي نظمتها المجموعة حملة "ثورة بلا بواريد" وهي إحدى المشاريع التوعوية المطروحة ضمن روزنامة أيّام الحرية التي انطلقت في العام 2012، وهي عبارة عن سلسلة ملفات صوتيّة بُثت على راديو 1+1، ففي الحلقة الأولى من السلسلة المعنونة بـ"ليش اللاعنف؟" يتم شرح استراتيجيات اللاعنف والعصيان المدني، كما قدّمت شروحاً لمعنى السّلمية كمنهج تفكير وكإستراتيجية عمل، وعرضاً لتجارب مرّ بها الناشطون في سوريا وتجارب مرت بشعوبٍ حول أصقاع العالم تغلّب فيها اللاعنف على الدبابة وآلة القمع والقتل. ومن هذه التجارب، التي كانت أشبه بالمفاجأت، صبغ البحيرات الدمشقية باللون الأحمر رمزاً لدماء الشهداء، ومفاجأة بوالين الحرية التي حلّقت في سماء دمشق، ومن التجارب الجريئة التي أصابت عناصر الأمن السوري بالارتباك، مفاجأة ماعُرف بخطاب "جينتاو" عندما تم تشغيل مضخمات الصوت لتصدح بأغاني "القاشوش"، المغني السوري الحموي الذي قتل واستأصلت حنجرته، في حاويات القمامة في أهم 9 مناطق رئيسية في قلب العاصمة السورية دمشق.
وفي حلقة "أنا عم ضر الثورة" يتم التأكيد على أهداف الثورة الرئيسية التي خرج من أجلها السوريين وقدموا تضحيات كبيرة، وتنتقد دعوات الانتقام والكراهية وعمليات الخطف التي انتشرت على نحوٍ متزايد ويتم تبريرها بذريعة أنّ النظام يخطف المعارضين، وأنّ هدف الخطف يتمثل بمبادلته بأسرى لدى النظام أو بفدية لتمويل العمليات العسكرية، فتبرير هذه الأعمال يضرّ بالثورة ويجعلها صورة ممسوخة عن النظام وتصرفاته. كما أنّ المظاهرات التي تختصر البلد كله بطائفة أودين أو تلك التي يهين فيها المتظاهرون بهتافاتهم طوائف وأديان أخرى أو يدعمون ويسوّقون شخصياتٍ طائفية تؤذي الثورة التي قامت لأجل الإنسان ولأجل السوريين جميعاً، فأسوأ مايمكن فعله تحويل الثورة إلى صورة عن النظام في عنفه وسلوكه وجعل الخائفين والمترددين يشعرون بأنهم عالقون بين طرفين ظالمين يحتّم عليهم الوقوف إلى جانب أحدهم.
رغم أنّ "قمح" ولدت في قلب الثورة السورية إلا أنّها تعي تماماً أنّ تغيير النظام السياسي قد لايقود بالضرورة إلى تحقيق الأهداف التي رفعها السوريون لذا فإنّها، على عكس العديد من الصفحات والمواقع، لاتُصنّف نفسها على أنها فريق مرتبط بالثورة، "فالتغيير الحقيقي ينبع من المجتمع لا من تغيير كتل سياسية أو عسكرية وإحلال كتل بديلة عنها.." ولابدّ لأي ثورة أن تنتهي يوماً إلا أن المجتمع يبقى حيّاً دائماً.