كلما هدأت وتيرة العنف، لا يلبث أبناء حمص أن يعودوا إلى سيرتهم الأولى، تلك السيرة المعنونة بالحياة والإنجازات والإبداع، إذ ما من مدينة سورية عانت من وحشية الحرب كحمص، كما ما من سوريين أصروا على الاستمرار في الثورة كالحمامصة.
في حي الوعر، وبعد أن توقف القصف بالهدنة التي عُقدت في كانون الأول 2015 بين المعارضة والنظام، عاد أبناء الحي إلى تنظيم ماراثون الحرية الذي ضم مئتي مشاركاً من الشباب والأولاد والبنات، حسبما صرح أبو فيصل رئيس المكتب الإعلامي للتجمع المدني في حمص، وقد قطعوا مسافة 1800 متراً.
عادة ما يكون الماراثون سباقاً رياضياً يُنظم كل عام، وينتهي بفوز بعض الرياضيين بالجوائز، إلا أن التجمع أراده إلى جانب ذلك وسيلة لإيصال رسالتين إلى العالم، الأولى إلى نادي الفيفا لمطالبته بإيقاف تنظيم كأس العالم لكرة القدم في روسيا، بسبب القصف الروسي المتواصل للمدنيين السوريين، والثانية رسالة صحية، طالبت الأمم المتحدة بإدخال الأدوية إلى الوعر، فبعد الهدنة، تم إيصال المواد الغذائية والكهربائية والمحروقات، بدءاً 07 كانون الثاني 2016، إلا أن المواد الطبية لم تدخل بعد.
تقول السيدة منال بركات، المقيمة في الوعر لـ(حكاية ما انحكت) إن أصوات الأطفال ملأت الحي، مما أعاد لنا التفاؤل بأن الحياة تستمر على الرغم من كل شيء، وقد شوهدوا من شرفات المنازل المطلة على الشارع المقابل لمدينة المعارض، والذي يصل بين مدرسة الرائدة العربية ومحطة الماجستيك، ثم عادوا باتجاه ملعب الحسن بن الهيثم.
بعد الماراتون، أقيم حفل مقابل الملعب، وُزِّعت فيه جوائز مالية وشهادات على الفائزين بالمراتب العشر الأولى من البنات، والعشرة الأوائل من الأولاد.
إلى جانب الفوائد الصحية لهذا الماراثون، فقد كانت له جوانب إيجابية في تنظيم العمل الجماعي من خلال الرياضة، إضافة إلى إدخال الفرحة لقلوب الأطفال بنشاط حيوي بعيد عن الأحداث، ويُعد هذا الماراثون الثاني من نوعه، حيث سبق وأن نظمه التجمع المدني عام 2014، عندما كان الحي محاصراً من النظام، ويعاني من اشتباكات بينه وبين قوات المعارضة المتواجدة داخل الوعر.
