وسط استمرار سقوط الضحايا السوريين تحت التعذيب، مع تزايد في أعداد الجهات المعتدية، بدءا من نظام الاستبداد وليس انتهاءا بقوى أخرى أفرزتها الثورة، أطلق مركز "التآخيBiratî للديمقراطية والمجتمع المدني" بتاريخ 26 يونيو 2014، حملة تحت عنوان "لا للتعذيب أينما كان"، وذلك بمناسبة اليوم العالمي لضحايا التعذيب، الذي ولّد فكرة " دعم ضحايانا السوريين، وتذكير من ينساهم بما يعانونه " كما يقول مدير برنامج التوعية الحقوقية للمجتمعات المحلية "أنس حسن" من فريق تآخي لموقعنا "سيريا أنتولد Syria untold".
حدد ناشطو الحملة التي انطلقت في مُدن الحسكة والقامشلي ورأس العين - سرى كانيه، الهدف من حملتهم بلفت الرأي العام إلى ضحايا التعذيب السوريين، و"التواصل مع قوات الشرطة (الأسايش ) ووضعهم أمام مسؤولياتهم" رغم أن القوة الأخيرة توّجه لها اتهامات عدة بأنها تنتهك حقوق الإنسان، في حين يعزو نشطاء الحملة هذا الأمر لقلة الخبرة معتبرين الأسايش "أفراداً تنقصهم الخبرة الحقوقية والميدانية كونهم مؤسسة لم يتجاوز عمرها السنة, وبالتالي في تعاملنا مع هذه المؤسسة نحاول تعريفهم بالحقوق بدايةً، وتواصلنا معهم هو في إطار تعاون لبناء ثقافة حقوقية لديهم, ولسنا في إطار محاسبتهم"، حيث كشف الفريق لنا أن القوة المذكورة ممثلة برئيس المركز العام لأسايش سرى كانيه السيد "حاج حسن عبد الخليل" أبدى استعداده "للكشف عن سجونهم وآليات التحقيق المتبعة لديهم لأي جهة حقوقية محايدة ترغب بذلك".
وضمن هذا السياق أقدم الناشطون على تنظيم زيارات مستمرة طيلة أيام الحملة لمؤسسات المجتمع المدني و المقرات الأمنية للأسايش لوضعهم "أمام المسؤولية الملقاة على عواتقهم من خلال نشر الحملة على حواجزهم, والتواصل مع قياداتهم" حيث أقدم الناشطون على تسليم بروشورات الحملة إلى عناصر حواجز القوات العسكرية في المنطقة .
وتضمنت الحملة نشر بروشورات وبوسترات ولوحات فيليكس وكراسات تثقيفية عن مناهضة التعذيب، حيث أقدم الناشطون على توزيعها على الناس في الشوارع وتعليقها في الساحات والأماكن العامة، داعية الجميع "معا لنقل.. لا للتعذيب أينما كان"، إضافة إلى ترجمة "اتفاقية مناهضة التعذيب" وغيرها من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللا إنسانية أو المهينة إلى اللغة الكُردية وذلك في إطار سعي المركز لترجمة كافة الاتفاقيات الدولية الأساسية لحقوق الإنسان إلى لغات محلية كالكُردية والسريانية. كما نشر المركز على صفحته الرئيسية إحصائيات حول عدد ضحايا التعذيب في سوريا، و أطلع عليها مُعظم من زارهم في المدن الثلاث.
رغم أن المركز يعتبر أن حملته كانت ناجحة لتمكنه من الوصول إلى كافة الفعاليات، إلا أن هذا لم يمنع وجود عوائق أمنية ألغت بعض النشاطات، حيث تم إلغاء ندوة عامة كانت ستعقد في مدينة سرى كانيه - رأس العين, بسبب "سوء الوضع الأمني و حدوث عمليات التفجير بواسطة السيارات المفخخة"، إضافة إلى كون الحملة محدودة بمدن ثلاث فقط.
تعتمد الحملة في تمويلها على المنظمات الدولية فقط، لأنهم يضعون " الاستقلالية نصب أعيننا دوماً" كما يقولون، معتمدين الشفافية في أمر كهذا حيث "تفاصيل التمويل تتضح من خلال التقارير نصف السنوية التي نقوم بنشرها عموماً تباعا ".
"لا للتعذيب أينما كان": صرخة مجتمع باتت ضحايا التعذيب فيه أكثر من أن تحتمل، مجتمع ثار ضد سلطة جائرة لانتهاكها حقوق مواطنيه فإذا به يقع في فخ استبدادات كثيرة، بعضها ناشئ وبعضها متمرس. وهنا يعمل النشطاء على مقاومة المستبد السابق وما يتشكل من جديد سعيا لعقلنته وانضباطه منذ البدء بمفاهيم حقوق الإنسان، سعيا لسوريا لا تعذيب فيها.