أكثر من ثلاث سنوات ونيف مرت من عمر الثورة، ولم ينس النشطاء السوريون زملاءهم المغيبين في سجون الاستبداد. أكثر من ثلاث سنوات سعى الاستبداد خلالها لإدخال النشطاء واستنزافهم في قضايا ثانوية علّهم ينسون قضيتهم الأساس (الحرية) ودفاعهم الدائم عن أصواتهم المغيّبة ( المعتقلون)، إلا أنه فشل. وها هي حملة "انتو الوجع" التي أطلقها راديو "ألوان" لمناهضة التعذيب في سجون النظام و المطالبة بالإفراج عن المعتقلين في سجون النظام السوري والفروع الأمنية بعد ارتفاع عدد المعتقلين والمفقودين إلى أكثر من 200 ألف معتقل ومفقود تؤكد ذلك.
تمتاز الحملة الممتدة من 1 تشرين الثاني حتى 1 كانون الأول 2014 عن مثيلاتها بأنها تتخذ من الراديو منبرا أساسيا لها، فهي "موّجهة بالدرجة الأولى لمستمعي راديو ألوان، لأنها حملة مسموعة تبث موادها من الإذاعة, في المناطق الشمالية من سوريا (حلب و إدلب) وتعمل على تنزيل ما تمّ بثه على صفحة الفيسبوك" التي امتلأت ببوسترات من إبداع نشطاء الحملة، بعضها تتضمن معلومات عن كل معتقل معنونة بـ" الحرية للمعتقل مؤمن رياض تلسماني" مثلا، وأخرى تتغنى بالحرية وتؤكد قدومها إذ كتب على أحدها "من المعتقل إلى الحياة نحو الحرية"، ناهيك عن الحلقات الإذاعية التي تسرد قصص المعتقلين وتجاربهم، حيث حكى عدد من المعتقلين عن أول خمس دقائق عاشوها في الاعتقال.
تستهدف الحملة "شريحة أكبر من المتابعين ونعمل على ترجمة التقارير الموسعة لأكثر من لغة لنشر وفضح الممارسات في المعتقلات ونقل معاناة المغيبين" كما يقول أحد نشطاء الحملة لموقعنا "حكاية ما انحكت".
إضافة إلى توّجه الحملة لمخاطبة الرأي العام العالمي والسوري، فإنها تركز اهتمامها على مخاطبة الرأي العام السوري المؤيد للنظام من خلال إثارة خوف أهالي الأشخاص المسؤولين عن التعذيب من إمكانية الملاحقة في المحاكم الدولية، عن طريق ذكر أسماء وتوثيق كامل للأشخاص في الطبقات الدنيا ممن يمارسون التعذيب في المعتقلات والسجون بشكل مباشر.
أبعد من ذلك لا تكتفي الحملة بالتذكير بملف المعتقلين وإبقائه حيّا للضغط على النظام وجعل قضيتهم قضية رأي عام بشكل دائم، بل تتعدى ذلك للتفكير بالمستقبل، من خلال اللقاءات التي تجريها مع الخبراء والنشطاء العاملين على هذا الملف، للتفكير بكيفية إنهاء ملف المعتقلين والاعتقال السياسي في سوريا.
"جهود صغيرة جدا أمام تضحيات مئات المغيبين بسجون النظام".
هكذا يصف نشطاء الحملة جهدهم. إلا أنه خلف هذا التواضع تكمن جهود جبارة وإرادة حية لازالت تؤمن بمحاربة الظلام، وإبقاء ضوء الحرية نبراسا لهم، لأنه الجذر الأساسي لثورتهم، ولهذا تبقى حرية المعتقلين أحد شروط حرية سوريا، معتبرين أن "ملف المعتقلين سيكون بقعة سوداء في تاريخ سوريا, بظل عائلة الأسد"، ورافعين الصوت بأن "عائلات مئتي ألف معتقل تستغيث بكل المنظمات الدولية وبكل من يستطيع المساعدة, أن أنقذوا أبناءنا"، فهل من يسمع؟