"المركز السوري المستقل لإحصاء الاحتجاجات"، مركز سوري مستقل يقوم بإحصاء نقاط الاحتجاجات التي تجري في سوريا.
ولأنَّ المركز يقوم بتعداد نقاط التظاهر التي تخرج في سوريا أيام الجمع وغيرها، فإنّ عمل المركز في الوقت الحالي قد قلّ إلى حد كثيرٍ دون أن يتوقف طبعا، بسبب انتشار السلاح والعنف في الساحة السورية، وانتهاءِ فترة التظاهر السلمي. ولكن على الرغم من انتشار العنف، فإنَّ بعض المدن ما زالت تخرج فيها المظاهرات السلمية، التي تطالب سواء برحيل الاستبداد الحالي أو الاستبداد المحلي الناشئ حديثاً، حيث يقوم المركز بإحصاء كل أشكال التظاهر ضد كل أنواع الاستبداد.
أعَضاءُ المركز مجموعَة من الشبّان والشابّات داخِل وخارِج سوريا، مُعظمهم لم يكُن لديهِ خبرةٌ أكاديميّة أو علميّة في التوثيق والإحصاء، ولكن فكرة المجموعة تطوّرت عندما كان أعضاء الفريق يحاولون الخروج بإحصائيّات دقيقةٍ لعدد المظاهرات التي تندلع أيام الجمع، فالعضو الأساسي الأولي في المجموعة هو الذي كان يعمل وحيداً بشكل جدي، إذ كان يستقي معلوماته من الأعضاء وينقّحها على شكل ملف إكسيل، ليسميه أصدقائه "الأب الروحي للمركز".
وبَعْد تمدُّدِ الاحتجاجات وتزايدها كلّ أسبوع بشكلٍ مُضطرد، تواصل الكثيرُ من أعضاء الفريق مع بعضهم البعض، ووحّدوا جهودهم وقرّروا أن يشكّلوا "المركز السوري المستقل لإحصاء الاحتجاجات"، ولكن بعد تأسيس المركز بحوالي شهرٍ واحد، اختفى "الأب الروحي"، وعلم أعضاء الفريقِ لاحقاً أنّه قد تمّ اعتقاله، فأحسّ أعضاء المركز بالضياع والتشتت نتيجة ذلك، ولكن "سرعان ما تجاوزنا الصدمة وبدأنا بتطوير العمل على نفس الخُطى والرؤيا التي وضعناها، وعملنا على تطوير سوية المركز، ومنها تصميم شعار للمركز وعمل صفحة له على موقع الفيسبوك، بالإضافة إلى الاعتماد على الرسوم والتحاليل البيانية، ومن الخطة التطويرية أيضاً أننا عملنا ملفاً باللغة الإنكليزية، واستخدمنا أيضاً الخرائط الحديثة من أجل دراسة تطور الحركة الإحتجاجية السوريّة، ونتيجة ذلك تعرَّفنا على الجغرافيا السوريّة عن قُرب، وانطبعت في ذاكرتنا مواقع البلدات والقرى السورية التي تظاهرت في جميع أنحاء سورية حتى حفظناها عن ظهر قلب. في الشهر الماضي، تم إطلاق سراح صديقنا بعد أكثر من عام من الاعتقال، ولك أن تتخيل سعادتنا وغبطتنا لسماع خبر خروجه سالماً وحماسنا، لاحقاً حين اطّلع على التطورات التي طرأت على المركز في غيابه، كان سعيداً جداً لما حققناه بقدر ما كنا نحن فخورين به ودائمي التفكير بما قد يقوله كلما اتخذنا خطوة جديدة". هكذا يقول أحد أعضاء المركز في لقاء حصري لموقعنا سيريا أنتولد Syrian untold.
تأسّس المركز في العشرين من شهر كانون الثاني من عام 2012، أي تحول العمل من مبادرات فرديّة متفرقة إلى عمل جماعي منظم، وبسبب جدية عمل المركز استطاع أن يكتسب شهرة معقولة مما ضاعف من مسؤوليّة ضرورة التمتع بالمصداقية التوثيقية، والاستقلالية المهنية، لكي يستطيع أعضاء المركز النأي بنفسهم عن التجاذبات السياسية على الساحة السورية، ولنفس السبب بقي أعضاء المركز يعملون بشكل تطوّعي يرفضون فيه كافة التمويلات، وذلك للحفاظ على استقلالية عمل المركز وحريته، وبذلك استطاع المركز أن يستقبل أعضاء من كافة المشارب السياسية، همهم الوحيد هو التوثيق والإحصاء.
عمليّة التوثيق عملية دقيقة ومستمرة، وهي بحاجة إلى الكثير من المراجعة والتدقيق، خصوصاً في ظل واقع سوري يصعب فيه الحصول على المعلومة الدقيقة المؤكّدة، الأمر الذي يجعل أعضاء المركز يضطرون إلى الحذف والتعديل على الملفات الإحصائية عند بطلان صحة معلومة ما أو ورود خبر معلومة جديدة، مصادر المعلومات متعدّدة ومتنوعة، لا توجد طبعاً طرق منهجية توثيقيّة حديثة، معظم المصادر تتسم بالعفوية وبطابع غير رسمي، كأفراد مثلاً شاركوا بالمظاهرات أو فيديوهات مصورة أو صفحات تنسيقيات، ولكن أعضاء المركز يحاول قدر الإمكان أن يتأكدوا من هذه المعلومات ويضعوها في تقارير حديثة تتسم بالرسميّة والمنهجية.
المظاهرات السلمية السورية التي أدهشت العالم برقيّها ونبلها ومدنيتها هي الرسالة التي يعمل من أجلها الأعضاء في "المركز السوري المستقل لإحصاء الاحتجاجات"، آلاف الشهداء الذين سقطوا في تلك المظاهرات في سبيل نيل حريتهم وكرامتهم على يد نظام لا يعترف بوجودهم.
الإخلاص لدماء هؤلاء الشهداء، هذه هي رسالة المركز